بِنَفْسِهِ) أَيْ لَا بِعَيْنٍ كَطُولِ مُكْثٍ (أَوْ بِمَاءٍ) انْضَمَّ إلَيْهِ وَلَوْ نَجَسًا أَوْ أُخِذَ مِنْهُ وَالْبَاقِي قُلَّتَانِ (طَهُرَ) لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُ تَغَيُّرِهِ إذَا خَلَا عَنْ نَجَسٍ جَامِدٍ، أَمَّا إذَا زَالَ حِسًّا بِغَيْرِهِمَا كَمِسْكٍ وَتُرَابٍ وَخَلٍّ فَلَا يَطْهُرُ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغَيُّرَ زَالَ أَوْ اسْتَتَرَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَتَرَ فَإِنْ صَفَا الْمَاءُ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ طَهُرَ.
(وَ) الْمَاءُ (دُونَهُمَا) أَيْ الْقُلَّتَيْنِ وَلَوْ جَارِيًا (يَنْجُسُ كَرَطْبِ غَيْرِهِ) كَزَيْتٍ وَإِنْ كَثُرَ (بِمُلَاقَاتِهِ) أَيْ النَّجَسِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَقْرِيرُ ع ش وَزي (قَوْلُهُ أَيْ: لَا بِعَيْنٍ) دَخَلَ فِيهِ الرِّيحُ وَالشَّمْسُ وَبِهِ صَرَّحَ السُّبْكِيُّ شَوْبَرِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ نَجِسًا) أَيْ: مُتَنَجِّسًا وَتَنْكِيرُ الْمَاءِ لِيَشْمَلَ هَذَا لَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ الْمَاءُ إذَا أُطْلِقَ يَنْصَرِفُ لِلطَّاهِرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إطْلَاقٌ شَرْعِيٌّ، وَهَذَا إطْلَاقٌ لُغَوِيٌّ. ع ش أَيْ: تَسْمِيَةُ النَّجِسِ مَاءً بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُقَالُ لَهُ: مَاءٌ شَرْعًا. (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَالْبَاقِي قُلَّتَانِ) بِأَنْ كَانَ الْإِنَاءُ مُنْخَنِقًا بِهِ فَزَالَ انْخِنَاقُهُ وَدَخَلَ الرِّيحُ وَقَصَرَهُ. حَجّ (قَوْلُهُ طَهَرَ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ. شَرْحُ م ر وَيَطْهُرُ وَلَوْ كَانَ بِهِ نَجَاسَةٌ جَامِدَةٌ، وَيَكُونُ مُطَهَّرًا وَإِنَّمَا قَالَ هُنَا: طَهُرَ وَفِيمَا سَيَأْتِي فَهُوَ طَهُورٌ لَعَلَّهُ لِلتَّفَنُّنِ أَوْ أَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا كَانَ فِيهِ إيرَادُ مَاءٍ كَانَ مَظِنَّةَ تَوَهُّمِ أَنَّهُ يَطْهُرُ بِالْإِيرَادِ، وَلَا يَطْهُرُ لَوْ لَمْ يُعَبِّرْ بِالطَّهُورِيَّةِ؛ فَعَبَّرَ بِهَا دَفْعًا لِهَذَا التَّوَهُّمِ بِخِلَافِهِ هُنَا تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنَجُّسِ) وَهِيَ التَّغَيُّرُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُ تَغَيُّرِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْإِيعَابِ: نَعَمْ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ التَّغَيُّرَ مِنْ تِلْكَ النَّجَاسَةِ كَانَ نَجِسًا اهـ أَيْ: مِنْ حِينِ عَوْدِ التَّغَيُّرِ كَمَا قَالَهُ ع ش قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ فِي هَذِهِ أَنَّهُ إذَا عَادَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ الزَّائِلُ؛ فَالْمَاءُ نَجِسٌ وَإِنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا آخَرَ لَا بِسَبَبِ تِلْكَ النَّجَاسَةِ أَصْلًا فَهُوَ طَهُورٌ، وَإِنْ تَرَدَّدَ الْحَالُ فَاحْتِمَالَانِ، وَالْأَرْجَحُ الطَّهَارَةُ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ إذَا خَلَا عَنْ نَجِسٍ جَامِدٍ) فَإِنْ كَانَ بِهِ ذَلِكَ النَّجَسُ الْجَامِدُ ضَرَّ التَّغَيُّرُ بِهِ إحَالَةً لَهُ عَلَى ذَلِكَ النَّجِسِ الْجَامِدِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ أَمْكَنَ إحَالَتُهُ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ الَّذِي زَالَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ، فَالْمُرَادُ خَلَا عَنْ نَجِسٍ كَانَ مَوْجُودًا فِيهِ قَبْلَ زَوَالِ ذَلِكَ التَّغَيُّرِ، وَذَلِكَ التَّغَيُّرُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ عَلَى م ر: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ بِالْجَامِدِ الْمُجَاوِرُ وَلَوْ مَائِعًا كَالدُّهْنِ وَبِالْمَائِعِ الْمُسْتَهْلَكُ. (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا زَالَ) لَوْ زَالَ التَّغَيُّرُ بِمُجَاوِرٍ عَادَ طَهُورًا كَمَا فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَيَدُلُّ لَهُ التَّمْثِيلُ بِالْمُخَالِطِ ز ي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: وَلَوْ زَالَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ ثُمَّ عَادَ فَإِنْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ جَامِدَةً، وَهِيَ فِيهِ فَنَجِسٌ وَإِنْ كَانَتْ مَائِعَةً أَوْ جَامِدَةً، وَقَدْ أُزِيلَتْ قَبْلَ التَّغَيُّرِ الثَّانِي لَمْ يَنْجُسْ. اهـ قَالَ ع ش: قَوْلُهُ فَنَجِسٌ أَيْ: مِنْ الْآنَ وَعَلَيْهِ فَلَوْ زَالَ تَغَيُّرُهُ فَتَطَهَّرَ مِنْهُ جَمْعٌ ثُمَّ عَادَ تَغَيُّرُهُ. لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ إعَادَةُ الصَّلَاةِ الَّتِي فَعَلُوهَا، وَلَمْ يُحْكَمْ بِنَجَاسَةِ أَبْدَانِهِمْ وَلَا ثِيَابِهِمْ لِأَنَّهُ بِزَوَالِ تَغَيُّرِهِ حَكَمَ بِطَهُورِيَّتِهِ، وَالتَّغَيُّرُ الثَّانِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَجَاسَةٍ تَحَلَّلَتْ مِنْهُ بَعْدُ وَهِيَ لَا تَضُرُّ فِيمَا مَضَى. (قَوْلُهُ حِسًّا) أَيْ: ظَاهِرًا (قَوْلُهُ كَمِسْكٍ) أَيْ: فَإِنَّهُ يُزِيلُ الرِّيحَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَغَيِّرًا بِالرِّيحِ، وَالتُّرَابُ يُزِيلُ اللَّوْنَ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَالْخَلُّ يُزِيلُ الطَّعْمَ، وَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ أَيْ: لَمْ تُوجَدْ رَائِحَةٌ النَّجَاسَةِ بِالْمِسْكِ، وَلَا لَوْنُهَا بِالتُّرَابِ وَلَا طَعْمُهَا بِالْخَلِّ. ح ل (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ) هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ قَبْلُ أَمَّا إذَا زَالَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَمَّا إذَا زَالَ ظَاهِرًا فَلِذَلِكَ أَتَى الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ حِسًّا أَيْ: ظَاهِرًا، وَيُرَادُ بِقَوْلِهِ لِلشَّكِّ فِي أَنَّ التَّغْيِيرَ زَالَ أَيْ: حَقِيقَةً فِي الْحِسِّ وَفِي نَفْسِ الْأَمْرِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَإِنْ صَفَا الْمَاءُ) أَيْ: زَالَ رِيحُ الْمِسْكِ أَوْ لَوْنُ التُّرَابِ أَوْ طَعْمُ الْخَلِّ، وَقَوْلُهُ طَهُرَ أَيْ: حَكَمْنَا بِطَهُورِيَّتِهِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ.
(قَوْلُهُ وَالْمَاءُ دُونَهُمَا) قِيلَ: الظَّرْفُ حَالٌ مِنْ الْمُبْتَدَأِ وَفِيهِ مَا لَا يَخْفَى، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يُنَجِّسُ الْعَائِدَ لِلْمَاءِ. اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَوْ جَارِيًا) الرَّدُّ عَلَى مَنْ قَالَ: لَا يُنَجِّسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ لِقُوَّتِهِ بِوُرُودِهِ عَلَى النَّجَاسَةِ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اخْتَارَ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ أَيْ: إنْ قَلَّ، وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا لِلتَّسْهِيلِ عَلَى النَّاسِ، وَإِلَّا فَالدَّلِيلُ صَرِيحٌ فِي التَّفْصِيلِ كَمَا تَرَى.
اهـ (قَوْلُهُ يُنَجِّسُ) لَمْ يَقُلْ بِالْإِجْمَاعِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ. اهـ ح ل (قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرَ) تَعْمِيمٌ حَتَّى لَوْ كَانَ جَارِيًا تَنَجَّسَ جَمِيعُهُ كَمَا فِي ح ل وَهُوَ مُعْتَمَدٌ، فَلَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ فِي آخِرِ الْقَنَاةِ الْجَارِي فِيهَا الزَّيْتُ، وَاتَّصَلَ بِهَا تَنَجَّسَ جَمِيعُ مَا فِي الْقَنَاةِ، وَلَوْ جُعِلَ حَائِلٌ بَيْنَ النَّجَاسَةِ، وَالزَّيْتِ بَعْدَ الِاتِّصَالِ تَنَجَّسَ مَا وَرَاءَ الْحَائِلِ الَّذِي لَمْ يُصِبْ النَّجَاسَةَ، وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ الْقَنَاةُ مُسْتَوِيَةً أَوْ قَرِيبَةَ الِاسْتِوَاءِ بِأَنْ كَانَ فِيهَا ارْتِفَاعٌ يَسِيرٌ فَإِنْ كَانَ فِيهَا ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ فَلَا يَنْجُسُ الْمُرْتَفِعُ بِمُجَرَّدِ مُلَاقَاةِ الْمُنْخَفِضِ لِلنَّجَاسَةِ فَلَوْ جَعَلْنَا حَائِلًا لِلْمُرْتَفِعِ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute