للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيل: تجب الزكاة في الحُليِّ، فقال: إن كان لامرأةٍ مسلمة ليس عليها دين حالٌّ لآدمي يُنْقِصُ زكاةَ المال عن أن يكون نصابًا، وحالَ عليه حولٌ لم يخرج عن ملكها ويدُها ثابتةٌ عليه؛ وجَبَتْ فيه الزكاة = كان ذلك لُكْنَةً وعِيًّا ا. هـ (١)

أدلة القول الثالث: استدل أصحاب القول الثالث بما يأتي:

١ - إن الإجراءات المذكورة تزيل عامل الجهالة في اللبن المحذور، وبذلك ينتفي المحذور. (٢)

ونوقش بما يأتي: أ- إن هذا الضبط وإن كان يحصل به نشر الحرمة، إلا أنه لا يبرر إنشاء هذه البنوك وسقاية الأطفال منها؛ للمحاذير الأخرى المتنوعة. (٣)

ونوقش بما يأتي: أ- إن الوثائق المقيدة عرضة للتلف والضياع. (٤)

ويمكن أن يجاب: بأن الله تعالى ما جعل علينا في الدين من حرج؛ فقال: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [سورة البقرة: ٢٨٦]، وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [سورة التغابن: ١٦]، وفرض مثل هذه الاحتمالات الشاذة مما يعسر الجواب عنه؛ لفسادها في موطن الاحتجاج والاستدلال، وحال المناقش لا يختلف عن حال من يحرم بيع العنب أو زراعته مطلقًا؛ خشية تعرضه للتخمير، وهذه الذريعة حكي الإجماع على فتحها (٥).

- الترجيح: يتوجه كون الخلاف لفظيًّا؛ لأن الذي حمل المانع - فيما يظهر - على عدم الحكم بالجواز ليس هو أنه - مثلًا - لا يشترط التقام الثدي لثبوت التحريم بالرضاع، ولا أنهم لا يقرون بحليب الآدمية المخلوط ناشرًا للتحريم ما دام إطلاق الحليب عليه باقيًا، بل هو التطبيق الواقعي في البلاد الكافرة، ومعلوم أنه لا يمكن تأصيل الحكم على عموم فكرة البنوك الحليبية من خلال تطبيق مؤسسة أو أخرى لا تدين بالإسلام حاكمًا؛ بل ينبغي أن يكون الحكم على حدة في كل حالة عرض لها ما يخالف الحكم الأصلي، وإذا بات اختلال الشرط ظاهرة؛ فلا ينبغي أن يحكم على أصل الفكرة بذلك لمن أراد نمذجتها على نحو ما


(١) تقي الدين ابن تيمية: تنبيه الرجل العاقل على تمويه الجدل الباطل (٣٣٢ - ٣٣٣).
(٢) ينظر: د. أمل الدباسي: المصدر السابق، (٢٦/ ٤٨٧).
(٣) ينظر: د. أمل الدباسي: المصدر السابق، (ع ٢٦/ ٥١٢).
(٤) ينظر: د. أمل الدباسي: المصدر السابق، (٢٦/ ٤٨٧).
(٥) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٣/ ٤٠٥).

<<  <   >  >>