للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بِعُذْرٍ) عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ فَلَا رُخْصَةَ بِدُونِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمِ فِي صَحِيحَيْهِمَا «مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ أَيْ كَامِلَةً إلَّا مِنْ عُذْرٍ» ، وَالْعُذْرُ (كَمَشَقَّةِ مَطَرٍ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَلِبَلِّهِ الثَّوْبَ (وَشِدَّةِ رِيحٍ بِلَيْلٍ) لِعِظَمِ مَشَقَّتِهَا فِيهِ دُونَ النَّهَارِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ، وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الصُّبْحِ بِاللَّيْلِ فِي ذَلِكَ (وَ) شِدَّةِ (وَحْلٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ (وَ) شِدَّةِ (حَرٍّ وَ) شِدَّةِ (بَرْدٍ) بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ لِمَشَقَّةِ الْحَرَكَةِ فِيهِمَا (وَ) شِدَّةِ (جُوعٍ وَ) شِدَّةِ (عَطَشٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ يَتُوقُ إلَيْهِ) مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ» وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ» وَشِدَّةُ الْجُوعِ أَوْ الْعَطَشِ تُغْنِي عَنْ التَّوَقَانِ كَعَكْسِهِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ وَغَيْرِهِمَا لِتَلَازُمِهِمَا إذْ مَعْنَى التَّوَقَانِ الِاشْتِيَاقُ الْمُسَاوِي لِشِدَّةِ مَا ذُكِرَ لَا الشَّوْقُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَقَوْلُ الشَّيْخِ الْعَزِيزِيِّ الِانْتِقَالُ إلَخْ فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ أَقْسَامِ الْحُكْمِ، وَالِانْتِقَالُ لَيْسَ حُكْمًا بَلْ هِيَ الْحُكْمُ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ السَّهْلُ لِعُذْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِعُذْرِ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ) الْعُمُومُ، وَالْخُصُوصُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَشْخَاصِ لَا لِلْأَزْمِنَةِ فَالْعَامُّ هُوَ الَّذِي لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ دُونَ الْآخَرِ كَالْمَطَرِ، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَالْجُوعِ إذْ قَدْ يَجُوعُ شَخْصٌ وَيَشْبَعُ غَيْرُهُ اهـ. ع ن وَذَكَرَ لِلْعَامِّ أَمْثِلَةً خَمْسَةً وَلِلْخَاصِّ أَحَدَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ إلَخْ) لَا يَدُلُّ عَلَى خُصُوصِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِلصَّلَاةِ فُرَادَى وَجَمَاعَةً فَفِيهِ الْمُدَّعَى وَزِيَادَةٌ نَعَمْ النِّدَاءُ تَحْصُلُ عِنْدَهُ الْجَمَاعَةُ غَالِبًا وَقَوْلُهُ: أَيْ كَامِلَةً صِفَةٌ لِاسْمِ لَا أَوْ لَهَا مَعَ اسْمِهَا فَهُوَ مَنْصُوبٌ أَوْ مَرْفُوعٌ وَلَهُ هُوَ الْخَبَرُ (قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ عُذْرٍ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَلِبَلِّهِ الثَّوْبَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَلَّهُ لِبُعْدِ مَنْزِلِهِ لَا لِشِدَّتِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَمْنَعُ بَلَلَهُ كَلِبَادٍ لَمْ يَنْتَفِ بِهِ كَوْنُهُ عُذْرًا فِيمَا يَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ مَعَ ذَلِكَ مَوْجُودَةٌ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ اهـ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ رِيحٍ بِلَيْلٍ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَارِدَةً وَإِنْ قَيَّدَ فِي التَّحْرِيرِ بِكَوْنِهَا بَارِدَةً، وَالرِّيحُ مُؤَنَّثَةٌ (قَوْلُهُ:، وَالْمُتَّجَهُ إلْحَاقُ الصُّبْحِ بِاللَّيْلِ) لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهِ أَشَدُّ مِنْ الْمَغْرِبِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: لِلتَّلْوِيثِ بِالْمَشْيِ فِيهِ) أَيْ تَلْوِيثِ نَحْوِ مَلْبُوسِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لَا نَحْوِ أَسْفَلِ الرِّجْلِ اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر لِأَنَّ كُلَّ وَحْلٍ يُلَوِّثُ أَسْفَلَ الرِّجْلِ وَلَوْ خَفِيفًا فَيَكُونُ التَّقْيِيدُ بِالشِّدَّةِ ضَائِعًا وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: لِلتَّلْوِيثِ إشَارَةٌ لِضَابِطِ الشِّدَّةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ التَّلْوِيثُ سم (قَوْلُهُ: وَشِدَّةِ حَرٍّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الظُّهْرِ كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي التَّحْقِيقِ وَتَقْيِيدُهُ بِوَقْتِ الظُّهْرِ فِي الْمَجْمُوعِ، وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجِدَ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ أَوْ لَا وَبِهِ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْإِبْرَادِ الْمُتَقَدِّمَةَ خِلَافًا لِجَمْعٍ تَوَهَّمُوا اتِّحَادَهُمَا، وَالْمُرَادُ شِدَّةُ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمُفْرِطَةِ فِي الْحَرَارَةِ أَوْ الْبُرُودَةِ أَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِيهَا فَلَا يَكُونُ عُذْرًا إلَّا إذَا كَانَ خَارِجًا عَمَّا أَلِفُوهُ وَعَدَّهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ الْعُذْرِ الْخَاصِّ قَالَ حَجّ: وَصَوَّبَ عَدَّ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لَهُمَا مِنْ الْعَامِّ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الشِّدَّةَ قَدْ تَخْتَصُّ بِالْمُصَلِّي بِاعْتِبَارِ طَبْعِهِ فَيَصِحُّ عَدُّهُمَا مِنْ الْخَاصِّ أَيْضًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا فَالْأَوَّلُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا ضَعِيفُ الْخِلْقَةِ دُونَ قَوِيِّهَا، وَالثَّانِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَحَسَّ بِهِمَا قَوِيُّهَا فَيُحِسُّ بِهِمَا ضَعِيفُهَا بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: بِلَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ اهـ. ح ل.

(قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ طَعَامٍ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا فَلَوْ كَانَ حَرَامًا حَرُمَ عَلَيْهِ تَنَاوُلُهُ فَلَا يَكُونُ حُضُورُهُ عُذْرًا وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ يَتَرَقَّبُ حَلَالًا فَلَوْ لَمْ يَتَرَقَّبْهُ كَانَ كَالْمُضْطَرِّ اهـ. ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُهُ: أَوْ مَشْرُوبٌ أَطْلَقَ عَلَى الْمَاءِ طَعَامًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: ٢٤٩] وَلِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِكَوْنِهِ مَطْعُومًا كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الرِّبَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا كَرَاهَةَ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ سَوَاءٌ جَمَاعَةً أَوْ فُرَادَى فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ كَمَا قَالَ فِيمَا بَعْدُ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ فَإِذَا لَمْ تُطْلَبْ مَعَهُ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ أَثْبَتَ الْمُدَّعَى بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ وَهُوَ سَائِغٌ تَأَمَّلْ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَمِمَّا يُذْهِبُ الْخُشُوعَ مَا لَوْ تَاقَتْ نَفْسُهُ لِلْجِمَاعِ بِحَيْثُ يَذْهَبُ خُشُوعُهُ لَوْ صَلَّى بِدُونِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَابْدَءُوا بِالْعِشَاءِ) أَظْهَرَ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَذْكُورِ وَهُوَ الصَّلَاةُ أَفَادَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ ع ش: لَمْ يَقُلْ بِهِ لِأَنَّهُ أَوْضَحُ فِي مَقَامِ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: وَشِدَّةُ الْجُوعِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَلَامُهُ مُخَالِفٌ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: الْمَذْكُورِ) صِفَةٌ لِلتَّوَقَانِ لَا لِلْعَكْسِ لِأَنَّ الْعَكْسَ وَهُوَ إغْنَاءُ التَّوَقَانِ عَنْ شِدَّةِ مَا ذُكِرَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْمُهَذَّبِ كَمَا حَقَّقَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: لَا الشَّوْقُ) الَّذِي فِي الْمُخْتَارِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّوْقِ، وَالِاشْتِيَاقِ قَالَ: الشَّوْقُ، وَالِاشْتِيَاقُ نِزَاعُ النَّفْسِ إلَى الشَّيْءِ أَيْ مَيْلُهَا إلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ النِّزَاعَ مَقُولٌ بِالتَّشْكِيكِ فَهُوَ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالِاشْتِيَاقِ أَقْوَى مِنْهُ إذَا عُبِّرَ عَنْهُ بِالشَّوْقِ وَعَلَيْهِ فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِ الْمَعْنَى لَا الْمُرَادُ مِنْهُمَا، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَخَرَجَ بِالِاشْتِيَاقِ الشَّوْقُ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا اهـ وَعِبَارَةُ ح ل.

قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>