للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَخَالَفَ الْقَاضِي فَقَالَ: إنَّهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ (فَإِنْ تَلِفَ) الْمُسْتَعَارُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ (لَا بِاسْتِعْمَالِ مَأْذُونٌ) فِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

(قَوْلُهُ: لَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ) كَأَنْ سَقَطَتْ فِي بِئْرٍ حَالَةَ السَّيْرِ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ عُثُورَهَا حَالَ الِاسْتِعْمَالِ كَذَلِكَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْ طَبْعِهَا أَوْ لَا، وَيَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُثُورُ مِمَّا أَذِنَ الْمَالِكُ فِي حَمْلِهِ عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ جَمْعًا اعْتَرَضُوهُ بِأَنَّ التَّعْثِيرَ يُعْتَادُ كَثِيرًا أَيْ: فَلَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ شِدَّةِ إزْعَاجِهَا وَإِلَّا ضَمِنَ لِتَقْصِيرِهِ شَرْحُ م ر بِالْحَرْفِ. وَقَوْلُهُ: كَأَنْ سَقَطَتْ هُوَ مِثَالٌ لِلتَّلَفِ بِغَيْرِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدُ، وَالْأَوْجَهُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ إلَخْ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا مِنْ التَّلَفِ بِالْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُون فِيهِ لَا بِهِ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اسْتَعَارَ ثَوْرًا لِاسْتِعْمَالِهِ فِي سَاقِيَةٍ فَسَقَطَ فِي بِئْرِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ فِي حَالِ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِغَيْرِهِ لَا بِهِ ع ش عَلَى م ر. (فَرْعٌ)

قَالَ الْمُتَوَلِّي: إذَا قَالَ لِلسَّقَّاءِ: اسْقِنِي، فَنَاوَلَهُ الْكُوزَ فَوَقَعَ مِنْ يَدِهِ فَانْكَسَرَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ الْمَاءَ فَإِنْ كَانَ قَدْ طَلَبَ أَنْ يَسْقِيَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ وَالْكُوزُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ فِي يَدِهِ وَأَمَّا إذَا شَرَطَ عِوَضًا فَالْمَاءُ مَضْمُونٌ، عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ وَالْكُوزُ غَيْرُ مَضْمُونٍ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي الْبَدَلَ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِهِ فَإِنْ انْكَسَرَ الْكُوزُ بَعْدَ الشُّرْبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ فَالْكُوزُ مَضْمُونٌ وَالْمَاءُ غَيْرُ مَضْمُونٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ شَرَطَ الْعِوَضَ لَمْ يَضْمَنْ الْكُوزَ لَا بَقِيَّةَ الْمَاءِ الْفَاضِلِ فِي الْكُوزِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ الْقَدْرُ الَّذِي يَشْرَبُهُ دُونَ الْبَاقِي فَيَكُونُ الْبَاقِي أَمَانَةً فِي يَدِهِ انْتَهَى. ابْنُ الْعِمَادِ فِي أَحْكَامِ الْأَوَانِي وَالظُّرُوفِ وَمَا فِيهَا مِنْ الْمَظْرُوفِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ دَفَعَ قَارُورَةً إلَى مَنْ يَبِيعُهُ زَيْتًا مَثَلًا لِيَصُبَّهُ فَصَبَّهُ فِيهَا وَوَضَعَهَا فِي الْمِيزَانِ لِيَزِنَ، فَانْقَطَعَ الْحَبْلُ وَانْكَسَرَتْ ضَمِنَهَا وَإِنْ تَفَلَّتَ قَبْلَ صَبِّهِ لَمْ يَضْمَنْهَا، عُبَابٌ. شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَلَوْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَمَعَهَا تَبَعٌ أَيْ: وَلَدٌ لَمْ يَضْمَنْهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ لِعُسْرِ حَبْسِهِ عَنْ أُمِّهِ وَكَذَا لَوْ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ مَالِكُهُ لَهُ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ فَهُوَ أَمَانَةٌ قَالَهُ الْقَاضِي وَلَا يَضْمَنُ ثِيَابَ الرَّقِيقِ الْمُسْتَعَارِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِاسْتِعْمَالِهَا بِخِلَافِ إكَافِ الدَّابَّةِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ شَرْحُ م ر. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُسْتَعِيرِ كَوْنُ الْعَيْنِ فِي يَدِهِ بَلْ تُضْمَنُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِ الْمَالِكِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَيْ: كَأَنْ أَرْسَلَ الْمُسْتَعِيرُ مَالِكَهَا مَعَهَا، وَفِي الرَّوْضَةِ لَوْ حَمَلَ مَتَاعَ غَيْرِهِ عَلَى دَابَّتِهِ بِسُؤَالِ الْغَيْرِ، كَانَ مُسْتَعِيرًا لِكُلِّ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِغَيْرِ الْمُسْتَعِيرِ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَتَاعِهِ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ قَوْلَهَا نَقْلًا عَنْ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ سَخَّرَ رَجُلًا وَدَابَّتَهُ فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ صَاحِبِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسَخِّرُ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ وَهُوَ مَفْقُودٌ وَكَلَامُنَا هُنَا فِي ضَمَانِ الْعَارِيَّةُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ لِحُصُولِهَا بِدُونِهِ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَمُولِيُّ مِنْ ضَعْفِ أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ انْتَهَى بِحُرُوفِهِ.

وَقَوْلُ م ر فِي أَوَّلِ الْعِبَارَةِ كَأَنْ سَقَطَتْ فِي بِئْرٍ إلَخْ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا ضَمَانَ وَلَوْ بِالتَّعَثُّرِ مِنْ ثِقَلِ حِمْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَمَوْتٍ بِهِ وَانْمِحَاقِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ لَا نَوْمِهِ فِيهِ، حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ تَعَثُّرِهِ بِانْزِعَاجٍ أَوْ عُثُورِهِ فِي وَهْدَةٍ أَوْ رَبْوَةِ أَوْ تَعَثُّرِهِ لَا فِي الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَمِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ تَزَايُدُ الْمَرَضُ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ انْتَهَى وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ التَّلَفِ بِالِاسْتِعْمَالِ الْمَأْذُونِ فِيهِ أَوْ لَا، صُدِّقَ الْمُعِيرُ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْمُعْتَمَدُ تَصْدِيقُ الْمُسْتَعِيرِ بِيَمِينِهِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ، كَمَا قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَهَذَا بِعَكْسِ مَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَتَيْنِ بِرْمَاوِيٌّ وَفِي م ر أَيْضًا، وَمَوْتُ الدَّابَّةِ كَانْمِحَاقِ الثَّوْبِ وَتَقَرُّحُ ظَهْرِهَا وَعَرَجُهَا بِاسْتِعْمَالٍ مَأْذُونٍ فِيهِ وَكَسْرُ سَيْفٍ أَعَارَهُ لِيُقَاتِلَ بِهِ كَالِانْمِحَاقِ، كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأَخِيرَةِ انْتَهَى. قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَمَوْتُ الدَّابَّةِ أَيْ: بِالِاسْتِعْمَالِ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ حَمَّلَهَا حِمْلًا ثَقِيلًا بِالْإِذْنِ فَمَاتَتْ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَفِيفًا لَا تَمُوتُ مِنْ مِثْلِهِ فِي الْعَادَةِ فَاتَّفَقَ مَوْتُهَا لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا تَلِفَتْ بِالِاسْتِعْمَالِ أَوْ مَاتَتْ فِي الِاسْتِعْمَالِ انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>