للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: إن أنكرته وليس للزوج بينة؛ قبل في حقه فقط، وحكم ببطلان النكاح، وفرق بينهما، وله تحليفها، ووجب لها نصف المسمى؛ إلا أن تنكل إذا استحلفها فلا شيء لها.

وبه قال الشافعية. (١)

- الأدلة: استدل بعض أصحاب الأقوال بأدلة، وهي:

أدلة القول الأول: استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:

١ - إن اعتراف الإنسان لا يسمع على غيره، وإن صدقته فلا صداق لها. (٢)

٢ - إن تحت قوله هذا معنيين: أحدَهما: اعترافه بفساد النكاح، وهو يملك فسخه وإبطاله؛ فيصدق فيه على نفسه. آخِرَهما: سقوط مهرها؛ فلا يصدُق عليها إلا أن تصدقه. (٣)

٣ - إنهما اتفقا على أن النكاح فاسد من أصله، لا يستحق فيه مهر؛ فأشبه ما لو ثبت ذلك ببينة. (٤)

٤ - إنه أقر بما يتضمن تحريمها عليه؛ كما لو أقر بالطلاق، أو أن أمته أخته من النسب. (٥)

كما استدلوا على أنه لا مهر لها إن صدقته أو ثبت ذلك ببينة؛ بأنه نكاح باطل من أصله، لا تستحق فيه مهرًا (٦)، وإن أكذبته، فالقول قولها؛ لأن قوله غير مقبول عليها في إسقاط حقوقها، فلزمه إقراره فيما هو حق له؛ وهو تحريمها عليه، وفسخ نكاحه، ولم يقبل قوله فيما عليه من المهرر لما كانت الفرقة من جهته. (٧)

أدلة القول الثاني: استدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:

أولًا: الاستدلال على التفريق بينهما، وجعل نصف المهر لها؛ إن كذبته:

١ - إنه إنما أقر بأنها محرم منه بعدما لزمه لها المهر، فقُبل إقراره فيما يفسده على نفسه، ورُدَّ فيما يطرح به حقها الذي يلزمه. (٨)

ثانيًا: الدليل على أن للصبية مع التفريق نصف المسمى ولو أقر وليها بدعوى الرضاع ممن بيده عقدة النكاح:

١ - إنه ليس له أن يبطل حقها. (٩)

ب أن يكون الإقرار بعد الدخول. (١٠)

وذلك كما لو قال لزوجته المدخولة: هذه رضيعتي، أو أرضعتني خمسًا، أو أختي من الرضاع، أو هي عمتي، أو خالتي، أو ابنة أخي أو أختي، أو أمي من الرضاع، وأمكن صدقه؛ فهل يفرق بينهما ولو أكذبته زوجته؟ وماذا يترتب على التفريق؟ اختلف الفقهاء في ذلك على ما يأتي:

القول الأول: يفرق بينهما (١١)، وعليه جميع الصداق بكل حال (١٢)، ولا يلتفت إلى تكذيب زوجته له (١٣)؛ ما لم تقر أنها طاوعته عالمةً بالتحريم (١٤).

وبه قال الحنفية (١٥)، والمالكية (١٦)، والحنابلة (١٧)؛ في الجملة، وزاد الحنابلة: محل هذا في الحكم، أما فيما بينه وبين الله: فينبني ذلك على علمه وتصديقه؛ فإن علم أن الأمر كما


(١) ينظر: النووي: المصدر السابق، (٩/ ٣٤).
(٢) ينظر: الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧٣ - ٢٧٤). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٧).
(٣) الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧٤).
(٤) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٣). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦).
(٥) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٤).
(٦) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٥).
(٧) ينظر: ابن قدامة: المصدر السابق، (١١/ ٣٤٣ - ٣٤٤). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٥).
(٨) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٨).
(٩) ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٨).
(١٠) عبر الشافعي عن الدخول حين طرق هذه المسألة بالإصابة. ينظر: الشافعي: المصدر السابق، (٦/ ٩٩).
(١١) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٧ - ٤١٩). القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٧). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٩١) مع تقييد المهر بالمسمى.
(١٢) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٧). شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦).
(١٣) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٩). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦).
(١٤) ينظر: البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ١٠٥).
(١٥) ينظر: ابن عابدين: المصدر السابق، (٤/ ٤١٧ - ٤١٩). الجصاص: المصدر السابق، (٥/ ٢٧٣ - ٢٧٤).
(١٦) ينظر: القرافي: المصدر السابق، (٤/ ٢٧٧). الحطاب: المصدر السابق، (٤/ ٥٧٧).
(١٧) ينظر: شمس الدين ابن قدامة: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). المرداوي: المصدر السابق، (٢٤/ ٢٧٦). البهوتي: المصدر السابق، (١٣/ ٩١، ١٠٥).

<<  <   >  >>