للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} (١).

ويذكر قصة صاحب سليمان إذ أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتد طرف سليمان إليه، ويذكر قصة أصحاب الكهف ونومتهم الطويلة وبقاء حياتهم بلا طعام ولا شراب، وهذه السنة الثابتة تذكر حادثة عمر مع سارية، وإضاءة العصا لأسيد بن حضير وعباد بن بشر، وما رزق الله خبيثاً من الرزق وهو أسير بمكة، ولكن لا تصف أحداُ بالكرامة إلا إذا كان مظهراً للاستقامة.

ومع وجود الكرامة والولاية فلا يتجاوز بالولي مقامه ومؤهلاته، فإن كان أهلاً للإمامة قدم، وإن كان أهلاً للعلم أخذ منه، وما يظهر منه أو له يوزن بميزان الشريعة. فالشريعة معصومة، ومن سوى الأنبياء فليس بمعصوم: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).

لقد كان للخضر مقامه العظيم في الولاية على رأي من يقول بولايته، ولكن الإمامة والرسالة كانت لموسى عليه السلام، فهو الذي طولب قومه بإتباعه والتلقي عنه والأخذ منه، وهذا شيء، وأن تقدم لمن عرفناه بالولاية أو من هو مظنتها الاحترام والأدب والتوقير شيء آخر، فأدبنا مع أمثال هؤلاء مؤكد واحترامنا لهم مطلوب، والمسلم الحكيم يضع كل شيء في محله.

وإذا فما نعرف به الولي: استقامته وظهور الكرامة على يده، وشيء آخر هو حب أهل الصلاح له وثناؤهم عليه.

ولنعد إلى ما بدأنا به هذا الوصل: فالمطلوب هو الوارث الكامل، الذي في صفاته الولاية، ومن صفاته الأخرى العلم والإرشاد، والقيام بمهام الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وبذلك تستقيم الحياة البشرية.


(١) آل عمران: ٣٧.
(٢) الجاثية: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>