للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا لِبَهِيمَةٍ وَلَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ، إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَارِيَّةُ مُضَمَّنَةً، كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ (وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُسْتَعِيرِ (إنَابَةُ مَنْ يَسْتَوْفِي لَهُ) الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ رَاجِعٌ إلَيْهِ.

(وَ) شُرِطَ (فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ) بِهِ بِأَنْ يَسْتَفِيدَ الْمُسْتَعِيرُ مَنْفَعَتَهُ وَهُوَ الْأَكْثَرُ أَوْ عَيْنًا مِنْهُ كَمَا لَوْ اسْتَعَارَ شَاةً مَثَلًا، لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا أَوْ شَجَرَةً لِيَأْخُذَ ثَمَرَهَا فَلَا يُعَارُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَحِمَارٍ زَمِنٍ (مُبَاحٍ) فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَآلَةِ لَهْوٍ وَفَرَسٍ وَسِلَاحٍ لِحَرْبِيٍّ وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ لِخِدْمَةِ رَجُلٍ غَيْرِ نَحْوِ مَحْرَمٍ لَهَا مِمَّنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَيْهَا؛ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ لِصِغَرٍ أَوْ قُبْحٍ فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ صِحَّةَ إعَارَتِهَا وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَنَعَهَا. وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: الْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِي الصَّغِيرَةِ دُونَ الْقَبِيحَةِ اهـ. وَكَالْقَبِيحَةِ الْكَبِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ وَالْخُنْثَى يَحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا وَمُسْتَعِيرًا، وَتَعْبِيرِي بِمُبَاحٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ أَوْ مَحْرَمٍ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَلَا لِبَهِيمَةٍ) كَأَعِرْ فَرَسِي سَرْجًا وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ: إطْلَاقُ تَصَرُّفٍ ع ش قَالَ شَيْخُنَا: وَلَمْ يَقَعْ لَهُ إخْرَاجُ الْبَهِيمَةِ بِهَذَا الْقَيْدِ إلَّا هُنَا. (قَوْلُهُ: وَسَفِيهٍ) الرَّاجِحُ صِحَّةُ قَبُولِهَا مِنْ السَّفِيهِ قِيَاسًا عَلَى قَبُولِ الْهِبَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: إلَّا بِعَقْدِ وَلِيِّهِمْ) الْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ صَحِيحٌ وَبِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِيهِ، فِيهِ نَظَرٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ السَّفِيهِ نَفْسِهِ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ وَلِيِّهِ لَهُ تَأَمَّلْ وَجَرَى عَلَيْهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ إلَخْ) أَيْ: فَتَصِحُّ إذَا لَمْ تَكُنْ فَهُوَ ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ يُعْلَمُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ أَيْ: مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةً صَحِيحَةً وَالْمُضَمَّنَةُ كَأَنْ اسْتَعَارَ مِنْ مُسْتَأْجِرٍ إجَارَةٍ فَاسِدَةً أَوْ مِنْ الْمَالِكِ تَأَمَّلْ ح ل.

(قَوْلُهُ: مَنْ يَسْتَوْفِي إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مِثْلَهُ أَوْ دُونَهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى تَخْصِيصِهِ بِذَلِكَ دُونَ غَيْرِهِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ ح ل وَقَوْلُهُ: عَلَى تَخْصِيصِهِ أَيْ: الْمُسْتَعِيرِ بِذَلِكَ أَيْ: بِأَنْ يَسْتَوْفِيَ الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهِ.

. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْمُعَارِ انْتِفَاعٌ بِهِ) وَلَوْ مَآلًا كَجَحْشٍ صَغِيرٍ إنْ كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَوْ مُؤَقَّتَةً بِزَمَنٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهِ ح ل وَز ي وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اشْتِرَاطَ النَّفْعِ فِي الْإِجَارَةِ حَالَةَ الْعَقْدِ لِمُقَابِلَتِهَا بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا. انْتَهَى. وَاشْتِرَاطُ ابْنِ حَجَرٍ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَالَةَ الْعَقْدِ. وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ، كَمَا نَقَلَهُ ق ل عَنْ م ر وخ ط.

(قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دَرَّهَا وَنَسْلَهَا) قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: وَالْحَقُّ أَنَّ الدَّرَّ وَالنَّسْلَ لَيْسَا مُسْتَفَادَيْنِ بِالْعَارِيَّةِ بَلْ بِالْإِبَاحَةِ، وَالْمُسْتَعَارُ هُنَا الشَّاةُ لِمَنْفَعَةٍ وَهِيَ إيصَالُكَ لِمَا أُبِيحَ لَك، كَمَا لَوْ اسْتَعَرْت مَجْرًى فِي أَرْضِ غَيْرِكَ لِتُوَصِّلَ مَاءَكَ إلَى أَرْضِك ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ إعَارَةُ مَا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ) هَذَا مُسَلَّمٌ عِنْدَ م ر فِي آلَةِ اللَّهْوِ، وَأَمَّا فِي السِّلَاحِ وَالْفَرَسِ فَجَرَى فِيهِمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى صِحَّةِ الْإِعَارَةِ مَعَ الْحُرْمَةِ وَجَمَعَ ع ش عَلَيْهِ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّ الْحَرْبِيَّ يَسْتَعِينُ بِهِمَا عَلَى قَتْلِنَا وَيُحْمَلُ كَلَامُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ، ثُمَّ نَظَرَ فِي كَلَامِ م ر بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ اهـ وَالْإِطْفِيحِيُّ جَزَمَ بِهِ بِالْحُرْمَةِ حِينَئِذٍ، وَحَمَلَ عَدَمَهَا عَلَى مَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْمُقَاتَلَةِ بِهِ (قَوْلُهُ: كَآلَةِ لَهْوٍ) قَضِيَّةُ التَّمْثِيلِ بِمَا ذُكِرَ لِلْمُحَرَّمِ أَنَّ مَا يُبَاحُ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ الطُّبُولِ وَنَحْوِهَا لَا يُسَمَّى آلَةَ لَهْوٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَيْهِ فَالشِّطْرَنْجُ تُبَاحُ إعَارَتُهُ أَيْ: إعَارَةُ آلَتِهِ، بَلْ وَإِجَارَتُهُ ع ش. (قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُشْتَهَاةٍ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ إعَادَةِ الْكَافِ؟ وَمِثْلُهَا الْأَمْرَدُ الْجَمِيلُ وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ أَوْ عِنْدَهُ حَلِيلَةٌ فِيهِمَا ح ل وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِمَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْفُجُورِ ظَاهِرُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لَكِنْ قَيَّدَهُ حَجّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ لِخِدْمَةٍ تَضَمَّنَتْ خَلْوَةً أَوْ نَظَرًا مُحَرَّمًا. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: لِخِدْمَةِ رَجُلٍ) بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَعَارَهَا الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ لِخِدْمَةِ أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ مَثَلًا، فَيَجُوزُ وَلَوْ مَرِضَ رَجُلٌ وَاحْتَاجَهَا وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا جَازَتْ إعَارَتُهَا لَهُ لِلضَّرُورَةِ. اهـ شَيْخُنَا شَوْبَرِيٌّ وَفِي ع ش عَلَى م ر نَعَمْ لِلْمَرْأَةِ خِدْمَةُ مُنْقَطِعٍ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَخْدُمُهُ فَلَهُ أَنْ يَسْتَعِيرَ لَهُ أَمَةً تَخْدُمُهُ. اهـ. حَجّ وَمِثْلُهُ عَكْسُهُ كَإِعَارَةِ الذَّكَرِ لِخِدْمَةِ امْرَأَةٍ مُنْقَطِعَةٍ، وَيَجُوزُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النَّظَرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِي نَظَرِ الطَّبِيبِ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَعَكْسِهِ.

(قَوْلُهُ: نَحْوِ مُحْرِمٍ) كَمَمْسُوحٍ وَكَمَالِكِهَا إذَا اسْتَعَارَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي أَوْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَكَالزَّوْجِ إذَا اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ مِنْ سَيِّدِهَا فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ دَاخِلُونَ فِي نَحْوِ الْمَحْرَمِ فَيَجُوزُ إعَادَتُهَا لَهُمْ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَعِبَارَتُهُ " وَتَجُوزُ إعَارَةُ صَغِيرَةٍ وَقَبِيحَةٍ يُؤْمَنُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِانْتِفَاءِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ " كَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ فِي الثَّانِيَةِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ وَأَقَرَّهُ ع ش عَلَى الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ. اعْتَمَدَهُ ز ي وَس ل تَبَعًا لِحَجِّ. (قَوْلُهُ: يُحْتَاطُ فِيهِ مُعَارًا) أَيْ: فَلَا يُعَارُ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَلَا لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَا يَسْتَعِير امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً وَلَا رَجُلًا أَجْنَبِيًّا وَلَا أَمْرَدَ، كَمَا فِي ح ل.

(قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: وَتَجُوزُ إعَارَةُ جَارِيَةٍ) هِيَ أَوْلَوِيَّةُ عُمُومٍ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَشْمَلُ إعَارَتَهَا لِزَوْجٍ أَوْ مَمْسُوحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>