للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءٌ وَفِي الْآخَرِ شِفَاءٌ» زَادَ أَبُو دَاوُد وَأَنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ وَقَدْ يُفْضِي غَمْسُهُ إلَى مَوْتِهِ فَلَوْ نَجَّسَ لَمَا أَمَرَ بِهِ، وَقِيسَ بِالذُّبَابِ مَا فِي مَعْنَاهُ فَإِنْ غَيَّرَتْهُ الْمَيْتَةُ لِكَثْرَتِهَا أَوْ طُرِحَتْ فِيهِ تَنَجَّسَ وَقَوْلِي وَلَمْ تُطْرَحْ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِي، وَتُعْتَبَرُ الْقُلَّةُ بِالْعُرْفِ (فَإِنْ بَلَغَهُمَا) أَيْ الْمَاءُ النَّجَسُ الْقُلَّتَيْنِ (بِمَاءٍ وَلَا تَغَيُّرَ بِهِ فَطَهُورٌ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهُمَا أَوْ بَلَغَهُمَا بِغَيْرِ مَاءٍ أَوْ بِهِ مُتَغَيِّرًا لَمْ يَطْهُرْ لِبَقَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ.

(وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ) بِطَاهِرٍ أَوْ نَجَسٍ تَغَيُّرُ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ، وَخَرَجَ بِالْمُؤَثِّرِ بِطَاهِرٍ التَّغَيُّرُ الْيَسِيرُ بِهِ وَبِالْمُؤَثِّرِ بِنَجَسٍ التَّغَيُّرُ بِجِيفَةٍ قُرْبَ الْمَاءِ، وَقَدْ مَرَّا وَيُعْتَبَرُ فِي التَّغَيُّرِ التَّقْدِيرِيِّ بِالطَّاهِرِ الْمُخَالِفِ الْوَسَطُ الْمُعْتَدِلُ وَبِالنَّجَسِ الْمُخَالِفِ الْأَشَدِّ.

(وَلَوْ اشْتَبَهَ) عَلَى أَحَدٍ (طَاهِرٌ أَوْ طَهُورٌ بِغَيْرِهِ) مِنْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ (اجْتَهَدَ) فِيهِمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رُطُوبَةٌ نَجِسَةٌ اهـ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ.

(قَوْلُهُ فَلْيَغْمِسْهُ) هُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ لِمُقَابَلَةِ الدَّاءِ بِالدَّوَاءِ وَفِي قَوْلِهِ كُلَّهُ دَفْعُ تَوَهُّمِ الْمَجَازِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِغَمْسِ بَعْضِهِ فَلَا يَكْتَفِي بِغَمْسِ الْجَنَاحَيْنِ وَإِنْ حَصَلَ الشِّفَاءُ بِالْجَنَاحِ الْآخَرِ وَهَلْ يَغْمِسُهُ وَإِنْ انْغَمَسَ بِنَفْسِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْغَمْسِ أَوْ اسْتِحْبَابِهِ إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ التَّغَيُّرُ بِهِ وَإِلَّا حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ. اهـ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ) وَهُوَ الْيَسَارُ خَطِيبٌ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ أَحَدُهُمَا لَا غَمْسَ وَبِالْأَوْلَى إذَا قُطِعَا كَذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قُلْت يُحْتَمَلُ الْغَمْسُ مُطْلَقًا، وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْجُنَاحَ أَوْ أَصْلُهُ أُجْهُورِيٌّ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر، وَعَلَيْهِ فَلَوْ قُطِعَ جَنَاحُهَا الْأَيْسَرُ لَا يُنْدَبُ غَمْسُهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ بَلْ قِيَاسُ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ حُرْمَةِ غَمْسِ غَيْرِ الذُّبَابِ حُرْمَةُ غَمْسِ هَذِهِ الْآنَ لِفَوَاتِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْغَمْسِ. اهـ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالذُّبَابِ) أَيْ: فِي عَدَمِ التَّنَجُّسِ لَا فِي الْغَمْسِ (قَوْلُهُ وَتُعْتَبَرُ الْقُلَّةُ) أَيْ: الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ كَقَلِيلٍ مِنْ شَعْرٍ نَجِسٍ وَمِنْ دُخَانٍ، وَلَوْ ذُكِرَ بِجَنْبِهِ لَكَانَ أَوْلَى وَعِبَارَةُ سم وَتُعْتَبَرُ الْقِلَّةُ لَعَلَّهُ عَائِدٌ لِقَلِيلِ الشَّعْرِ وَمَا بَعْدَهُ دُونَ مَا قَبْلَهُ إذًا الْمَدَارُ فِيهِ عَلَى التَّغَيُّرِ وَعَدَمِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْعُرْفِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ أَنَّهُ إذَا كَثُرَ مَا لَا يَسِيلُ دَمُهُ. عُرْفًا نُجِّسَ وَإِنْ لَمْ يُغَيَّرْ فَلْيُحَرَّرْ.

اهـ (قَوْلُهُ بِمَاءٍ) أَيْ: مُطْلَقًا وَلَوْ نَجِسًا شَوْبَرِيٌّ أَيْ: غَيْرَ بَوْلٍ. (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) مِنْ انْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ وَهِيَ التَّغَيُّرُ وَالْقِلَّةُ ع ش

(قَوْلُهُ وَالتَّغَيُّرُ الْمُؤَثِّرُ) تَقْيِيدُهُ بِالْمُؤَثِّرِ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْمُؤَثِّرِ يَكُونُ بِغَيْرِ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ، وَفِي أَنَّ مُطْلَقَ التَّغَيُّرِ يَكُونُ بِغَيْرِهَا تَأَمَّلْ، ع ش (قَوْلُهُ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ) أَوْ مَانِعَةِ خُلُوٍّ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ خَرَجَ بِالْمُؤَثِّرِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَفَادُ مِنْ عِبَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ إذْ غَايَةُ مَا تُفِيدُهُ أَنَّ التَّغَيُّرَ بِغَيْرِ الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فَلَوْ قَالَ: خَرَجَ بِالْمُؤَثِّرِ الْمُتَغَيِّرُ بِالْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ لَكَانَ أَوْلَى ح ل (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّا) أَيْ: مَرَّ حُكْمُهُمَا وَهُوَ أَنَّ التَّغَيُّرَ الْيَسِيرَ لَا يَضُرُّ وَالتَّغَيُّرَ بِجِيفَةٍ قُرْبَ الشَّطِّ لَا يَضُرُّ. (قَوْلُهُ الْمُخَالِفِ الْوَسَطُ) أَيْ: فَيُقَدَّرُ اللَّوْنُ لَوْنَ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَالطَّعْمُ طَعْمَ عَصِيرِ الرُّمَّانِ وَالرِّيحُ رِيحَ اللَّاذَنِ. ح ل (قَوْلُهُ الْمُخَالِفِ الْأَشَدُّ) أَيْ: فَيُقَدَّرُ الرِّيحُ رِيحَ الْمِسْكِ وَالطَّعْمُ طَعْمَ الْخَلِّ، وَاللَّوْنُ لَوْنَ الْحِبْرِ ح ل

(قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمَّا كَانَ قَدْ يَعْرِضُ اشْتِبَاهٌ بَيْنَ الْمَاءِ الطَّهُورِ وَغَيْرِهِ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ حُكْمَ الِاجْتِهَادِ فَقَالَ: وَلَوْ اشْتَبَهَ إلَخْ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنَّمَا يَطْهُرُ مِنْ مَائِعٍ مَاءٌ مُطْلَقٌ أَيْ: وَلَوْ بِالِاجْتِهَادِ فَهُوَ وَسِيلَةٌ وَهِيَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدٍ أَيْ: أَهْلٍ لِلِاجْتِهَادِ وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِبَادَاتِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمِلْكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ.

م ر قِيلَ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ صُورَةٌ مُكَرَّرَةٌ وَهِيَ اشْتِبَاهُ الطَّاهِرِ بِالطَّهُورِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَاهِرٌ بِغَيْرِهِ يَشْمَلُهَا إذْ الْغَيْرُ يَشْمَلُ الطَّهُورَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَوْ طَهُورٌ بِغَيْرِهِ يَشْمَلُهَا لِأَنَّ الْغَيْرَ يَشْمَلُ الطَّاهِرَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ الطَّاهِرِ الْمُتَنَجِّسُ، وَغَيْرِ الطَّهُورِ الْمُسْتَعْمَلُ فَلَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: وَلِذَلِكَ الْغَيْرِ أَصْلٌ فِي التَّطْهِيرِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (قَوْلُهُ مِنْ مَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ طَاهِرٌ وَطَهُورٌ وَلِقَوْلِهِ بِغَيْرِهِ، وَالْأَصْلُ هُنَا قُيِّدَ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ أَيْ: الْأَصْلُ ضِمْنًا لَا صَرِيحًا، وَعُمُومُ ذَلِكَ يَشْمَلُ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ مَا لَوْ اشْتَبَهَ طَهُورٌ وَمُسْتَعْمَلٌ مِنْ التُّرَابِ بِغَيْرِهِ، وَلَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ لَا هُنَا وَلَا فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ أَيْ: مَجْمُوعُ ذَلِكَ لَا جَمِيعُهُ ح ل مُلَخَّصًا مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ اجْتَهَدَ) وَشُرُوطُهُ سِتَّةٌ تَعَدُّدُ الْمُشْتَبَهِ، وَأَصْلِيَّةُ الطَّهَارَةِ فِيهِ وَالْحَصْرُ فِي الْمُشْتَبَهِ بِهِ فَلَوْ اشْتَبَهَ إنَاءٌ نَجِسٍ بِأَوَانٍ غَيْرِ مَحْصُورَةٍ فَلَا اجْتِهَادَ بَلْ يَأْخُذُ مِنْهَا مَا شَاءَ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ مَحْصُورٌ عِنْدَ حَجّ وَعِنْدَ م ر إلَى يَبْقَى الْمُشْتَبَهُ وَكَلَامُ حَجّ هُوَ الظَّاهِرُ وَهَذَا شَرْطٌ لِوُجُوبِ الِاجْتِهَادِ لَا لِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ، وَكَوْنُ الْعَلَامَةِ لَهَا فِيهِ مَجَالٌ أَيْ: مَدْخَلٌ بِأَنْ يَتَوَقَّعَ بِهَا ظُهُورُ الْحَالِ فَلَا يَجْتَهِدُ فِيمَا إذَا اشْتَبَهَتْ مُحَرَّمَةٌ بِأَجْنَبِيَّاتٍ مَحْصُورَاتٍ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ يُحْتَاطُ لَهُ، وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>