وَلَوْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَكَذَا غَيْرُهَا مِنْ نَفْلٍ تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَمَا يَدُلُّ لَهُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ بِحُصُولِ الْفَضِيلَةِ (مَعَ غَيْرٍ) وَلَوْ وَاحِدًا بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (فِي الْوَقْتِ) «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لِرَجُلَيْنِ لَمْ يُصَلِّيَا مَعَهُ وَقَالَا صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا إذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَاهَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَسَوَاءٌ فِيمَا إذَا صُلِّيَتْ الْأُولَى جَمَاعَةً اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ أَمْ زَادَتْ إحْدَاهُمَا بِفَضِيلَةٍ كَكَوْنِ الْإِمَامِ أَوْرَعَ أَوْ الْجَمْعِ أَكْثَرَ أَوْ الْمَكَانِ أَشْرَفَ وَقَوْلِي مَعَ غَيْرٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ مَعَ جَمَاعَةٍ وَتَكُونُ إعَادَتُهَا (بِنِيَّةِ فَرْضٍ) وَإِنْ وَقَعَتْ نَفْلًا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً لَا إعَادَتَهَا فَرْضًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَرَّاتٍ كَثِيرَةً صَحَّتْ وَوَقَعَتْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَهَذِهِ خَرَجَتْ عَنْ سَنَنِ الْقِيَاسِ أَيْ لِأَجْلِ إكْرَامِ الْمَيِّتِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا اهـ. وَسَنَنُ الْقِيَاسِ هُوَ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ ع ش عَلَى م ر وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ فَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ تَعَدُّدِهَا أَوْ عِنْدَ انْتِقَالِهِ لِبَلَدٍ أُخْرَى رَآهُمْ يُصَلُّونَهَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ وَهَلْ يُحْسَبُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ فِي الثَّانِيَةِ اكْتِفَاءً بِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ أَوْ لِوُقُوعِهَا نَافِلَةً فِيهِ نَظَرٌ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ كَمَا قَالَهُ ع ش وَنَقَلَهُ الْبَرْمَاوِيُّ، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِثْلُهُ وَلَوْ صَلَّى الظُّهْرَ مَعْذُورٌ ثُمَّ وَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ سُنَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ مَعَهُمْ اهـ اط ف وم ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ صُلِّيَتْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَكَذَا قَوْلُهُ: وَلَوْ وَاحِدًا (قَوْلُهُ: تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ) أَيْ دَائِمًا وَأَبَدًا فَخَرَجَ الْوِتْرُ فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ بَلْ لَا يَصِحُّ وَخَرَجَ مَا لَا تُسَنُّ فِيهِ الْجَمَاعَةُ كَالرَّوَاتِبِ وَصَلَاةِ الضُّحَى إذَا فُعِلَ جَمَاعَةً فَلَا تُسَنُّ إعَادَتُهُ وَهَلْ تَنْعَقِدُ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ أَنَّ الْعِبَادَةَ إذَا لَمْ تُطْلَبْ لَا تَنْعَقِدُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ كَمَا فِي سم عَلَى حَجّ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) بِأَنْ يُدْرِكَ فِي وَقْتِهَا رَكْعَةً فَالْمُرَادُ وَقْتُ الْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ م ر وَلَوْ وَقْتَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) دَلَّ بِتَرْكِهِ الِاسْتِفْصَالَ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً وَمُنْفَرِدًا وَلَا بَيْنَ اخْتِصَاصِ الْأُولَى، وَالثَّانِيَةِ بِفَضِيلَةٍ أَوْ لَا اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحِ) أَيْ بِمَسْجِدِ الْخَيْفِ بِمِنًى وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ الرَّدُّ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِالِاسْتِحْبَابِ فِيمَا عَدَا الصُّبْحَ، وَالْعَصْرَ اهـ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ) أَيْ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ فَأَطْلَقَ الْمَحَلَّ وَأَرَادَ الْحَالَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) أَخَذَهُ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ إذَا صَلَّيْتُمَا وَتَرَكَ اسْتِفْصَالَهُ فِيهِ اهـ. ح ل؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ (قَوْلُهُ: اسْتَوَتْ الْجَمَاعَتَانِ) يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِالْهَمْزِ مَعَ الْقَطْعِ فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ هَمْزَةَ التَّسْوِيَةِ وَهَمْزَةُ الْوَصْلِ مَحْذُوفَةٌ بِإِسْقَاطِهِ مَعَ الْوَصْلِ فَيَكُونُ الْمَحْذُوفُ هَمْزَةَ التَّسْوِيَةِ، وَالْأَصْلُ اسْتَوَتْ (قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ فَرْضٍ) وَيَجِبُ الْقِيَامُ فِيهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُ الْفَرْضِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ إعَادَتَهَا لِيَحْصُلَ لَهُ ثَوَابُ الْجَمَاعَةِ فِي فَرْضِهِ وَلَا تَحْصُلُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ الْفَرْضِ وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْإِعَادَةِ إيجَادُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى وَكَتَبَ عَلَى التَّعْلِيلِ الْأَوَّلِ اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ كَذَا قَالَهُ ح ل وَفِي سم قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ فَرْضٍ إلَى قَوْلِهِ حَتَّى لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً قَدْ يُقَالُ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا ظُهْرًا مَثَلًا يَمْنَعُ مِنْ احْتِمَالِ كَوْنِهَا نَفْلًا مُبْتَدَأً فَلَا حَاجَةَ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ اُحْتُمِلَ كَوْنُهَا مَعَ وَصْفِ الظُّهْرِيَّةِ مَثَلًا نَفْلًا مَطْلُوبًا فِي نَفْسِهِ لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ إعَادَةً لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْوَقْتِ قَدْ طُلِبَ ظُهْرَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ وَعَدَمِ ارْتِبَاطِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ أَحَدُهُمَا فَرْضٌ، وَالْآخَرُ نَفْلٌ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَنْوِي إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ كَيْفَ يَنْوِي الْفَرْضَ مَعَ أَنَّهَا تَقَعُ نَفْلًا. فَأَجَابَ بِجَوَابَيْنِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ وَأَجَابَ حَجّ بِجَوَابٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ عَلَى صُورَةِ الْفَرْضِ وَجَبَ فِيهَا نِيَّتُهُ فَيَكُونُ الْمَنْوِيُّ الْفَرْضَ الصُّورِيَّ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: إعَادَةَ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ) اعْتَرَضَ عَلَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْمَفْرُوضَةَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ صِفَةٌ لِلصَّلَاةِ الْأُولَى، وَالْمُدَّعَى أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى بِأَنْ يُقَالَ، وَالْإِعَادَةُ فِعْلُ الشَّيْءِ ثَانِيًا بِصِفَتِهِ الْأُولَى وَصِفَتُهُ الْأُولَى وُجُوبُ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فَتَكُونُ وَاجِبَةً فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: الْمَفْرُوضَةِ أَيْ وَلَوْ عَلَى نَفْسِهِ وَأَنَّهُ يُغَايِرُ الْجَوَابَ الثَّانِيَ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى لَا تَكُونَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَكُونَ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَيْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ اتِّصَافٌ بِالْفَرْضِيَّةِ وَقَوْلُهُ: لَا إعَادَتَهَا فَرْضًا أَيْ حَالَ كَوْنِهَا فَرْضًا أَيْ مُتَّصِفَةً بِالْفَرْضِيَّةِ حَالَ إعَادَتِهَا أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا مُعَادَةٌ وَقَوْلُهُ: مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَيْ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute