للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى مُسْلِمٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ) لَهُ (غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ) سَكْرَانَ أَوْ (خَافَ طَرِيقًا) فَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لَهُ وَلَا عَلَى كَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى أُنْثَى وَخُنْثَى؛ لِضَعْفِهِمَا عَنْ الْقِتَالِ غَالِبًا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ سَيِّدُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ كَأَقْطَعَ وَأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ وَمَنْ بِهِ عَرَجٌ بَيِّنٌ وَإِنْ رَكِبَ، أَوْ مَرَضٌ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ مِنْ سِلَاحٍ وَمُؤْنَةٍ وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ فَاضِلٍ ذَلِكَ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَكَمَعْذُورٍ بِمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْخُنْثَى وَالْمُبَعَّضِ وَالْأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ) لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا تَقْدِيمًا لِفَرْضِ الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَنَابَ مَنْ يُؤَدِّيهِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَلَا تَحْرِيمَ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُوسِرُ الْمُعْسِرِ، وَبِالْحَالِّ الْمُؤَجَّلُ، وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ؛ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ.

(وَ) حَرُمَ (جِهَادُ وَلَدٍ بِلَا إذْنِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ) وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَبِرُّ أَصْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ أَصْلِهِ الْكَافِرِ فَلَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ وَتَعْبِيرِي بِأَصْلِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَبَوَيْهِ (لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَلَوْ كِفَايَةً كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَصْلُهُ وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ (فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ: أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ (وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا) بِأَنْ حَضَرَهُ (حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: ٤٥] وَلِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْحَمَّامِ، كَمَا فِي م ر

(قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ: بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ.

(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ) أَيْ: مِنَّا. (قَوْلُهُ: بَيِّنٌ) خَرَجَ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدُوَّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ) بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةٍ) أَيْ: لِنَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَذَا مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ الْمَقْصِدُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا. وَلَا يُطِيقُ الْمَشْيَ، كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ.

(قَوْلُهُ: فَاضِلٍ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ السِّلَاحِ وَالْمُؤْنَةِ وَالْمَرْكُوبِ فَهُوَ نَعْتٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَنْفِيَّةِ فَالنَّفْيُ فِي قَوْلِهِ: وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ إلَخْ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ بِأَنْ يَجِدَهُ غَيْرَ فَاضِلٍ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَتْ مُقَاوَمَتُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَجّ

. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ سَفَرُ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَم ر: وَيَكْفِي وُجُودُ مُسَمَّى السَّفَرِ وَهُوَ مَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّ التَّسَاهُلَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ أَنْ يَكُونَ مَقْصِدُهُ إلَى مَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ بِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لِذَلِكَ الْحَاجَةُ، وَهِيَ تَسْتَدْعِي اشْتِرَاطَ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُنَا الْغَرَضُ حَقُّ الْغَيْرِ، وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ ح ل وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَدَمُ إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ وَعَدَمُ إذْنِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَكُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالْفَرْعِ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الدَّائِنِ وَالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ:، وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ حَجّ ز ي أَيْ: وَالْمُرَادُ إذْنُ مَنْ يَجُوزُ إذْنُهُ أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِمَدِينِ الْمَحْجُورِ فِي السَّفَرِ س ل وَشَمَلَ الدَّيْنُ كَثِيرَهُ وَقَلِيلَهُ كَفَلَسٍ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ أَيْضًا مَا لَوْ سَافَرَ مَعَهُ أَوْ كَانَ فِي مَقْصِدِهِ؛ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ، كَمَا فِي ع ش قَالَ س ل: وَحَيْثُ جَاهَدَ بِالْإِذْنِ لَا يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ أَمَامَ الصُّفُوفِ بَلْ يَقِفُ فِي وَسَطِهَا وَحَوَاشِيهَا لِيَحْفَظَ الدَّيْنَ بِحِفْظِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرِيمَ) أَيْ: إذَا ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَعَلِمَ الدَّائِنُ بِالْوَكِيلِ حَجّ سم

. (قَوْلُهُ: لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) أَيْ: إنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ بِالْخَوْفِ وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ أَوْ رَجَا بِغُرْبَتِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ مُتَّسَعًا، لَكِنْ يُتَّجَهُ مَنْعُهُمَا لَهُ مِنْ خُرُوجِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ: وَقْتَهُ عَادَةً لَوْ أَرَادُوهُ؛ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْوُجُوبِ إلَى الْآنَ شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ) وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ كَالتِّجَارَةِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصِيرًا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا، فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ فَكَالْجِهَادِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي التَّفْصِيلِ س ل (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا. اهـ. أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ، وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَايَةٌ عَلَيْهِ ع ش عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) وَكَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَصْلُ الْكَافِرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ، وَعَلِمَ الْفَرْعُ الْحَالَ س ل. (قَوْلُهُ: حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لَكِنْ لَا يَقِفُ مَوْقِفَ الشَّهَادَةِ، بَلْ فِي آخِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>