للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ مَا مَرَّ آنِفًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ الصِّنْفَيْنِ، وَبَيَانُ الْفَقِيرِ فِي الْبَابِ الْآتِي. وَيَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ لِلْمَسَاكِينِ بَيْنَ الْكَفَّارَةِ وَسَهْمِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ، وَالْخُمُسِ فَيَكُونُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ. وَإِنْ اجْتَمَعَ فِي أَحَدِهِمْ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ، وَالْمَسْكَنَةُ زَائِلَةٌ. وَلِلْإِمَامِ التَّسْوِيَةُ وَالتَّفْضِيلُ بَيْنَهُمْ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَقَوْلِي: مِنَّا مَعَ الْفَقِيرِ مِنْ زِيَادَتِي (وَيَعُمُّ الْإِمَامُ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ الْأَصْنَافَ (الْأَرْبَعَةَ الْأَخِيرَةَ) بِالْإِعْطَاءِ وُجُوبًا لِعُمُومِ الْآيَةِ، فَلَا يَخُصُّ الْحَاضِرَ بِمَوْضِعِ حُصُولِ الْفَيْءِ وَلَا مَنْ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهُمْ بِالْحَاصِلِ فِيهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَاصِلُ لَا يَسُدُّ مَسَدًّا بِالتَّعْمِيمِ قَدَّمَ الْأَحْوَجَ وَلَا يَعُمُّ لِلضَّرُورَةِ، وَمَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَرْبَعَةِ صُرِفَ نَصِيبُهُ لِلْبَاقِينَ مِنْهُمْ.

(وَالْأَخْمَاسَ الْأَرْبَعَةَ لِلْمُرْتَزِقَةِ) وَهُمْ الْمُرْصَدُونَ لِلْجِهَادِ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ لَهُمْ لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ بِهِ بِخِلَافِ الْمُتَطَوِّعَةِ فَلَا يُعْطَوْنَ مِنْ الْفَيْءِ، بَلْ مِنْ الزَّكَاةِ عَكْسُ الْمُرْتَزِقَةِ، كَمَا سَيَأْتِي وَيَشْرِكُ الْمُرْتَزِقَةَ فِي ذَلِكَ قُضَاتُهُمْ، كَمَا مَرَّ وَأَئِمَّتُهُمْ وَمُؤَذِّنُوهُمْ وَعُمَّالُهُمْ (فَيُعْطِي) الْإِمَامُ وُجُوبًا (كُلًّا) مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ وَهَؤُلَاءِ (بِقَدْرِ حَاجَةِ مَمُونِهِ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهَا كَزَوْجَاتِهِ؛ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ وَيُرَاعِي فِي الْحَاجَةِ الزَّمَانَ، وَالْمَكَانَ، وَالرُّخْصَ، وَالْغَلَاءَ وَعَادَةَ الشَّخْصِ مُرُوءَةً وَضِدَّهَا، وَيُزَادُ إنْ زَادَتْ حَاجَتُهُ بِزِيَادَةِ وَلَدٍ، أَوْ حُدُوثِ زَوْجَةٍ فَأَكْثَرَ. وَمَنْ لَا عَبْدَ لَهُ يُعْطَى مِنْ الْعَبِيدِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلْقِتَالِ مَعَهُ، أَوْ لِخِدْمَتِهِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ، وَيُعْطَى مُؤْنَتَهُ. وَمَنْ يُقَاتِلُ فَارِسًا وَلَا فَرَسَ لَهُ يُعْطَى مِنْ الْخَيْلِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلْقِتَالِ وَيُعْطَى مُؤْنَتَهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَاتِ يُعْطَى لَهُنَّ مُطْلَقًا؛ لِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ، ثُمَّ مَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ الْمِلْكُ فِيهِ لَهُمَا حَاصِلٌ مِنْ الْفَيْءِ، وَقِيلَ: يَمْلِكُهُ هُوَ وَيَصِيرُ إلَيْهِمَا مِنْ جِهَتِهِ (فَإِنْ مَاتَ أَعْطَى) الْإِمَامُ (أُصُولَهُ وَزَوْجَاتِهِ وَبَنَاتِهِ إلَى أَنْ يَسْتَغْنُوا) بِنَحْوِ نِكَاحٍ، وَإِرْثٍ (وَبَنِيهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ مَعَ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ مَالٌ، أَوْ نَحْوُهُ ح ل. (قَوْلُهُ: أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ فَقَطْ) وَعِبَارَةُ م ر أُعْطِيَ مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَهِيَ أَظْهَرُ

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ فِي وَقْتِهِ وَزَمَنِهِ يَسْتَحِيلُ انْفِكَاكُهُ وَقَوْلُهُ وَالْمَسْكَنَةُ زَائِلَةٌ أَيْ: يُمْكِنُ زَوَالُهَا فِي زَمَنِهَا وَوَقْتِهَا وَفِيهِ أَنَّ الْمَسْكَنَةَ شَرْطٌ لِلْيُتْمِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ إعْطَاءُ الْيَتِيمِ بِدُونِهَا؟ ح ل وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَسْكَنَةَ وَإِنْ كَانَتْ شَرْطًا لَهُ إلَّا أَنَّ الْمُلَاحَظَ فِي الْإِعْطَاءِ جِهَةُ الْيُتْمِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْكَنَةُ لَازِمَةً إلَّا أَنَّهَا لَمْ تُلَاحَظْ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَازِمٌ أَيْ: لَا طَرِيقَ إلَى انْفِكَاكِهِ فِي زَمَنِهِ وَهُوَ قُبَيْلُ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنَةِ تَنْدَفِعُ بِالْغِنَى فِي أَيِّ زَمَنٍ. وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الْغَازِيَ إذَا كَانَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى لَا يَأْخُذُ بِالْغَزْوِ بَلْ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قُبَيْلَ فَصْلٍ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَزْوِ وَالْمَسْكَنَةِ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا قَالَ حَجّ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ نَحْوَ الْعِلْمِ كَالْغَزْوِ اهـ. س ل وَلَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ يُتْمٌ وَقَرَابَةٌ أُعْطِيَ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْيُتْمَ عَارِضٌ وَلَوْ اجْتَمَعَ فِيهِ مَسْكَنَةٌ وَكَوْنُهُ ابْنَ السَّبِيلِ أُعْطِيَ بِأَحَدِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَصْنَافَ الْأَرْبَعَةَ) أَيْ: وَجَمِيعَ آحَادِهِمْ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَخُصُّ الْحَاضِرَ) بَلْ الْغَائِبَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْإِقْلِيمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْفَيْءُ فَيُقْسَمُ مَا فِي كُلِّ إقْلِيمٍ عَلَى سُكَّانِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يُنْقَلَ مَا فِي كُلِّ إقْلِيمٍ إلَى كُلِّ الْأَقَالِيمِ ح ل. (قَوْلُهُ وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ إلَخْ) لَوْ لَمْ تَفِ بِهِمْ وَهْم فُقَرَاءُ جَازَ إعْطَاؤُهُمْ مِنْ سَهْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمِيرَةُ وَقَوْلُهُ الْمُرْتَزِقَةُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِطَلَبِ أَرْزَاقِهِمْ مِنْ الْإِمَامِ مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: وَهْم الْمُرْصِدُونَ سُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ أَرَصَدُوا أَنْفُسَهُمْ لِلذَّبِّ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلرِّزْقِ مِنْ مَالِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ كَزَوْجَاتِهِ) وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَوْبَرِيٌّ وَلَوْ أَرْبَعًا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْآنَ لَا فِي بَيْتِ أَبِيهِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: احْتَاجَهُنَّ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ لِانْحِصَارِهِنَّ فِي أَرْبَعٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ لَمْ يُعْطَ إلَّا لِوَاحِدَةٍ عَمِيرَةُ. قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْطَى عَلَى قَدْرِ حَاجَتِهِ مِنْهُنَّ سم وَعِبَارَةُ م ر وَيُعْطَى لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَإِنْ كَثُرْنَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ؛ لِأَنَّ حَمْلَهُنَّ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ وَقِيلَ: يَمْلِكُهُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ وَأَيْضًا إذَا قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُمَا مِنْ جِهَتِهِ تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ فَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُمَا ابْتِدَاءً فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ النَّفَقَةُ عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَالْوَجْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ اهـ. نَظِيرُ مَا إذَا ضَيَّفَهَا شَخْصٌ لِأَجْلِهِ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ أَيْضًا أَنَّهُ يُورَثُ عَنْهَا عَلَى الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: أُصُولَهُ) أَيْ: الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ وَزَوْجَاتِهِ وَمُسْتَوْلَدَاتِهِ أَيْ: الْمُسْلِمَاتِ كَمَا هُوَ الْأَقْرَبُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: كَزَوْجَاتِهِ مِنْ أَنَّهُ يُعْطِي لِلزَّوْجَةِ الذِّمِّيَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ وَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَهُنَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إنَّمَا هُوَ لَهُ لَا لَهُنَّ بِخِلَافِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا فِي سم فَإِنْ أَسْلَمَتْ الزَّوْجَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْمَنْعِ وَهِيَ الْكُفْرُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ وَبَنَاتِهِ) أَيْ: الْمُسْلِمَاتِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَسْتَغْنُوا) يَقْتَضِي أَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا يُرْغَبُ فِي نِكَاحِهَا أَيْ: وَلَمْ تَسْتَغْنِ بِمَا ذَكَرَ أَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>