ففيها ولا شك عقائد سابقة لجميع الأديان الكتابية، وعقائد سابقة لدين الخليل. بل فيها - على رأي بعض الباحثين- بقية من الديانتين المختلفتين في عصر الخليل، لأن الصائبة يدينون بمذاهب مختلفة يرد بعضها على بعض، ولا سيما مذاهب الكواكب والأصنام، مما تواترت الأخبار بالاختلاف عليه بين قوم إبراهيم ومن حاربوهم واضطروهم إلى الهجرة من بلادهم ...
ويقول رايت wright صاحب كتاب المطالعة العربية إن حروفهم الأبجدية تشبه الحروف النبطية، وإن لغتهم تشبه لغة التلمود الذي كتب في بابل، ويقولون هم إن لغتهم الأولى سريانية وإنهم كانوا بمصر على عهد الفراعنة الأول وتلقوا ديانتهم الأولى عن أحبارهم ثم هجروها حين تحول أهلها عن الدين القويم.
والمحقق من أمرهم أنهم يرجعون إلى أصل قديم، لأن استقلالهم باللغة الدينية والكتابة الأبجدية، لم ينشأ في عصر حديث ولهذا يفهم الدارسون للأديان أن تحقيق لغتهم وكتابتهم يؤدي إلى جلاء الغوامض عن كثير من تاريخ الكلدان في الزمن الذي قام فيه الخليل بدعوته، ويؤكد هذا الفهم أن هؤلاء الصابئة يقيمون في الأقاليم الجنوبية من العراق حيث أقام الخليل في رواية العهد القديم، ومنهم فئة تحج إلى حاران التي هاجر إليها، وينسب إليها الصابئة الحرانيون ...
ومع استقلال الصابئة باللغة الدينية والكتابة الأبجدية، يشتركون مع أصحاب الأديان في شعائر كثيرة، ولا يعرف دين من الأديان تخلو عقيدة الصابئة من مشابهة له في إحدى الشعائر. . فهم يشبهون البراهمة والمجوس والأورفيين أصحاب النحل السرية، كما يشبهون اليهود والنصارى والمسلمين، أو كما يشبهون الفلاسفة وأصحاب المذاهب العقلية في تفسير الوجود والموجودات.
وهم كما يشبهون الجميع يخالفون الجميع.
فمن مشابهتهم للبراهمة أنهم يتحرجون من ملامسة غيرهم، ويتطهرون إذا لمسوا غريبًا في