القول على أحد المذاهب، وأولنا الحديث عليه، بقيت المذاهب الأخرى خارجة عن احتمال الحديث لها، وكان ذلك طعنا فيها.
فالأحسن والأجدر أن يكون ذلك إشارة إلى حدوث جماعة من الأكابر المشهورين على رأس كل مائة سنة، يجددون للناس دينهم، ويحفظون مذاهبهم التي قلدوا فيها مجتهد يهم وأئمتهم. اهـ. (جامع الأصول).
أقول: رأس القرن أوله، والظاهر المتبادر من الحدي أن القائم بالتجديد في كل قرن واحد، وهو الذي يغلب على كلام العلماء، ولكن كلام ابن الأثير وجيه، والموضوع يحتاج إلى تحقيق من خلال الواقع، وهذا بحث يستأهل أن يتفرغ له، فتحديد الذين أثروا في تاريخ الإسلام مجددين للهدى وعلى الهدى يضع بيد الأمة ثروة هائلة من القدوة والسوابق، وإذا كان التحديد لا يحتمل المقام هاهنا لكثرة الاختلاف في أهل التجديد، فإننا نكتفي بالقول؛ إن تجديد الإسلام قائم وحاصل يدل على ذلك: وصول هذا الدين إلينا نقياً صافياً، وانتشاره في الأرض طولاً وعرضاً على كثرة الكوارث والأعداء، ونحب أن نلفت نظر الراغبين في التجديد في هذا القرن إلى بعض الملاحظات:
إن على القائمين بالدعوة إلى الله أن يلحظوا ما يحتاجه كل قرن من تجديد، فتجديد كل قرن على حسبه، ولكل قرن جديده الذي يحتاج إلى عمل مكافئ ومناسب، فهناك تجديد علوم الإسلام وهناك التجديد في أساليب العمل لإحياء أسهم الإسلام ومقاماته ومفاهيمه وقيمة، وهناك التجديد الذي تحتاجه المستجدات، فإقامة الجهاد في عصرنا تحتاج من الوسائل والأساليب ما فرضته مستجدات العصر، وإقامة فروض العين وفروض الكفاية تحتاج من الجهد والأساليب والإحاطة والتعبئة ما تقضيه مستجدات كل عصر، وكثيرون من الناس يسيرون على معالم تجديد المجددين في قرون سابقة دون أن يلحظوا المتغيرات والمستجدات والزمان والمكان والبيئة والمعطيات والمتغيرات ونفسيات الناس.
وبعد هذه الملاحظات لابد من الإشارة إلى أن في الحديث معجزة ظاهرة، فلم يزل على رأس كل قرن يظهر من نوابغ الإسلام ومن الحركات الإسلامية والتحركات الجادة لنصرة الإسلام بتأييد الحق والرد على أهل الباطل وإضعافهم ما هو ظاهر واضح، ولكثرة ظهور