لا يؤمنون بالأنبياء إلا فرقة واحدة تذكر شيئًا وإدريس وإبراهيم ويحيى المغتسل، ويحسبونهم تارة من الأنبياء وتارة من عباد الله الخلص الذين وصلوا بالرياضة والعبادة إلى مقام الزلفى والإلهام.
وقد كان الباحثون يعجبون لتنويه القرآن الكريم بهذه الملة مع قلة عددها وخفاء أمرها، ولكن الدراسات الحديثة بينت للباحثين العصريين شأن هذه الملة في دراسات الأديان كافة، فعادوا يبحثون عن عقائدهم الآن وعقائدهم في عصر الدعوة الإسلامية، وثبت لهم أنها تؤمن بالله واليوم الآخر، وتؤمن بالحساب والعقاب، وأن الأبرار يذهبون بعد الموت إلى عالم النور (آلمي دنهورو) وأن المذنبين يذهبون إلى عالم الظلام (آلمي دهشوخا) ويلبثون فيه زمنًا على حسب ذنوبهم، ثم ينقلون منه إلى عالم النور ..
ولهم كتاب يسمونه (كنزة) ولعله من مادة الكنز التي تفيد معنى النفاسة والكتمان، لأنهم يقدسونه ويخفونه فلا يطلعون أحدًا على أسراره ..
إلا أن المتفق عليه أن اللغة التي كتب بها كتاب الكنزة وغيره من الكتب المقدسة عندهم هي لفة سامية الأصل قريبة من السريانية، وتكفي نظرة في مصطلحاتهم للجزم بهذه التقية ويوجبونها، ومن ذاك أنهم يحرمون الصيام باطنًا كما اشتهر عنهم، ولكنهم يصومون جهرًا، ويروي ابن النديم في الفهرست أنهم يصومون ثلاثين يومًا مفرقة على أشهر السنة، وقد يتنفلون بصيام أيام النسيء الخمسة، ويروى عنهم أنهم يصومون خمسة أسابيع يأكلون فيها الطعام نهارًا وليلًا ويجتنبون أكل اللحوم المباحة لهم وهي غير ذات الذنب، ويقال إن الصيام بنوعيه قديم عندهم ويرجع إلى أيام البابليين. ا. هـ. (إبراهيم أبو الأنبياء).
وبعد:
لقد ذكرنا هذا الوصل ليكون القارئ على بصيرة في فهم موضوع الرسالة، فلقد غلب على عض الناس فهم أن الرسالات لم تكن إلا في منطقتنا من هذا العالم، وهذا غلط، كما أن هناك ناسًا قد يسارعون في نسبة النبوة والرسالة إلى أحد دون تحقيق ودون عرض على