فائدة: يلاحظ أن النصوص التي تتحدَّث عن خوز وكرمان وعن الترك، تتحدَّث عن أقوام لهم صفات واحدة وهي الصفات التي تنطبق على المغول والتتار، وذلك أنه جرت العادة أن يُطلق اسم الترك على الشعوب التي تقطن وراء جبال القفقاس، وقد قاتل المسلمون بعض هذه الشعوب على أرضها، وأسلمت بعض هذه الشعوب، وبعض هذه الشعوب هربت أمام موجات التتار والمغول وهي مسلمة، فجاءت إلى الشرق كبني عثمان، والظاهر أن النصوص التي تصف الأقوام الغازية بأنهم من خوز وكرمان وتُرْك إنما تريد التتار والمغول، بل إن ابن كثير يذهب في كتابه "النهاية" إلى أن يأجوج ومأجوج هم من التُّرك كما سنرى، وذلك كما قلنا أّخْذٌ من الاصطلاح الذي أشرنا إليه، وينقل ابن كثير في مقطع من كتابه "النهاية" ثلاثة نصوص، نصّاً يتحدَّث عن قتال الترك ويصفهم، ونصّاً يتحدَّث عن خوز وكرمان ويصفهم، ونصّاً مطلقاً يذكر بعض الأوصاف، ثم يعلق ذلك بما يفيد أن هؤلاء جميعاً هم الترك.
وأقول: إن المراد بالترك هنا عندهم هم أهل منطقة ما وراء جبال القفقاس مع أن وراء هذه المنطقة شعوباً متعدِّدة، والذين تنطبق عليهم الأوصاف التي وردت في الأحاديث هم المغول والتتار وهو الذين فعلوا بالمسلمين الأفاعيل، بينما نجد شعوباً أُخرى ممن يُطلَق عليهم اسم الترك دخلوا في الإسلام وحملوه. صحيح أن المسلمين قاتلوا ابتداء هذه الشعوب، لكن لم يدم ذلك طويلاً، وعلى ضوء ما قلناه، فلنفهم من هذه الصفحة من كلام ابن كثير في "النهاية" ومرادنا من نقلها لنثبت ما ذكرنا آنفاً.
قال ابن كثير في النهاية: عن أبي هُرَيْرة أن النبي صلى الله عليه وسلَّم قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزاً وكرمان من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة نعالهم الشعر" أخرجه الجماعة سوى النسائي.
عن أبي هريرة فذكر نحوه. قال سفيان بن عيينة: وهم أهل البارز- كذا يقول سفيان- ولعل البارز هو سوق الفسوق الذي لهم. وقال أحم حدَّثنا عفَّان حدَّثنا جرير بن حازم سمعتُ الحسن حدَّثنا عمرو بن ثعلب سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يقول: