وَلِقَوْلِهِ: «أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ فَشَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ فَيُعْطَوْنَ (وَلَوْ أَغْنِيَاءً) ؛ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ «؛ وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعْطَى الْعَبَّاسَ وَكَانَ غَنِيًّا» . (وَيُفَضَّلُ الذَّكَرُ) عَلَى الْأُنْثَى (كَالْإِرْثِ) ، فَلَهُ سَهْمَانِ وَلَهَا سَهْمٌ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى تُسْتَحَقُّ بِقَرَابَةِ الْأَبِ كَالْإِرْثِ، سَوَاءٌ الصَّغِيرُ، وَالْكَبِيرُ. وَالْعِبْرَةُ بِالِانْتِسَابِ إلَى الْآبَاءِ فَلَا يُعْطَى أَوْلَادُ الْبَنَاتِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَالْمُطَّلِبِ شَيْئًا «؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعْطِ الزُّبَيْرَ وَعُثْمَانَ، مَعَ أَنَّ أُمَّ كُلٍّ مِنْهُمَا كَانَتْ هَاشِمِيَّةً» (وَالْيَتَامَى) لِلْآيَةِ (الْفُقَرَاءِ) ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْيَتِيمِ يُشْعِرُ بِالْحَاجَةِ (مِنَّا) ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، أَوْ نَحْوُهُ أُخِذَ مِنْ الْكُفَّارِ فَاخْتَصَّ بِنَا كَسَهْمِ الْمَصَالِحِ.
(وَالْيَتِيمُ صَغِيرٌ) وَلَوْ أُنْثَى لِخَبَرِ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ النَّوَوِيُّ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ غَيْرُهُ (لَا أَبَ لَهُ) وَإِنْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ، وَالْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ مَنْ فَقَدَ أُمَّهُ، وَفِي الطُّيُورِ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ، وَمَنْ فَقَدَ أُمَّهُ فَقَطْ مِنْ الْآدَمِيِّينَ يُقَالُ لَهُ: مُنْقَطِعٌ (وَلِلْمَسَاكِينِ) الصَّادِقِينَ بِالْفُقَرَاءِ (وَلِابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ: الطَّرِيقِ (الْفَقِيرِ) مِنَّا ذُكُورًا كَانُوا، أَوْ إنَاثًا لِلْآيَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ أَمَّا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ) هَذَا لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَهُوَ أَنَّهُمْ الْمُرَادُونَ بِذَوِي الْقُرْبَى فِي الْآيَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَغْنِيَاءَ) يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْقُضَاةِ وَالْعُلَمَاءِ أَيْضًا فَيُوَافِقُ الْمُعْتَمَدَ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَالْإِرْثِ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ لَوْ أَعْرَضُوا عَنْ سَهْمِهِمْ لَمْ يَسْقُطْ وَسَيَأْتِي فِي السِّيَرِ وَمِنْ إطْلَاقِ الْآيَةِ اسْتِوَاءُ صَغِيرِهِمْ وَعَالِمِهِمْ وَضِدُّهُمَا وَوُجُوبُ تَعْمِيمِهِمْ وَلَا يُقَدَّمُ حَاضِرٌ بِمَوْضِعِ الْفَيْءِ عَلَى غَائِبٍ عَنْهُ. وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إعْطَاءَ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى وَأَنَّهُ لَا يُوقَفُ لَهُ شَيْءٌ لَكِنَّ مُقْتَضَى التَّشْبِيهُ بِالْإِرْثِ وَقْفُ تَمَامِ نَصِيبِ ذَكَرٍ وَهُوَ الْأَوْجَهُ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ إلَخْ) أَيْ: كَالْإِرْثِ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مِنْ سَائِرِ الْحَيْثِيَّاتِ وَإِلَّا فَهُنَا يَأْخُذُ الْجَدُّ مَعَ الْأَبِ وَابْنُ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ ح ل وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَخْذُ الْجَدِّ مَعَ الْأَبِ، وَابْنُ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ، وَاسْتِوَاءُ مُدْلٍ بِجِهَتَيْنِ، وَمُدْلٍ بِجِهَةٍ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ بِالْإِرْثِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ عَلَى انْفِرَادِهِ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ هَاشِمِيَّةً) أَمَّا الزُّبَيْرُ فَأُمُّهُ صَفِيَّةُ عَمَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا فِي م ر وَأَمَّا عُثْمَانُ فَأُمُّهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْأُصُولِ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَبِالزَّايِ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ أَسْلَمَتْ اهـ. فَأُمُّ عُثْمَانَ لَيْسَتْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ مُسَامَحَةٌ اهـ. ع ش بِاخْتِصَارٍ وَقَالَ ز ي وَم ر وَلَا يَرِدُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَنَّ أَوْلَادَ بَنَاتِهِ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ فِي الْكَفَاءَةِ وَغَيْرِهَا كَابْنِ بِنْتِهِ رُقَيَّةَ مِنْ عُثْمَانَ وَأُمَامَةَ بِنْتِ بِنْتِهِ زَيْنَبَ مِنْ أَبِي الْعَاصِ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ مَاتَا صَغِيرَيْنِ أَيْ: فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُمَا عَاشَا كَانَا يَسْتَحِقَّانِ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِمَا وَإِنَّمَا أَعْقَبَ أَوْلَادَ فَاطِمَةَ مِنْ عَلِيٍّ وَهْم هَاشِمِيُّونَ أَبًا.
(قَوْلُهُ وَالْيَتَامَى) وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِمْ هُنَا مَعَ شُمُولِ الْمَسَاكِينِ لَهُمْ عَدَمُ حِرْمَانِهِمْ وَإِفْرَادُهُمْ بِخُمُسٍ كَامِلٍ شَرْحُ م ر وَاسْتُشْكِلَ جَمْعُ الْيَتِيمِ عَلَى يَتَامَى مَعَ أَنَّ الْيَتِيمَ فَعِيلٌ وَالْفَعِيلُ يُجْمَعُ عَلَى فَعْلَى كَمَرِيضٍ وَمَرْضَى وَقَتِيلٍ وَقَتْلَى قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ: فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: إنَّ جَمْعَ الْيَتِيمِ يَتْمَى، ثُمَّ يُجْمَعُ يَتْمَى عَلَى يَتَامَى كَأَسِيرِ وَأَسْرَى وَأَسَارَى فَيَكُونُ يَتَامَى جَمْعَ الْجَمْعِ وَالثَّانِي: أَنَّ جَمْعَ يَتِيمٍ يَتَائِمُ؛ لِأَنَّ يَتِيمًا جَارٍ مَجْرَى الِاسْمِ نَحْوُ صَاحِبٍ وَفَارِسٍ، ثُمَّ تُقْلَبُ الْيَتَائِمُ يَتَامَى كَنَدِيمِ وَنَدَامَى وَيَجُوزُ أَيْضًا يَتِيمٌ وَأَيْتَامٌ كَشَرِيفٍ وَأَشْرَافٍ كَذَا فِي الْمُنْتَخَبِ اهـ. مِنْ تَفْسِيرِ الرَّازِيّ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: مِنَّا) وَكَذَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ فِي ذَوِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ مِنَّا عَنْ الْجَمِيعِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: لَا أَبَ لَهُ) أَيْ: مَوْجُودٌ وَهُوَ شَامِلٌ لِوَلَدِ الزِّنَا وَاللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِلِعَانٍ لَكِنْ اللَّقِيطُ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَشَرْطُ الْإِنْفَاقِ هُنَا الْحَاجَةُ وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ هُوَ أَيْ: الْيَتِيمُ وَلَدٌ مَاتَ أَبُوهُ وَالْأُولَى أَوْلَى عِنْدَ شَيْخِنَا ح ل وَعِبَارَةُ س ل يَنْدَرِجُ فِي تَفْسِيرِهِمْ الْيَتِيمَ وَلَدُ الزِّنَا وَاللَّقِيطُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ وَلَا يُسَمَّوْنَ أَيْتَامًا؛ لِأَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا أَبَ لَهُ شَرْعًا فَلَا يُوصَفُ بِالْيَتِيمِ وَاللَّقِيطُ قَدْ يَظْهَرُ أَبُوهُ وَالْمَنْفِيُّ بِاللِّعَانِ قَدْ يَسْتَلْحِقُهُ نَافِيهِ وَلَكِنَّ الْقِيَاسَ أَنَّهُمْ يُعْطَوْنَ مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى وَيُرْجَعُ عَلَى وَلَدِ اللَّقِيطِ وَالْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ إذَا ظَهَرَ لَهُمَا أَبٌ وَكَانَ بِحَيْثُ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا وَعِبَارَةُ حَجّ: وَيَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الزِّنَا وَالْمَنْفِيُّ لَا اللَّقِيطُ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ فَقْدَ أَبِيهِ عَلَى أَنَّهُ غَنِيٌّ بِنَفَقَتِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ) أَيْ: لَمْ يَجِبْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ لِفَقْرِهِ وَأَمَّا لَوْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ يَتِيمًا بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر هَذَا غَايَةٌ فِي تَسْمِيَتِهِ يَتِيمًا لَيْسَ إلَّا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ الْجَدُّ غَنِيًّا وَبِهِ صَرَّحَ ز ي أَيْضًا (قَوْلُهُ وَالْيَتِيمُ فِي الطُّيُورِ مَنْ فَقَدَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِنَحْوِ الْحَمَامِ بِخِلَافِ نَحْوِ الدَّجَاجِ وَالْإِوَزِّ فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ أَنَّ فَرْخَهُمَا لَا يَفْتَقِرُ إلَّا لِلْأُمِّ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الْمُشَاهَدَ إلَخْ فِيهِ أَنَّ الْمُشَاهَدَ عَدَمُ احْتِيَاجِ الْإِوَزِّ وَالدَّجَاجِ إلَيْهِمَا مَعًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ فَقَدْ أُمَّهُ فَقَطْ) الْأَنْسَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَالْيَتِيمُ فِي الْبَهَائِمِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْمَسَاكِينِ) وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ كَمَا فِي حَجّ وَإِنْ اُتُّهِمَ وَكَذَا ابْنُ السَّبِيلِ وَلَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْيُتْمِ، أَوْ الْقَرَابَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ خ ط وَكَذَا لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْإِسْلَامِ وَالْغَزْوُ مِنْ الْبَيِّنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute