للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَأَعَرْتُكَ أَوْ لِطَلَبِهِ كَأَعِرْنِي مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ أَوْ فِعْلِهِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَمَا فِي الْإِبَاحَةِ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ (وَ) قَوْلُهُ (أَعَرْتُكَهُ) أَيْ: فَرَسِي مَثَلًا (لِتَعْلِفَهُ) بِعَلَفِكَ (أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ إجَارَةٌ) لَا إعَارَةً، نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى (فَاسِدَةٌ) ؛ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ وَالْعِوَضِ، فَتَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمُضِيِّ زَمَنٍ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ، وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَعَرْتُكَهُ شَهْرًا مِنْ الْآنِ لِتَعْلِفَهُ كُلَّ يَوْمٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ لِتُعِيرَنِي فَرَسَكَ هَذَا شَهْرًا مِنْ الْآنِ كَانَ إجَارَةً صَحِيحَةً.

(وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ) أَيْ الْمُعَارِ (عَلَى مُسْتَعِيرٍ) مِنْ مَالِكٍ أَوْ مِنْ نَحْوِ مُكْتِرٍ إنْ رَدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَالِكِ فَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي وَخَرَجَ بِمُؤْنَةِ رَدِّهِ مُؤْنَتُهُ فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ الْمَالِكِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِيهَا فَيَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْعَارِيَّةُ إلَّا إنْ كَانَ لِلْهَدِيَّةِ عِوَضٌ وَجَرَتْ الْعَادَةُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهُ بِحُكْمِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ ضَمِنَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ بِحُكْمِ الْغَصْبِ انْتَهَى س ل. (قَوْلُهُ: كَأَعَرْتُكَ) أَيْ: هَذَا أَوْ أَعَرْتُكَ مَنْفَعَتَهُ أَوْ خُذْهُ لِتَنْتَفِعَ بِهِ أَوْ أَبَحْتُكَ مَنْفَعَتَهُ وَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ لِلْعَيْنِ كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ م ر وَكَأَرْكِبْ أَوْ أَرْكِبْنِي وَلَوْ شَاعَ أَعِرْنِي فِي الْفَرْضِ، كَمَا فِي الْحِجَازِ كَانَ صَرِيحًا فِيهِ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ لَا أَثَرَ لِلْإِشَاعَةِ فِي الصَّرَاحَةِ لِمَا أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلْإِبْضَاعِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صَرَاحَةُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَأَنَّهُ لَا كِنَايَةَ لِلْعَارِيَّةِ، وَفِيهِ تَوَقُّفٌ ظَاهِرٌ شَرْحُ م ر قَالَ ع ش نَقْلًا عَنْ حَجّ: وَلَوْ قِيلَ: إنَّ نَحْوَ " خُذْهُ وَارْتَفِقْ بِهِ " كِنَايَةٌ لَمْ يَبْعُدْ وَلَا يَضُرُّ صَلَاحِيَّةُ " خُذْهُ " لِلْكِنَايَةِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعَ لَفْظِ الْآخَرِ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ كَأَعَرْتُكَ وَأَعِرْنِي، وَلَا يَكْفِي سُكُوتُ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ وَلَا الْفِعْلُ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَحْوِ ظَرْفٍ مَبِيعٍ أَوْ هَدِيَّةٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ فِي الْقَبُولِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَقْدَ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَكَوْنُ الْعَارِيَّةُ مِنْ الْإِبَاحَةِ مِنْ حَيْثُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ وَلِذَلِكَ صَحَّتْ بِلَفْظِ الْإِبَاحَةِ ق ل. (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَخَّرَ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَنُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ حَصَلَتْ الصِّيغَةُ لَا يَضُرُّ التَّأَخُّرُ مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرُّجُوعِ وَمِنْ الْمُسْتَعِيرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ انْتَهَى اط ف. (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ) أَيْ: مِنْ الْإِشَارَةِ وَالْكِتَابَةِ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى) وَهُوَ وُجُودُ الْعِوَضِ م ر.

(قَوْلُهُ: لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ) أَيْ: فِي الصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَالْعِوَضُ أَيْ: فِي الْأُولَى فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُضْمَنُ الْعَيْنُ) أَيْ: وَأَمَّا الْعَلَفُ فَمَضْمُونٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ لِعَدَمِ التَّبَرُّعِ بِهِ انْتَهَى بِرْمَاوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَفَهَا فِي مُقَابَلَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَيْهِ الْعَلْفَ وَهُوَ فِعْلٌ يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ وَالْعِوَضُ شَيْئَانِ: مَعْلُومٌ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَلَفِ، وَمَجْهُولٌ وَهُوَ أُجْرَةُ فِعْلِهِ وَالْمَجْهُولُ إذَا انْضَمَّ لِمَعْلُومٍ يُصَيِّرُهُ مَجْهُولًا ابْنُ حَجَرٍ ز ي وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ ق ل وَقَالَ ح ل بَعْدَ نَقْلِهِ هَذِهِ الْعِبَارَةَ: وَرَدَ بِأَنَّ هَذَا يُغْتَفَرُ لِلْحَاجَةِ وَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّبَرُّعِ بِهِ انْتَهَى أَيْ: كَمَا اُغْتُفِرَ فِيهِ اتِّحَادُ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ لِلْحَاجَةِ. وَأَجَابَ س ل بِأَنَّ الدِّرْهَمَ وَهُوَ الْأُجْرَةُ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِالْعَلَفِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الْآنِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ أَسْقَطَهُ صَحَّ وَحُمِلَ عَلَى اتِّصَالِ الْمُدَّةِ بِالْعَقْدِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ إجَارَةً صَحِيحَةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لَفْظَ الْإِعَارَةِ مَعَ ذِكْرِ الْعِوَضِ يَكُونُ إجَارَةً.

(قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةُ رَدِّهِ عَلَى مُسْتَعِيرٍ) وَهُوَ بَاقٍ عَلَى كَوْنِهِ عَارِيَّةً حَتَّى بَعْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، فَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِحَمْلِ مَتَاعٍ مُعَيَّنٍ فَوَضَعَهُ عَنْهَا وَرَبَطَهَا فِي الْخَانِ مَثَلًا إلَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَى مَالِكِهَا فَمَاتَتْ مَثَلًا ضَمِنَهَا ع ش عَلَى م ر قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالرَّدُّ الْمُبْرِئُ مِنْ الضَّمَانِ أَنْ يُسَلِّمَ الْعَيْنَ لِلْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ رَدَّ الدَّابَّةَ لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ الثَّوْبَ وَنَحْوَهُ لِلْبَيْتِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ لَمْ يَبْرَأْ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ الْمُعِيرَ فَسَلَّمَهَا لِزَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ فَأَرْسَلَهَا إلَى الْمَرْعَى فَضَاعَتْ، فَالْمُعِيرُ إنْ شَاءَ غَرَّمَ الْمُسْتَعِيرَ وَالْمُتَسَلِّمَ مِنْهُ وَالْقَرَارُ عَلَيْهِ انْتَهَى ز ي. (قَوْله: إنْ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى نَحْوِ الْمُكْتَرِي. (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْمَالِكِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْمُكْتَرِي لَزِمَتْ الْمَالِكَ فَكَذَا الْمُسْتَعِيرُ مِنْهُ شَيْخُنَا وَيَجِبُ الرَّدُّ فَوْرًا مَتَى بَطَلَتْ الْعَارِيَّةُ، فَإِنْ أَخَّرَ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ مَعَ مُؤْنَةِ الرَّدِّ وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ إنْ قَصَّرَ وَلَهُ الرُّكُوبُ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ تَجْرِ بِهِ عَادَةٌ لِلُزُومِهِ لَهُ وَيَبْرَأُ بِهِ إنْ وَصَلَتْ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ لِمَحَلِّ أَخْذِهَا مِنْهُ إنْ عَلِمَ بِهَا الْمَالِكُ وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ ق ل بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا يَرْكَبُ فِي الرَّدِّ إلَّا بِإِذْنٍ لِعَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُ الْمَالِكَ) فَلَوْ عَلَفهَا الْمُسْتَعِيرُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ عَلَفَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ، أَوْ إشْهَادٍ، وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ الْمُسَلَّمَةَ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْ سَيِّدِهَا، فَمُؤْنَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهَا بِالْإِعَارَةِ وَلَوْ اسْتَعَارَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ صَحَّ، كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي إعَارَةِ نَفْسِهَا لِغَيْرِهِ، كَمَا فِي الْإِجَارَةِ فِيهِمَا وَيَتَّجِهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، كَمَا لَوْ سَافَرَتْ لِغَرَضِهَا وَحْدَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ نَظَرٌ لِعَدَمِ خُرُوجِهَا هُنَا ق ل

<<  <  ج: ص:  >  >>