للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَدْ أَحْسَنْت طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَأَحِلَّ» (فَيَنْعَقِدُ) إحْرَامُهُ (مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَصِحَّ إحْرَامُ زَيْدٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا أَوْ كَانَ مُحْرِمًا إحْرَامًا إحْرَامًا فَاسِدًا، وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت لَا يَنْعَقِدُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْلِيقِ أَصْلِ الْإِحْرَامِ (وَإِلَّا) بِأَنْ صَحَّ إحْرَامُ زَيْدٍ (فَ) يَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ (كَإِحْرَامِهِ) مُعَيَّنًا وَمُطْلَقًا وَيَتَخَيَّرُ فِي الْمُطْلَقِ كَمَا يَتَخَيَّرُ زَيْدٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّرْفُ إلَى مَا يَصْرِفُهُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَإِنْ عَيَّنَ زَيْدٌ قَبْلَ إحْرَامِهِ انْعَقَدَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا وَتَعْبِيرِي بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ

. (فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ) بِمَوْتٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ بِمَوْتِهِ (نَوَى قِرَانًا) كَمَا لَوْ شَكَّ فِي إحْرَامِ نَفْسِهِ هَلْ قَرَنَ، أَوْ أَحْرَمَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ؟ (ثُمَّ أَتَى بِعَمَلِهِ) أَيْ: الْقِرَانِ لِيَتَحَقَّقَ الْخُرُوجُ عَمَّا شَرَعَ فِيهِ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَيَمْتَنِعُ إدْخَالُهَا عَلَيْهِ وَيُغْنِي عَنْ نِيَّةِ الْقِرَانِ نِيَّةُ الْحَجِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا

. (وَسُنَّ نُطْقٌ بِنِيَّةٍ فَتَلْبِيَةٌ) فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ نَوَيْت الْحَجَّ وَأَحْرَمْت بِهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ إلَى آخِرِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إذَا تَوَجَّهْتُمْ إلَى مِنًى

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: أَحْرَمْت بِإِهْلَالٍ أَيْ: بِإِحْرَامٍ كَإِحْرَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ) لَمْ يَقُلْ كَإِهْلَالِك لِلتَّلَذُّذِ وَتَبَرُّكًا بِذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: طُفْ بِالْبَيْتِ إلَخْ) أَمْرٌ بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ وَهُوَ وَاضِحٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَنَا فَيَكُونُ أَمْرُهُ لِأَبِي مُوسَى بِأَعْمَالِ الْعُمْرَةِ مِنْ فَسْخِ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ خُصُوصِيَّةً لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: وَبِالصَّفَا) أَيْ: وَاسْعَ بِالصَّفَا أَيْ مُتَلَبِّسًا بِهِ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: وَأَحِلَّ) أَيْ بَعْدَ الْحَلْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ: وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِنُسُكٍ، ثُمَّ ذَكَرَ خِلَافَهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُعْمَلْ بِخَبَرِهِ الثَّانِي لِعَدَمِ الثِّقَةِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَيُعْمَلُ بِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْفَوَاتِ وَجَبَ الْقَضَاءُ شَوْبَرِيٌّ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا) ؛ لِأَنَّ السَّالِبَةَ تَصْدُقُ بِنَفْيِ الْمَوْضُوعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُحْرِمًا إحْرَامًا فَاسِدًا) وَصُورَتُهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ وَيُفْسِدَهَا، ثُمَّ يُدْخِلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ فَيَكُونَ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَاسِدًا وَيَلْزَمَهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَأَمَّا إذَا أَحْرَمَ وَهُوَ مُجَامِعٌ، أَوْ وَهُوَ كَافِرٌ فَهُوَ إحْرَامٌ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَأْتِيَ بِإِحْرَامٍ فَاسِدٍ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْحَامِلُ لمر عَلَى قَوْلِهِ: أَيْ: أَتَى بِصُورَةِ إحْرَامٍ فَاسِدٍ ع ش وَلَيْسَ لَنَا صُورَةٌ يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ إحْرَامًا فَاسِدًا إلَّا هَذِهِ، هَذَا وَانْظُرْ وَجْهَ انْعِقَادِهِ فَاسِدًا حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَأَفْسَدَهَا، ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهَا الْحَجَّ تَأَمَّلْ مَعَ أَنَّ إدْخَالَهُ عَلَيْهَا جَائِزٌ. (قَوْلُهُ: وَلَغَتْ الْإِضَافَةُ) أَيْ لَغَتْ النِّسْبَةُ إلَى زَيْدٍ وَالتَّشْبِيهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْإِحْرَامَ بِصِفَةٍ فَإِذَا انْتَفَتْ بَقِيَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْإِحْرَامِ مَجْزُومٌ بِهِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ إحْرَامِهِ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ فَيَنْعَقِدُ وَهِيَ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتَمَسَّكَ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَا لَوْ عَلَّقَ فَقَالَ: إنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فَقَدْ أَحْرَمْت فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ شُرُوعٌ فِي إبْدَاءِ فَارِقٍ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ الضَّعِيفُ وَعِبَارَةُ م ر، وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ تَعْلِيقُ أَصْلِ الْإِحْرَامِ فَلَيْسَ جَازِمًا بِهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِالْإِحْرَامِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا يَنْعَقِدُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ زَيْدًا مُحْرِمٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَنْعَقِدُ وَهَذَا التَّفْصِيلُ بِالنِّسْبَةِ لِإِنْ مَعَ كَانَ أَمَّا غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَدَوَاتِ فَلَا يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا فِي الْوَاقِعِ ز ي وَعِبَارَةُ ح ل فَإِنْ قَالَ: إنْ، أَوْ إذَا، أَوْ مَتَى أَحْرَمَ زَيْدٌ فَأَنَا مُحْرِمٌ لَا يَنْعَقِدُ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا، وَفَرَّقَ بِأَنَّ ذَاكَ تَعْلِيقٌ عَلَى مَاضٍ وَهَذَا تَعْلِيقٌ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَالثَّانِي أَكْثَرُ غَرَرًا؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِيهِ أَقْوَى اهـ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: إنْ إلَخْ لَعَلَّ وَجْهَهُ فِي إنْ مَعَ كَانَ أَنَّ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي قَلْبِهَا إلَى الِاسْتِقْبَالِ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْمُضِيِّ فَيَصِحُّ مَعَهَا الْإِحْرَامُ إنْ تَبَيَّنَ كَوْنُ زَيْدٍ مُحْرِمًا. (قَوْلُهُ: فَيَنْعَقِدُ إحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ) وَمَتَى أَخْبَرَهُ زَيْدٌ بِكَيْفِيَّةِ إحْرَامِهِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ فَاسِقًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ ظَنَّ خِلَافَهُ إذْ لَا يَعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قُبِلَ إحْرَامُهُ) أَيْ: الْمُشْبِهُ. (قَوْلُهُ: انْعَقَدَ إحْرَامُهُ) أَيْ: الْمُشَبَّهُ مُطْلَقًا أَيْ مَا لَمْ يَنْوِ التَّشْبِيهَ حَالًا ح ل

(قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إحْرَامِهِ) مُرَادُهُ بِالتَّعَذُّرِ التَّعَسُّرُ كَمَا فِي الْحَاوِي وَالْوَجِيزِ؛ لِأَنَّ التَّعَذُّرَ اسْتِحَالَةُ مَعْرِفَةِ الْوَاقِعِ وَهُوَ لَيْسَ مُرَادًا هُنَا ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: الْأَحَدِ كَغَيْبَتِهِ وَنِسْيَانِهِ مَا أَحْرَمَ بِهِ. (قَوْلُهُ: نَوَى قِرَانًا) أَيْ: بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَلَا يَلْزَمُهُ دَمُ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهُ ح ل قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ إحْرَامُ زَيْدٍ بَعْدَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَتَى بِعَمَلِهِ) أَيْ: الْقِرَانِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِأَعْمَالِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ عُمْرَةَ الْقَارِنِ مَغْمُورَةٌ أَيْ: مُنْدَرِجَةٌ فِي حَجِّهِ وَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ شَرْحُ حَجّ وم ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَبْرَأُ مِنْ الْعُمْرَةِ) وَيَبْرَأُ مِنْ الْحَجِّ عُبَابٌ شَوْبَرِيٌّ

. (قَوْلُهُ: فَيَقُولُ بِقَلْبِهِ) وَالْقَوْلُ بِالْقَلْبِ نَفْسِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَأَحْرَمْت بِهِ عَطْفٌ مُرَادِفٌ الْقَصْدُ مِنْهُ التَّوْكِيدُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَحْرَمْت بِالْحَجِّ كَفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>