للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - إن النهي عن استرضاع الفاجرة أو غير المسلمة يقتضي فساد ما ترتب عليه من الحكم بثبوت الأمومة الرضاعية.

ويمكن أن يناقش بما يأتي: أ- إن النهي للكراهة لا التحريم، والنهي لا يتناول الكراهة.

ويمكن أن يجاب: بأن مقاصد الشريعة وأصولها شاهدة لهذا المعنى؛ حيث الأمرُ بالظفر بذات الدين، والتخيُّرُ للنطف، وذلك في الأم النسبية، وكذلك فليكن في الأم الرضاعية.

ب - إن ما جاء في ذلك من الأحاديث والآثار لا تخلو أسانيده من مقال أو ضعف ظاهر.

ج - إن النهي - على التسليم به - ورد هنا لوصف ملازم للمنهي عنه - الذي هو الاسترضاع من غير المسلمة أو الفاجرة -، والوصف الملازم هو الكفر أو الفجور، وما كان كذلك لم يثبت أثره الفسادي في غير العبادات على أقل تقدير؛ لأن فساد الشيء عبارة عن سلب أحكامه، وليس في لفظ النهي ما يدل عليه لغةً؛ قطعًا، ولا شرعًا؛ لتغاير المتعلِّقَين. (١)

أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:

١ - قول العمرين ابنِ الخطاب (٢) وابنِ عبد العزيز (٣): اللبن يُشبِه؛ فلا تسق من يهودية، ولا نصرانية، ولا زانية.


(١) ينظر: ابن الحاجب: منتهى السول والأمل في عِلْمَي الأصول والجدل (ص ٩٦ - ٩٧). الشوكاني: إرشاد الفحول (٣٨٦ - ٣٩٠).
(٢) سعيد بن منصور: المصدر السابق، (١/ ٢٨٣، ٢/ ١٤٧)، برقم (٩٩٧، ٢٢٩٩)؛ من طريق سفيان - هو ابن عيينة -، عن عمر بن حبيب، عن رجل من كنانة أراه عتواريًّا؛ قال: جلست إلى ابن عمر، فقال: أمن بني فلان أنت؟ قلت: لا، ولكنهم أرضعوني. قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: إن اللبن يشتبه عليه ا. هـ، ورواه مرة أخرى بالسند نفسه، بلفظ: إن اللبن يشبه عليه ا. هـ البيهقي: السنن الكبير (١٦/ ٤٤)، برقم (١٥٧٧٦)؛ من طريق أبي الحسن بن أبي المعروف الفقيه، عن بشر بن أحمد الإسفراييني، عن أبي جعفر أحمد بن الحسين بن نصر الحذاء، عن علي بن عبد الله المديني، وسفيان بن عيينة؛ به، باللفظ الثاني، وهو مورَدٌ عنده في السنن الصغير (٣/ ١٨٠)، برقم (٢٨٧٤)؛ بلفظ: اللبن يشبه عليه ا. هـ، وأما زيادة "فلا تسق من يهودية ولا نصرانية"، فقد قال عنها الألباني بعدما أورد الأثر بلفظ: " اللبن نسبة؛ فلا تسق من يهودية، ولا نصرانية ": لم أقف عليه الآن ا. هـ، وتعقبه الطريفي بقوله: هكذا في كتب الشروح ... ، ولعل هذا القول من بعض الأئمة الفقهاء المتقدمين؛ عقَّب به على أثر عمر شارحًا لمعناه مستدلًا به، فتتابع الفقهاء المصنفون على نقله، ولهذا نظائر في كتب الفقه ا. هـ عبد الرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٤٧٧)، برقم (١٣٩٥٣)؛ من عمر بن حبيب، عن شيخ؛ أنه جلس إلى ابن عمر، فقال: أمن بني فلان؟ قلت: لا، ولكنهم أرضعوني. قال: أما إني سمعت عمر يقول: إن اللبن يُشبه عليه ا. هـ
ينظر: عبدالرزاق: المصدر السابق، (٧/ ٤٧٦)، برقم (١٣٩٥٣). سعيد بن منصور: المصدر السابق، (٢/ ١١٦، ١٢٣) برقم (٢٢٩٩). البيهقي: المصدر السابق، (٧/ ٤٦٤). ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٦). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٨٤). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٩). الألباني: إرواء الغليل (٧/ ٢١٨). عبد العزيز الطريفي: التحجيل (ص ٤٧٣).
(٣) البيهقي: المصدر السابق، (١٦/ ٤٥)، برقم (١٥٧٧٨)؛ من طريق أبي الحسن، عن بشر، عن جعفر الحذاء، عن علي بن المديني، عن عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن عمر بن عبد العزيز، بلفظ: اللبن يشبه عليه ا. هـ، وهو مورد عنده في السنن الصغير (٣/ ١٨٠)، برقم (٢٨٧٤).

<<  <   >  >>