شرَّاح السنّة بعض الروايات المذكورة في هذه الفقرة على المأساة التي وقعت للمسلمين على يدي المغول والتتار.
قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود (المجلد الرابع):
قال النووي: معناه ينتعلون الشعر كما صرح به في الرواية الأخرى نعالهم الشعر، وقد وجدوا في زماننا هكذا- انتهى. قلت: رواية مسلم بلفظ يلبسون الشعر ويمشون في الشعر تدل دلالة واضحة على أنه يكون لباسهم أيضاً من الشعر، كما أن نعالهم تكون من الشعر، وهو الظاهر لما في بلادهم من ثلج عظيم لا يكون في عيرها على ما قال ابن دحية وغيره.
وقال القرطبي في التذكرة: والحديث الأوَّل، أي حديث أحمد على خروجهم وقتالهم للمسلمين وقتلهم، وقد وقع ذلك على نحو ما أخبر به صلى الله عليه وسلَّم، فخرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله ولا يردهم عن المسلمين إلا الله حتى كأنهم يأجوج ومأجوج، فخرج منهم في جمادى الأولى سنة سبع عشر وست مائة جيش من الترك يقال له الططر [أي التتر] عظم في قتله الخطب والخطر، وقُضِي له في قتل النفوس المؤمنة الوَطر، فقتلوا ما وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان ومحوا رسوم ملك بني سامان، وخربوا البنيان وأطلقوا الماء على المدينة من نهر جيجان، فغرق منها مباني الدار والأركان ثم وصلوا إلى بلاد نهشان، فخربوا مدينة الري وقزوين ومدينة أرديل ومدينة مراغة كرسي بلاد أذربيجان وغير ذلك، واستأصلوا ساقة من هذه البلاد من العلماء والأعيان واستباحوا قتل النساء وذبح الولدان، ثم وصلوا إلى العراق الثاني وأعظم مدنه مدينة أصبهان ودَور سورها أربعون ألف ذراع في غاية الارتفاع والإتقان، وأهلها مشتغلون بعلم الحديث فحفظهم الله بهذا الشأن أنزل عليهم مواد التأييد والإحسان فتلقوهم بصدور هي في الحقيقة صدور الشجعان، وحققوا الخبر بأنها بلاد الفرسان واجتمع فيها مائة ألف إنسان وأبرز الططر [أي التتار] القتل في مضاجعهم وساقهم القدر المحتوم إلى مصارعهم، فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمي منهم فرار الشيطان في يوم بدر وله حصاص ورأوا أنهم إن وقفوا لم يكن لهم