للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَ) كَقَوْلِهِ: (لِخُنْثَى زَنَى فَرْجَاك) فَإِنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَكِنَايَةٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) كَقَوْلِهِ: (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ) هُوَ صَرِيحٌ فِي قَذْفِ أُمِّ الْمُخَاطَبِ (إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ يُسْتَلْحَقْ) أَيْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ النَّافِي فَلَيْسَ صَرِيحًا بَلْ كِنَايَةً فَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَصْدِيقَ النَّافِي فِي نِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا فَقَاذِفٌ لَهَا أَوْ أَرَدْت أَنَّ النَّافِيَ نَفَاهُ أَوْ انْتَفَى نَسَبُهُ مِنْهُ شَرْعًا، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، أَمَّا لَوْ قَالَهُ لِمَنْفِيٍّ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَصَرِيحٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ حِينَ نَفَاهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

(وَكِنَايَتُهُ كَزَنَأْتَ وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزَةِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّنْءَ هُوَ الصُّعُودُ بِخِلَافِ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ بِالْهَمْزِ فَصَرِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ.

(وَ) كَقَوْلِهِ: لِغَيْرِهِ (زَنَى يَدُكَ) أَوْ رِجْلُك (أَوْ يَا فَاجِرُ) أَوْ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرَةُ أَوْ يَا فَاسِقَةُ (وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ أَوْ لَمْ أَجِدْكِ بِكْرًا) سَوَاءٌ قَالَهُ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهَا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ تَخْصِيصَهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْأَخِيرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ بِمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ فَإِنْ عُلِمَ فَلَا صَرِيحَ وَلَا كِنَايَةَ.

(وَلِعَرَبِيٍّ يَا نَبَطِيُّ) نِسْبَةً لِلْأَنْبَاطِ قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْهَا، وَالْقَذْفُ فِيهِ إنْ أَرَادَهُ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السِّيَرِ وَالْأَخْلَاقِ وَتَعْبِيرِي بِالْعَرَبِيِّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقُرَشِيِّ (وَلِوَلَدِهِ لَسْت ابْنِي) بِخِلَافِهِ فِي وَلَدِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ عَلَى التَّأْدِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَقَاذِفٌ لِأُمِّهِ وَأَنَّهُ لَا يُشْبِهُنِي خُلُقًا أَوْ خَلْقًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.

(وَتَعْرِيضِهِ كَيَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَنَا لَسْت بِزَانٍ لَيْسَ قَذْفًا) وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا، وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَاللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ.

(وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ (زَنَيْتُ بِكَ إقْرَارٌ بِزِنًا) عَلَى نَفْسِهِ (وَقَذْفٌ) لِلْمُخَاطَبِ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ) جَوَابًا (زَنَيْتُ بِكَ أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ لَهَا) لِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ الْقَذْفِ الصَّرِيحِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِذَا قَالَ لَهَا: أُولِجَ فِي دُبُرِك وَكَانَتْ خَلِيَّةً كَانَ صَرِيحًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا إلَّا بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالدُّبْرِ دُبُرَ الْحَلِيلَةِ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَلَوْ قَالَ لَهُ: زَنَيْتَ بِبَهِيمَةٍ لَزِمَهُ التَّعْزِيرُ ح ل وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِيهِ أَنَّ الْكِنَايَةَ أَيْضًا قَدْ يُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الصَّرِيحِ مَرْجُوحٌ وَالِاحْتِمَالَ الَّذِي يُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فِي الْكِنَايَةِ قَوِيٌّ مُسَاوٍ لِلِاحْتِمَالِ الْآخَرِ.

. (قَوْلُهُ: كَزَنَأْت) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَلَبَ الْيَاءَ هَمْزَةً فَيَكُونُ قَذْفًا وَأَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةً فَلَا يَكُونُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ قَصْدَ الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ بَعِيدٌ جِدًّا كَمَا قَالَهُ ز ي.

. (قَوْلُهُ: أَوْ يَا فَاجِرُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَجَرَ الْعَبْدُ فُجُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ فَسَقَ وَزَنَى. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ س ل.

. (قَوْلُهُ قَوْمٌ) أَيْ: مِنْ الْعَجَمِ فَقَدْ نَسَبَ الْعَرَبِيَّ لِغَيْرِ الْعَرَبِ، وَقَوْلُهُ: يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ جَمْعُ أَبْطُحٍ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ) أَيْ: عِرَاقِ الْعَرَبِ، وَعِرَاقِ الْعَجَمِ. (قَوْلُهُ: لَا يُشْبِهُهُمْ) أَيْ لَا يُشْبِهُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَخْلَاقِ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: لَسْت ابْنِي) أَوْ قَالَ لَهُ أَنْت ابْنُ زِنًا لِأَنَّ هَذَا كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عُقُوقِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَعِنْدَ شُحِّهِ عَلَيْهِ وَبِرِّهِ لِلْأَجَانِبِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَكَأَنَّ وَجْهَ جَعْلِهِمْ لَهُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ مَعَ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ نُدْرَةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ زِنًا وَبِهَذَا يَقْرُبُ مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُسْأَلُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نُدِبَ سُؤَالُهُ لَا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى عَدَمِ الْقَذْفِ إلَّا إنْ قَالَ: أَرَدْت مِنْ زِنًا حَرِّرْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ.

. (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوَّحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) أَيْ: وَهِيَ مُلْغَاةٌ لِاحْتِمَالِهَا وَتَعَارُضِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِصَرِيحِهَا وَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَاللَّفْظُ) أَيْ: يُعْلَمُ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ أَيْ: يُؤْتَى بِهِ لِلْقَذْفِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ جَعْلَ قَصْدِ الْقَذْفِ مُقَسَّمًا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْقَصْدِ فِي الصَّرِيحِ وَأَنَّ الْكِنَايَةَ يُفْهَمُ مِنْ وَضْعِهَا الْقَذْفُ وَأَنَّهَا وَالتَّعْرِيضَ يُقْصَدُ بِهِمَا ذَلِكَ دَائِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْكُلِّ فَالْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ وَحْدَهُ صَرِيحٌ، وَمَا احْتَمَلَ وَضْعًا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ كِنَايَةٌ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُفْهِمُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ تَعْرِيضٌ. اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِزِنًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>