ويعلم مما تقدم أن هذا الأثر يرويه عن ابن مسعود عددٌ، وهم: الأول: إبراهيم النخعي، وعنه: حماد بن أبي سليمان، وعنه: أبو حنيفة، وعنه: أبو يوسف. وهذا السند ضعيف؛ لما يأتي: إرسال النخعي؛ حيث لم يلق ابنَ مسعود ولا غيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ إلا عائشة وهو صغير أدخل عليها. الكلام في الإمام أبي حنيفة من جهة حفظه. فإن قيل: إنه موقوف؛ فلا تعمل القواعد الحديثية معه بصرامة المرفوع، ويكون إسناده لا بأس به. أجيب: بأن لذلك وجهًا من الاعتبار وحظًّا من النظر، وخصوصًا أن أبا عطية الوادعي رواه عن ابن مسعود إلى جانب النخعي، وهو ممن سمع منه. أبو هشام المغيرة بن مقسم الضبي الكوفي، وعنه: أبو الهيثم خالد بن عبد الله الواسطي وهشيم بن بشير الواسطي، وعنهما: سعيد بن منصور. ولا بأس بهذا الإسناد لولا ما يخشى من تدليس المغيرة عن إبراهيم، إلى جانب عدم سماع النخعي من ابن مسعود، وتقدم. الثاني: أبو عطية مالك الوادعي، وعنه: أبو حصين عثمان بن عاصم الكوفي الأسدي، وعنه: سفيان الثوري، وعنه: عبد الرزاق. وهذا إسناد جيد. ب ــ عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي - وهو صدوق اختلط بأخرة حينما حدث ببغداد -، وعنه: أبو الحسين عاصم بن علي بن عاصم القرشي الواسطي - صدوق يهم، وعدت له مناكير، لكن حديثه عن المسعودي صحيح -، وعنه: أبو بكر عمر بن حفص السدوسي البصري. وهو إسناد حسن. ج ــ أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي ت ١٩٤ هـ - وهو ثقة صدوق يهم، لكن تابعه سفيان الثوري -، وعنه: أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي الكوفي ت ٢٤٨ هـ، وعنه الحسين بن إسماعيل، وعنه الدراقطني. وهذا الطريق معلول بأبي هشام الرفاعي؛ لأنه مختلف فيه؛ وثقه الدارقطني، وحكى البخاري الإجماع على ضعفه، ويجمع بين ذلك بأن الإجماع على ضعفه يحتمل أن يكون بعدما ولي القضاء، ويمكن مناقشة هذه العلة: بأن ضعف أبي هشام ليس شديدًا؛ فيستأنس به في الموقوفات. الثالث: أبو عمرو سعد بن إياس الشيباني الكوفي، وعنه: أـ أبو معاوية محمد بن خازم التميمي الكوفي، وعنه: أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي، وهذا سند قوي مسلسل بالكوفيين. ب ــ أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الكوفي الأعمش ت ١٤٧ هـ - وهو ثقة حافظ يدلس -، وعنه: أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي ت ١٦١ هـ؛ ثقة إمام حجة ربما دلس، وعنه: أبو محمد عبيد الله بن موسى بن أبي المختار القرشي الأموي ت ٢١٣ هـ؛ صدوق ثقة، وعنه: أبو إسحاق إبراهيم بن هانئ النيسابوري؛ صدوق ثقة، وعنه: الحسين المحاملي والعلة في هذا الطريق متوجهة نحو عدم سماع الأعمش من أبي عمر الشيباني، إلى جانب الاضطراب المذكور إزاء عبيد الله بن موسى في حديث سفيان، واستصغاره فيه. الرابع: ابن لابن مسعود، وعنه: والد أبي موسى الهلالي، وعنه: ابنه أبو موسى الهلالي، وعنه: سليمان بن المغيرة، وعنه: وكيع، وعنه: أحمد بن حنبل، وغيره. =