للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - تناول موانع در الحليب؛ فمن أوجب الرضاع على المولود لها؛ لم يجز لها أن تتناول ما يمنعه؛ لأنه في مقام الامتناع عن الإرضاع، وما لا يتم أداء الواجب إلا بتركه؛ فهو محرم (١)، ومن لم يوجب الرضاع؛ لم يمانع في تناولها تخريجًا على قوله؛ ومن أوجبه بقيد؛ ليتخرج من قوله أنه لا يمانع بتناولها إذا لم يتحقق قيد الإيجاب عنده.

- سبب الخلاف: يعود سبب الخلاف هنا إلى الخلاف في مسائل أخرى، منها:

١ - التلازم بين الإرضاع والحضانة؛ هل يلزم أحدُهما الآخر منهما؟

فمن أدخل الرضاع في الحضانة عند إطلاقها بحيث يلزم المستأجرةَ للحضانةِ الرضاعُ - وهم الحنفية (٢) والحنابلة في وجه (٣) -؛ أوجب على أم الرضيع إرضاعه ولو لم تكن ثمَّ أجرة؛ لأنه ليس للحضانة أجرة خاصة، وإنما هي النفقة العامة، المقدرة بقدرها العرفي في كل حين، ومن رأى أنه لا تلازم بين المفهومين - الإرضاع والحضانة - بحيث لا يدخل الرضاع في مفهوم الحضانة عند إطلاقه - وهو ما صرح به الشافعية (٤) والحنابلة (٥) -؛ لم يروا من الرضاع واجبًا على الأم كسائر ما يدخل في الحضانة؛ من تربية الصبي وحفظه، وجعله في سريره وربطه، ودهنه وكحله، وتنظيفه، وغسل خرقه، وأشباه ذلك، بل عدوه منفصلًا، ولذلك نص طائفة منهم على أن لا مانع من نزع المولود من والدته إذا وجد الزوج من يتبرع بإرضاعه، ويعاد إليها للحضانة.

والتحقيق أن الرضاع يدخل في مفهوم الحضانة دخولًا أوليًا؛ إذا كان المحضون رضيعًا؛ لأنه إذا أمكنه الاستغناء عن الربط والدهن وجعله في السرير وغير ذلك من معاني الحضن، فإنه لا يعيش إلا بالرضاع في العادة، والحضانة مشتقة من الحضن، وهو ما تحت الإبط وما يليه، وسميت التربية حضانة تجوُّزًا؛ من حضانة الطير لبيضِه وفراخه حين يجعلها تحت جناحيه (٦)؛ هذا في العرف الشرعي الموافق للوضع اللغوي، فأما إن تعذر الرضاع على الأم ووقع عقد


(١) ينظر: ابن النجار الفتوحي: شرح الكوكب المنير (ص ٣١٤، ٣١٦).
(٢) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (٨/ ٧٣).
(٣) ينظر: المرداوي: تصحيح الفروع (٧/ ١٤٨).
(٤) ينظر: الشربيني: المصدر السابق، (٢/ ٤٤٣ - ٤٤٤). الجمل: المصدر السابق، (٤/ ٥١٤).
(٥) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (٨/ ٧٣). المرداوي: المصدر السابق، (٧/ ١٤٨).
(٦) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (٨/ ٧٣).

<<  <   >  >>