للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَّا الْمَاءُ فَلِمَفْهُومِ خَبَرِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ لِمَنْطُوقِ خَبَرِ «الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ» السَّابِقِ نَعَمْ إنْ وَرَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي بَابِهَا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَاءِ مِنْ الرُّطَبِ فَبِالْأَوْلَى وَفَارَقَ كَثِيرُ الْمَاءِ كَثِيرَ غَيْرِهِ بِأَنَّ كَثِيرَهُ قَوِيٌّ وَيَشُقُّ حِفْظُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَإِنْ كَثُرَ وَخَرَجَ بِالرَّطْبِ الْجَافُّ، وَتَعْبِيرِي بِرَطْبٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِمَائِعٍ (لَا بِمُلَاقَاةِ مَيْتَةٍ لَا يَسِيلُ دَمُهَا) عِنْدَ شَقِّ عُضْوٍ مِنْهَا فِي حَيَاتِهَا كَذُبَابٍ وَخُنْفُسَاءَ (وَلَمْ تُطْرَحْ) فِيهِ (وَ) لَا بِمُلَاقَاةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

طَاهِرًا وَقِيلَ: لَا يَنْجُسُ إلَّا مَا لَاقَى النَّجَاسَةَ دُونَ مَا وَرَاءَهَا شَيْخُنَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَارِيَ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ رَطْبٍ غَيْرِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِمُسْتَوٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ الِاسْتِوَاءِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُنْحَدِرًا مِنْ مُرْتَفِعٍ جِدًّا فَالْجَارِي مِنْ الْمُرْتَفِعِ جِدًّا لَا يَنْجُسُ مِنْهُ إلَّا الْمُلَاقِي لِلنَّجِسِ مَاءً أَوْ غَيْرَهُ، وَأَمَّا فِي الْمُسْتَوِي وَالْقَرِيبِ مِنْهُ فَغَيْرُ الْمَاءِ يَنْجُسُ كُلُّهُ بِالْمُلَاقَاةِ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْجِرْيَةِ، وَأَمَّا الْمَاءُ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِالْجِرْيَةِ، وَهِيَ مَا بَيْنَ حَافَتَيْ النَّهْرِ مِنْ الدَّفَعَاتِ فَإِنْ كَانَتْ قُلَّتَيْنِ لَمْ تُنَجَّسْ هِيَ وَلَا غَيْرُهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَهِيَ الَّتِي تُنَجَّسُ، وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْجِرْيَاتِ بَاقٍ عَلَى طَهُورِيَّتِهِ، وَلَوْ الْمُتَّصِلَةَ بِهَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْعِبْرَةُ فِي الْجَارِي بِالْجِرْيَةِ نَفْسِهَا لَا مَجْمُوعِ الْمَاءِ فَإِنَّ الْجِرْيَاتِ مُتَفَاصِلَةٌ حُكْمًا، وَإِنْ اتَّصَلَتْ فِي الْحِسِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ جِرْيَةٍ طَالِبَةٌ لِمَا قَبْلَهَا هَارِبَةٌ مِمَّا بَعْدَهَا فَإِذَا كَانَتْ الْجِرْيَةُ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ تُنَجَّسُ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ تِلْكَ الْجِرْيَةِ مِنْ النَّهْرِ نَجِسًا، وَيَطْهُرُ بِالْجِرْيَةِ بَعْدَهَا، وَيَكُونُ فِي حُكْمِ غُسَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْعِ جِرْيَاتٍ عَلَيْهَا، وَمِنْ التَّتْرِيبِ هَذَا فِي نَجَاسَةٍ تَجْرِي مِنْ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَتْ جَامِدَةً وَاقِفَةً فَذَلِكَ الْمَحَلُّ نَجِسٌ، وَكُلُّ جِرْيَةٍ تَمُرُّ بِهَا نَجِسَةٌ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ قُلَّتَانِ مِنْهُ، وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ: مَاءُ أَلْفِ قُلَّةٍ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ وَهُوَ نَجِسٌ. اهـ بِاخْتِصَارٍ أَيْ: لِأَنَّهُ مَا دَامَ لَمْ يَجْتَمِعْ نَجِسٌ بِأَنْ طَالَ مَحَلُّ جَرْي الْمَاءِ. (قَوْلُهُ أَمَا الْمَاءُ فَلِمَفْهُومِ خَبْرِ الْقُلَّتَيْنِ السَّابِقِ الْمُخَصِّصِ) أَيْ: الْمَفْهُومِ فَهُوَ صِفَةٌ لَهُ لَا لِلْخَبَرِ قَالَ شَيْخُنَا ع ش: الْمُخَصِّصُ هُنَا هُوَ الْمَفْهُومُ فَقَطْ، وَإِنَّمَا خَصَّصْنَا بِهِ دُونَ الْمَنْطُوقِ لِأَنَّ حَدِيثَ الْقُلَّتَيْنِ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ وَذِكْرُ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِ الْعَامِّ لَا يُخَصِّصُ بِرْمَاوِيٌّ فَقَوْلُهُ الْمَاءُ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ دُونَ الْقُلَّتَيْنِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ وَرَدَ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمُلَاقَاةِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ وَارِدًا عَلَى النَّجَاسَةِ أَيْ: وَلَمْ يَجْتَمِعْ مَعَهَا وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّفْصِيلِ الْآتِي. ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْمُرَادُ بِالْمُلَاقَاةِ وُرُودُ النَّجَاسَةِ عَلَى الْمَاءِ. أَمَّا وُرُودُهُ عَلَيْهَا فَسَيَأْتِي فِي بَابِ النَّجَاسَةِ اهـ وَمِنْ الْوَارِدِ مَا لَوْ فَارَ الْقِدْرُ فَأَصَابَ فُوَارُهُ أَعْلَاهُ الْمُتَنَجِّسَ، وَأَمَّا لَوْ وَضَعَ إنَاءً فِيهِ مَاءٌ عَلَى مَحَلٍّ نَجِسٍ وَهُوَ يَرْشَحُ عَلَيْهِ فَلَا يَنْجُسُ مَا فِيهِ إلَّا إنْ فُرِضَ عَوْدُ الرَّشْحِ إلَيْهِ. اهـ ابْنُ حَجَرٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ وُضِعَ كُوزٌ عَلَى نَجَاسَةٍ وَمَاؤُهُ خَارِجٌ مِنْ أَسْفَلِهِ لَمْ يَنْجُسْ مَا فِيهِ مَا دَامَ يَخْرُجُ فَإِنْ تَرَاجَعَ فَنَجِسٌ كَمَا لَوْ سُدَّ بِنَجِسٍ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى) لِأَنَّ الْمَاءَ فِيهِ قُوَّةٌ عَلَى دَفْعِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ لَا يَسِيلُ دَمُهَا) وَلَوْ احْتِمَالًا وَدَخَلَ مَا لَهُ دَمٌ لَكِنَّهُ لَا يَسِيلُ كَالْوَزَغِ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ كَذُبَابٍ وَخُنْفُسَاءَ) وَكَالْبَقِّ الْمَعْرُوفِ بِمِصْرَ وَالْقُمَّلِ، وَالْبَرَاغِيثِ، وَالسَّحَالِي وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْوَزَغِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ هُنَا لَوْ تَوَلَّدَ حَيَوَانٌ بَيْنَ مَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، وَبَيْنَ مَا لَيْسَ لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ فَالْقِيَاسُ إلْحَاقُهُ بِمَا لَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ كَمَا هُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ تَوَلَّدَ بَيْنَ طَاهِرٍ وَنَجِسٍ تَأَمَّلْ اهـ أَيْ: لِأَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ أَخَسَّ الْأَصْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ تُطْرَحْ) وَلَوْ مِنْ بَهِيمَةٍ لِأَنَّ لِلْحَيَوَانِ اخْتِيَارًا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الرِّيحِ، وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يَطْرَحَهَا مَيِّتَةً، وَتَصِلُ مَيِّتَةً أَمَّا إذَا طَرَحَهَا حَيَّةً أَوْ أُحْيِيَتْ قَبْلَ وُصُولِهَا فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي ع ش قَالَ الشَّمْسُ الشَّوْبَرِيُّ فَلَوْ وَجَدَ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَشَكَّ فِي أَنَّهَا أُلْقِيَتْ فِيهِ مَيِّتَةً أَوْ لَا فَفِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي أَجَابَ بِهِ شَيْخُنَا م ر لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْعَفْوِ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ، وَبَعْضُهُمْ أَجَابَ بِالْعَفْوِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ. وَحَاصِلُ تَحْرِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَطْرَافِهِمَا أَنْ يُقَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَهْجَةِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا: أَنَّهَا إذَا طُرِحَتْ حَيَّةً لَمْ يَضُرَّ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَسَوَاءٌ مَاتَتْ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا إنْ لَمْ تُغَيِّرْهُ، وَإِنْ طُرِحَتْ مَيِّتَةً ضَرَّ سَوَاءٌ كَانَ نَشْؤُهَا مِنْهُ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ وُقُوعُهَا بِنَفْسِهَا لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا فَيُعْفَى عَنْهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا يَقَعُ بِالرِّيحِ، وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَلَمْ يَكُنْ نَشْؤُهَا مِنْهُ إنْ لَمْ تُغَيِّرْ أَيْضًا، وَلَيْسَ الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيَّرَ مُمَيِّزٌ وَالْبَهِيمَةُ كَالرِّيحِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْوَاقِعُ مِنْ ذَلِكَ فَأَخْرَجَ أَحَدَهَا عَلَى رَأْسِ عُودٍ فَسَقَطَ مِنْهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ لَمْ يُنَجِّسْهُ وَهَلْ لَهُ إخْرَاجُ الْبَاقِي بِهِ؟ الْأَوْجَهُ نَعَمْ لِأَنَّ مَا عَلَى رَأْسِ الْعُودِ جُزْءٌ مِنْ الْمَائِعِ الْمَحْكُومِ

<<  <  ج: ص:  >  >>