للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نفقة الرضاع واجب على وارث المولود له إن لم يكن للمولود مال (١)، وأن تحريم الإضرار - وهو أقرب مذكور - بالأم ومولودها على وارث الأب كذلك (٢)، ولا يختلف أهل العلم باللغة العربية أن "ذلك" إشارة إلى الأبعد (٣)، فصحت في كل ما تقدمها.

ونوقش بما يأتي: أ- إن قول الله تعالى: {وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [سورة البقرة: ٢٣٣] منسوخ. (٤)

وأجيب عنه: بأن هذا كلام تشمئز منه قلوب الغافلين، وتحتار فيه ألباب الشاذين، وذلك أن العلماء المتقدمين من الفقهاء والمفسرين كانوا يسمون التخصيص نسخًا؛ لأنه رفع لبعض ما يتناوله العموم مسامحة، وجرى ذلك في ألسنتهم حتى أشكل ذلك على من بعدهم. (٥)

٥ - قول الله تعالى: {وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [سورة الطلاق: ٦]؛ فأوجب الله النفقة للمبتوتة التي لا نفقة لها إذا كانت حاملًا، فإذا وضعت وأرضعت كان لها نفقتها في ذلك أيضًا كما يكون لغيرها من المراضع من الأجر؛ فإن تعاسر الرجل والمرأة في رضاع ولدها منه، فامتنعت من رضاعه؛ فلا سبيل له عليها، وليس له إكراهها على رضاعه، ولكنه يستأجر للصبي مرضعة غير أمه البائنة منه (٦)، ولو لم يكن الرضاع واجبًا على أم المولود ما ذُكر الحكم في حال الاختلاف والتعاسر في أن أخرى ترضع له عندئذ، ولو كان ثمَّ أجرٌ لكل مرضعٍ بعقد إجارة إزاء ما ولد لها - وهي في عصمة أبي الرضيع - إضافة إلى النفقة المعتادة التي تستحقها في رضاعها؛ ما نص على إيتاء المطلقات ما لهن من أجور إزاء رضاع أولاد من طلقهن؛ قال ابن زيد في تفسير هذه الآية: وهذا بعد


(١) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٤/ ٢٣٠ - ٢٣١، ٢٣٤). القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٨).
(٢) ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٨، ١٧٠).
(٣) ينظر: ابن حزم: المصدر السابق، (١٠/ ٤٣٨).
(٤) ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٩).
(٥) ينظر: القرطبي: المصدر السابق، (٣/ ١٦٩).
(٦) ينظر: ابن جرير: المصدر السابق، (٢٣/ ٦٤ - ٦٥، ٦٧).

<<  <   >  >>