ويمكن في ختام هذا الفصل أن أنتهي إلى النتائج الآتية:
أولًا: للمرضع أن تشهد على فعل نفسها فيمن أرضعته، ولا تجزئ شهادة المرأة الواحدة لإثبات الرضاع ولو كانت هي المرضع، ولا يعني عدم تأثير شهادتها على غيرها في إثبات الرضاع أنه لا يلزمها أثر إقرارها على نفسها، والأفضل أن لا يُبَادر بالشهادة على الرضاع عند عدم اكتمال النصاب أو وضوح الواقعة.
ثانيًا: يشترط لقبول الشهادة على الرضاع: التفصيل بذكر الوقت والعدد، والعدالة، والبلوغ، والإمكان عادة، وانتفاء العداوة، ومظان حكم الرضاع من العلامات تكفي للشهادة عليه؛ كالتقام الثدي، والامتصاص، والتجرع، فإذا ثبتت الحرمة الرضاعية بين زوجين؛ وجبت الفرقة ديانةً، ولا تقع في الحكم إلا بتفريق القاضي؛ فإن أصابها؛ فلها مهر مثلها، وإن لم يصبها؛ فلا نصف مهرٍ لها، ولا متعة.
ثالثًا: لا تقبل شهادة أبوي أحد الزوجين على الرضاع بعد النكاح مطلقًا؛ إذا كان يترتب على الشهادة الفرقة.
وأما قبل النكاح أو بعيده؛ فالأصل في شهادة الوالدين على الرضاع القبول ما لم تتطرق إليها التهمة، وكذلك الشأن في قبول شهادة الحواشي، وشهادة البنت على إقرار أمها.
رابعًا: الإقرار من وسائل الإثبات إذا كان صادرًا من رجلين، أو من واحد؛ إذا كان هو المقر على نفسه، ولا يقبل إلا مفسرًا مع الإمكان عادة والعدالة والبلوغ والعدد وانتفاء العداوة، ولا بد في التفسير من التعرض للوقت والعدد؛ بأن يقر أنها أرضعته أو ارتضع منها في الحولين خمس رضعات متفرقات، وتكون أكبر منه سنًّا في حال ثاب لها لبن فيه، ومظان حكم الرضاع من العلامات تكفي للإقرار بواقعة الرضاع من الثدي؛ كالالتقام، والامتصاص، والتجرع؛ من غير تعرض لوصول اللبن إلى الجوف، كما لا يشترط تصديق الطرف الرَّضاعيِّ الآخر لثبوت الإقرار بالرضاع، أو تسمية المرضع.
خامسًا: إذا وقع الإقرار بالرضاع مع الفروع أو الحواشي؛ ترتب على ذلك أحكام الرضاع بينهما؛ إن اتفقا على ذلك، ووجد الإمكان، وإن صدر من رجل إزاء مخطوبته قبل العقد؛ لم يحل له تزوجها؛ صدقته المرأة أو كذبته، ولو وقع العقد؛ اندفع النكاح ولو أنكرت المرأة. وإن صدر من المرأة؛ لم يجز لها نكاحه، وإن كذبها وخطبها. وإن صدر إقرار أحد أبوي الزوجين بذلك؛ لم يقبل بعد النكاح.