للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحول حتى يبيض ثدياها. يعني: يصيبها فيها برص، عقوبة على كذبها. وهذا لا يقتضيه قياس، ولا يهتدي إليه رأي، فالظاهر أنه لا يقوله إلا توقيفًا. (١)

٢ - هذا الموضع قبل فيه شهادة المرأة وحدها للضرورة؛ فتستحلف. (٢)

٣ - إذا كان للحاكم أن يفرق الشهود إذا ارتاب بهم؛ فأولى أن يحلفهم إذا ارتاب بهم. (٣)

ونوقش بما يأتي: أ- ثمة فرق بين هذا الباب وباب الشاهد واليمين - حيث اعتبرت اليمين هناك -، وهو أن المغلب في هذا الباب هو الإخبار عن الأمور الغائبة التي لا يطلع عليها الرجال؛ فاكتفى بشهادة النساء، وفي باب الشاهد واليمين: الشهادة على أمور ظاهرة، يطلع عليها الرجال في الغالب؛ فإذا انفرد بها الشاهد الواحد احتيج إلى تقويته باليمين. (٤)

- الترجيح: يتوجه رجحان القول بعدم قبول شهادة المرأة الواحد في إثبات الرضاع ولو كانت هي المرضع، مع ندب من شهدت عليه امرأة واحدة بالقرابة الرضاعية بينه وبين امرأته إلى مفارقة زوجته ورعًا؛ لحث النبي - صلى الله عليه وسلم - عقبةَ على ترك المشتبه الذي يتطرق إليه كلام الناس، وهو الذي عليه فهم طائفة من فقهاء الصحابة؛ كالمروي عن عمر - رضي الله عنه -، وتبعه من أعلام الفقهاء الشافعي وغيره.

ولأن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دعها عنك" تشعر بالندب والحث ولا تقتضي في فهم العربي الإلزام والإيجاب؛ بخلاف لو قال: خل سبيلها، أو فارقها، ونحو ذلك مما يحتف به مادة الجزم، هذا إذا كان الضمير يعود على امرأته كما يفهم من تبويب البخاري، ويحتمل أن يكون الأمور بالموادعة منصرفًا نحو الشاهدة؛ لأنها أقرب ضمير، كما أن أكثر الطرق في الصحيح لم يأت فيها الأمر بوداعتها، بل اقتُصِر فيها على "كيف وقد قيل"؟ ، أو "وقد زعمت"؟ (٥)، والمعنى: ما حالك إذا تناقل الناس هذا القيل مما يدَّعى بينكما من الرضاع؛


(١) تقدم تخريج الأثر عند سياق أصحاب القول. ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٠). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٣).
(٢) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (١/ ٣٧٩ - ٣٨٠).
(٣) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (١/ ٣٨٠).
(٤) ينظر: ابن القيم: المصدر السابق، (١/ ٤٣٢).
(٥) روى هذا الحديث البخاري بألفاظ وطرق متعددة تقدمت عند إيراد الضابط العاشر من ضوابط المبحث الثالث في التمهيد.

<<  <   >  >>