وَشُرِطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الِانْتِفَاعُ بِهِ (مَعَ بَقَائِهِ) فَلَا يُعَارُ الْمَطْعُومُ وَنَحْوُهُ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهِ إنَّمَا هُوَ بِاسْتِهْلَاكِهِ فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمُعَارِ فَلَوْ قَالَ: أَعِرْنِي دَابَّةً، فَقَالَ: خُذْ مَا شِئْتَ مِنْ دَوَابِّي صَحَّتْ.
(وَتُكْرَهُ) كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ (اسْتِعَارَةٍ وَإِعَارَةٌ فَرْعِ أَصْلِهِ لِخِدْمَةٍ وَ) اسْتِعَارَةٍ وَإِعَارَةُ (كَافِرٍ مُسْلِمًا) صِيَانَةً لَهُمَا عَلَى الْإِذْلَالِ وَالْأَوْلَى مَعَ ذِكْرِ كَرَاهَةِ الِاسْتِعَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِي فَمَنْ قَصَدَ بِاسْتِعَارَةِ أَصْلِهِ لِلْخِدْمَةِ تَرْفِيهَهُ، فَلَا كَرَاهَةَ، بَلْ يُسْتَحَبُّ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إعَارَةُ الْأَصْلِ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ وَلَا اسْتِعَارَةُ فَرْعِهِ إيَّاهُ مِنْهُ.
(وَ) شُرِطَ (فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِفَاعِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَيُوهِمُ أَنَّ إعَارَتَهَا لِلْأَجْنَبِيِّ لَا تَجُوزُ مَعَ الصِّحَّةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: أَعَمُّ وَأَوْلَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مَعَ بَقَائِهِ) وَمِنْهُ إعَارَةُ الْمَاءِ لِلْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ أَوْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ تَنْجِيسُهُ لِإِمْكَانِ طُهْرِهِ بِالْمُكَاثَرَةِ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَنْجِيسُهُ يَمْتَنِعُ إعَارَتُهُ ح ل. وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَتَجُوزُ إعَارَةُ الْوَرَقِ لِلْكِتَابَةِ وَإِعَارَةُ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ مَثَلًا وَلِغَسْلِ مَتَاعٍ وَنَجَاسَةٍ لَا يَنْجَسُ بِهَا كَأَنْ يَكُونَ وَارِدًا وَالنَّجَاسَةُ حُكْمِيَّةٌ وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ إعَارَةُ الدَّوَاةِ لِلْكِتَابَةِ وَالْمُكْحُلَةِ لِلِاكْتِحَالِ مِنْهَا سم عَلَى حَجّ. وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَذْهَبُ بِهِ كَالذَّاهِبِ بِانْسِحَاقِ وَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ إلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ التَّأَمُّلِ؛ إذْ الذَّاهِبُ مِنْ الْمَقِيسِ عَيْنٌ وَمِنْ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ قُوَّتُهُ وَخُشُونَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَالشَّمْعَةِ لِلْوَقُودِ. (قَوْلُهُ: فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعَارَةِ) أَيْ: وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا ذُكِرَ) أَيْ: مِنْ شُرُوطِ الْمُعَارِ حَيْثُ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَذْكُرْ التَّعْيِينَ. (قَوْلُهُ: مِنْ دَوَابِّي) أَيْ: وَإِذَا رَدَّهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ الْأُولَى انْتَهَتْ بِالرَّدِّ ع ش. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) وَفَارَقَتْ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْغَرَرُ لَا يُحْتَمَلُ فِيهَا س ل.
. (قَوْلُهُ: كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّقْيِيدِ بِهَا فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَمَا قَصْدُهُ شَوْبَرِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ لِلتَّأْكِيدِ (قَوْلُهُ: وَإِعَارَةُ فَرْعِ أَصْلِهِ) أَيْ: بِأَنْ مَلَكَ الْفَرْعُ مَنْفَعَةَ أَصْلِهِ بِنَحْوِ إجَارَةٍ لَهُ فَيُكْرَهُ أَنْ يُعِيرَهُ قَالَ ز ي: وَهَذَا مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ الْأَصْلُ رَقِيقًا فَيُكْرَهُ لِمَالِكِهِ إعَارَتُهُ لِفَرْعِهِ وَيُكْرَهُ لِفَرْعِهِ اسْتِعَارَتُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدُ، وَكَذَا لَا تُكْرَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ مُصَوَّرٌ فِي الْحُرِّ انْتَهَى وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَرْعِ فَقَطْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَالْكَرَاهَةُ فِي جَانِبِ الْوَلَدِ لِمَكَانِ الْوِلَادَةِ فَلَمْ تَتَعَدَّ لِغَيْرِهِ. انْتَهَى. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَصْلَ لَوْ أَعَارَ نَفْسَهُ لِفَرْعِهِ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى مَكْرُوهٍ وَهِيَ اسْتِعَارَتُهَا إيَّاهَا انْتَهَى ز ي أَيْ: وَكَذَا لَوْ أَعَارَ مَالِكُهُ لِفَرْعِهِ. اهـ. اط ف أَيْ فَيَكُونُ إضَافَةُ الْإِعَارَةِ لِفَرْعٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ: وَإِعَارَةُ الْمَالِكِ أَيْ: مَالِكِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ أَصْلُهُ وَصَوَّرَهُ اج بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتَبُ أَصْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ، وَتُكْرَهُ إعَارَتُهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ إعَارَةُ الْفَرْعِ أَصْلَهُ مَعَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِلْخِدْمَةِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُوجَد الْخِدْمَة، كَمَا قَالَهُ ع ش فَاللَّام لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: مَتَى كَانَ الْقَصْد بِالِاسْتِعَارَةِ وَالْإِعَارَة الْخِدْمَة كَانَتَا مَكْرُوهَتَيْنِ وَجَدَتْ الْخِدْمَة أَمْ لَا وَأَخَذَ الشَّارِح مُحْتَرِز هَذَا بِقَوْلِهِ فَإِنْ قَصْد بِاسْتِعَارَةِ أَصْله إلَخْ لَكِنْ الْمُحْتَرِز غَيْر وَافٍ بِحُكْمِ الْإِعَارَة وَحُكْمهَا كَحُكْمِ الِاسْتِعَارَة، كَمَا فِي عِبَارَة الْمَحَلِّيّ انْتَهَى وَفِي ق ل وَكَذَا يَكْرَه أَنْ يَسْتَعِير الْوَلَد وَالِده إلَّا لِتَرْفِيهِهِ وَالْإِعَارَة كَالِاسْتِعَارَةِ وَلَوْ مِنْ أَصْله لَهُ نِعْمَ إنَّ خِدْمَة أَصْله بِغَيْرِ طَلَبَهُ لَمْ يَكْرَه وَإِنْ كَانَ فِيهِ إعَانَة عَلَى مَكْرُوه وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي فِي حَاشِيَة شَيْخنَا وَيَدُلّ لَهَا قَوْل شَيْخنَا الرَّمْلِيّ إنَّهَا لَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ مَا فِي الْمَنْهَجِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْله وَاسْتِعَارَةُ وَإِعَارَةُ كَافِرٍ مُسْلِمًا) الظَّاهِر مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَة أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ مُضَافَانِ لِلْفَاعِلِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِر يَكْرَه لَهُ أَنْ يُعَيِّر الْعَبْد الْمُسْلِم وَلَوْ لِمُسْلِمِ وَهُوَ مَحَلّ نَظَرَ وَأَجَابَ بَعْضهمْ بِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِعَارَةِ مُضَاف لِلْفَاعِلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلْإِعَارَةِ مُضَاف لِلْمَفْعُولِ وَمُسْلِمًا مَفْعُول ثَانٍ وَعَلَيْهِ فَلَا يَقْتَضِي مَا ذَكَرَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْله لِلْخِدْمَةِ) الْأُولَى حَذَفَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُوم قَوْله سَابِقًا لِخِدْمَةِ (قَوْله فَلَا كَرَاهَة) أَيْ لِلِاسْتِعَارَةِ وَلَا لِلْإِعَارَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا تَكْرَه إعَارَة الْأَصْل) أَيْ: الْحُرّ وَلَا يَكْرَه لِلْفَرْعِ أَنْ يَسْتَعِيرهُ إذَا إعَارَة نَفْسه. (قَوْله وَلَا اسْتِعَارَة فَرَّعَهُ) فِي شَرْح الرَّوْض فِي هَذِهِ الْكَرَاهَة وَالْمُعْتَمَد مَا هُنَا شَوْبَرِيٌّ وم ر مُوَافِق لِلشَّارِحِ
. (قَوْلُهُ: لَفْظٌ يُشْعِرُ إلَخْ) يُسْتَثْنَى مِنْ اشْتِرَاطِ اللَّفْظِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَسَلَّمَهُ لَهُ الْبَائِعُ فِي ظَرْفٍ فَالظَّرْفُ مُعَارٌ فِي الْأَصَحِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ قِيَاسًا عَلَى ظَرْفِ الْهَدِيَّةِ بِعِوَضٍ فَلَا يُضْمَنُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ م ر وَأَمَّا لَوْ أَكَلَ الْمُهْدَى إلَيْهِ الْهَدِيَّةَ فِي ظَرْفِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهَا مِنْهُ كَأَكْلِ الطَّعَامِ فِي الْقَصْعَةِ الْمَبْعُوثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute