وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ الطَّعَامِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَلِنُصُوصِ الشَّافِعِيِّ، وَأَصْحَابِهِ نَعَمْ مَا قَرُبَ حُضُورُهُ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ مَنْ ذُكِرَ فَيَبْدَأُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَيَأْكُلُ لُقَمًا يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يُؤْتَى عَلَيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً كَالسَّوِيقِ وَاللَّبَنِ (وَمَشَقَّةِ مَرَضٍ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِأَنْ يَشُقَّ الْخُرُوجُ مَعَهُ كَمَشَقَّةِ الْمَطَرِ وَتَقْيِيدُ الْمَطَرِ، وَالْمَرَضِ بِالْمَشَقَّةِ مِنْ زِيَادَتِي. (وَمُدَافَعَةُ حَدَثٍ) مِنْ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ لِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ آخِرَ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِذَا لَمْ تُطْلَبْ مَعَهُ الصَّلَاةُ فَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى (وَخَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ) مِنْ نَفْسٍ أَوْ عِرْضٍ أَوْ حَقٍّ لَهُ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ بِخِلَافِ خَوْفٍ مِمَّنْ يُطَالِبُ بِحَقٍّ هُوَ ظَالِمٌ فِي مَنْعِهِ بَلْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَتَوْفِيَةُ الْحَقِّ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفِ ظَالِمٍ عَلَى نَفْسٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا الشَّوْقُ أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُهِمَّاتِ مِنْ أَنَّ التَّوَقَانَ يَحْصُلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَلَا عَطَشٌ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَالْمَشَارِبِ تَتُوقُ النَّفْسُ إلَيْهَا عِنْدَ حُضُورِهَا بِلَا جُوعٍ وَلَا عَطَشٍ فَقَدْ رَدَّهُ الْمُؤَلِّفُ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ مُفَارَقَةَ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ لِلتَّوَقَانِ لِأَنَّ التَّوَقَانَ إلَى الشَّيْءِ الِاشْتِيَاقُ إلَيْهِ لَا الشَّوْقُ فَشَهْوَةُ النَّفْسِ بِدُونِ الْجُوعِ، وَالْعَطَشِ لَا تُسَمَّى تَوَقَانًا وَإِنَّمَا تُسَمَّاهُ إذَا كَانَتْ بِهِمَا اهـ. (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) هُوَ إذْهَابُ الْخُشُوعِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُمَا يُذْهِبَانِ الْخُشُوعَ (قَوْلُهُ: نَعَمْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَاضِرِ فَلَا تَكُونُ الشِّدَّةُ عُذْرًا نَعَمْ إلَخْ وَقِيلَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّهُ) أَيْ قَوْلُهُ: مَا قَرُبَ حُضُورُهُ كَالْحَاضِرِ مُرَادُ مَنْ ذَكَرَ أَيْ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ أَيْ بِقَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَعِبَارَةُ م ر، وَالْمَأْكُولُ، وَالْمَشْرُوبُ حَاضِرٌ أَوْ قَرُبَ حُضُورُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ اهـ فَانْظُرْ مَا بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ مِنْ التَّنَافِي وَلَعَلَّ لِابْنِ الرِّفْعَةِ عِبَارَتَيْنِ أَوْ أَنَّ م ر عَبَّرَ عَنْ مُرَادِهِ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ أَيْ بِالْفِعْلِ بَلْ الشَّرْطُ حُضُورُهُ أَوْ قُرْبُ حُضُورِهِ (قَوْلُهُ: يَكْسِرُ بِهَا حِدَّةَ الْجُوعِ) أَيْ إنْ قَنَعَتْ نَفْسُهُ بِذَلِكَ وَلَمْ تَتَطَلَّعْ لِلْأَكْلِ وَإِلَّا فَيَشْبَعَ الشِّبَعَ الشَّرْعِيَّ اهـ. (قَوْلُهُ: مِمَّا يُؤْتَى) أَيْ يُسْتَوْفَى وَيُتَنَاوَلُ مُرَّةً وَاحِدَةً وَقَوْلُهُ: كَالسَّوِيقِ هُوَ شَعِيرٌ أَوْ قَمْحٌ يُقْلَى ثُمَّ يُطْحَنُ ثُمَّ يُضَمُّ إلَيْهِ نَحْوُ سَمْنٍ أَوْ لَبَنٍ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمَشَقَّةِ مَرَضٍ) أَيْ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ عَنْ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدًّا يُسْقِطُ الْقِيَامَ فِي الْفَرْضِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُدَافَعَةِ حَدَثٍ) وَمَحَلُّ كَوْنِهَا عُذْرًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَفْرِيغُ نَفْسِهِ، وَالتَّطَهُّرُ قَبْلَ فَوْتِ الْجَمَاعَةِ كَمَا فِي حَجّ.
(قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ بِتَفْرِيغِ نَفْسِهِ) مَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ عِنْدَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ فَإِنْ خَشِيَ بِتَخَلُّفِهِ لِمَا ذُكِرَ فَوَاتَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَخْشَ مِنْ كَتْمِ حَدَثِهِ وَنَحْوِهِ ضَرَرًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ صَلَّى وُجُوبًا مَعَ مُدَافَعَةِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ مُحَافَظَةً عَلَى حُرْمَةِ الْوَقْتِ اهـ. شَرْحُ م ر، وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: فَيَبْدَأُ إلَخْ أَيْ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجَمَاعَةُ وَإِلَّا حَرُمَ قَطْعُ الْفَرْضِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا وَإِلَّا وَجَبَ قَطْعُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَرَأَ فِي أَثْنَائِهَا اهـ. (قَوْلُهُ: وَخَوْفٍ عَلَى مَعْصُومٍ) خَرَجَ بِهِ نَفْسُ مُرْتَدٍّ وَحَرْبِيٍّ وَزَانٍ مُحْصَنٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَأَمْوَالُهُمْ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرْضٍ) كَالْخَوْفِ مِمَّنْ يَقْذِفُهُ بِرْمَاوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَقٍّ لَهُ) أَيْ لِلشَّخْصِ الَّذِي تُطْلَبُ مِنْهُ الْجَمَاعَةُ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلْمَعْصُومِ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَنْ يَلْزَمُهُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْحَقِّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا وَانْظُرْ مَا الْمَانِعُ مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّلَاثَةِ مَعَ أَنَّهُ أَفْيَدُ قَالَ ح ل: وَفِي كَلَامِ شَيْخِنَا وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الذَّبُّ عَنْهُ فِي الْأَوْجَهِ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ كَلَامَهُ فِي بَابِ الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ الدَّفْعِ عَنْ مَالِ الْغَيْرِ حَيْثُ لَا مَشَقَّةَ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ وِفَاقًا لِلْغَزَالِيِّ اهـ. ح ل وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِاَلَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ مَشَقَّةٌ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَزَانٍ مُحْصَنٍ وَحَرْبِيٍّ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ: لِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فَظَهَرَ أَنَّ كَلَامَ م ر فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ لَا يَكُونُ مُرَخَّصًا فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَشْمَاوِيُّ قَالَ بَعْضُهُمْ: مُرَادُ م ر بِمَنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ نَحْوُ وَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَالْأَمَانَةِ الَّتِي تَحْتَ يَدِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ خَوْفِهِ مِمَّنْ يُطَالِبُهُ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا مُحْتَرَزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَخَوْفِ ظَالِمٍ كَمَا تُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ أَيْ خَوْفٍ مِنْ ظَالِمٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ حَقٍّ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ هَذَا حَقٌّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَخَوْفِ ظَالِمٍ) أَيْ مِنْ ظَالِمٍ لِأَنَّ الظَّالِمَ لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ الْخَوْفُ عَلَى نَحْوِ الْخُبْزِ فِي التَّنُّورِ عُذْرٌ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ م ر مَا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ إسْقَاطَ الْجَمَاعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute