للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوَّلَ طَوَافِهِ وَيَقِفَ عَلَى جَانِبِ الْحَجَرِ الَّذِي لِجِهَةِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ بِحَيْثُ يَصِيرُ كُلُّ الْحَجَرِ عَنْ يَمِينِهِ وَمَنْكِبُهُ الْأَيْمَنُ عِنْدَ طَرَفِ الْحَجَرِ، ثُمَّ يَمُرُّ مُتَوَجِّهًا لَهُ فَإِذَا جَاوَزَهُ انْفَتَلَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ وُجُوبِ جَعْلِ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ (فَلَوْ بَدَأَ بِغَيْرِهِ) كَأَنْ بَدَأَ بِالْبَابِ (لَمْ يُحْسَبْ) مَا طَافَهُ فَإِذَا انْتَهَى إلَيْهِ ابْتَدَأَ مِنْهُ وَلَوْ أُزِيلَ الْحَجَرُ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَجَبَ مُحَاذَاةُ مَحَلِّهِ وَيُسَنُّ حِينَئِذٍ اسْتِلَامُ مَحَلِّهِ وَتَقْبِيلُهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهِ وَقَوْلِي: أَوْ لِجُزْئِهِ مِنْ زِيَادَتِي.

(وَ) خَامِسُهَا: (كَوْنُهُ سَبْعًا) وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا مَاشِيًا، أَوْ رَاكِبًا، أَوْ زَاحِفًا بِعُذْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَوْ تَرَكَ مِنْ السَّبْعِ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ يَجْزِهِ (وَ) سَادِسُهَا: كَوْنُهُ (فِي الْمَسْجِدِ) وَإِنْ وُسِّعَ، أَوْ كَانَ الطَّوَافُ عَلَى السَّطْحِ وَلَوْ مُرْتَفِعًا عَنْ الْبَيْتِ، أَوْ حَالَ حَائِلٌ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي (وَ) سَابِعُهَا: (نِيَّتُهُ) أَيْ: الطَّوَافِ (إنْ اسْتَقَلَّ) بِأَنْ لَمْ يَشْمَلْهُ نُسُكٌ كَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ (وَ) ثَامِنُهَا: (عَدَمُ صَرْفِهِ) لِغَيْرِهِ كَطَلَبِ غَرِيمٍ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ صَرَفَهُ انْقَطَعَ لَا إنْ نَامَ فِيهِ عَلَى هَيْئَةٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُحَاذِي لِلصَّدْرِ وَهُوَ الْمَنْكِبُ فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْهُ بِهَذَا، أَوْ حَاذَاهُ بِمَا تَحْتَهُ مِنْ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ لَمْ يَكْفِ. (قَوْلُهُ: أَوَّلَ طَوَافِهِ) لَا فِي غَيْرِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَيَقِفُ عَلَى جَانِبِ الْحَجَرِ) أَيْ: الْأَسْوَدِ وَيُسَمَّى الرُّكْنَ الْأَسْوَدَ وَهُوَ فِي رُكْنِ الْكَعْبَةِ الَّذِي يَلِي الْبَابَ مِنْ جَانِبِ الْمَشْرِقِ وَارْتِفَاعُهُ مِنْ الْأَرْضِ الْآنَ ذِرَاعَانِ وَثُلُثَا ذِرَاعٍ كَمَا قَالَهُ الْأَزْرَقِيُّ فِي تَارِيخِ مَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقَامِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مِمَّا صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ «نَزَلَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنْ الْجَنَّةِ وَهُوَ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ» .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ التَّخْوِيفُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَطَايَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَجَرِ فَمَا ظَنُّكَ بِتَأْثِيرِهَا فِي الْقُلُوبِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ كَيْفَ أَبْقَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى صِفَةِ السَّوَادِ أَبَدًا مَعَ مَا مَسَّهُ مِنْ أَيْدِي الْأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينَ الْمُقْتَضِي لِتَبْيِيضِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ عِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ وَاعِظًا لِكُلِّ مَنْ وَافَاهُ مِنْ ذَوِي الْأَفْكَارِ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ بَاعِثًا عَلَى مُبَايَنَةِ الزَّلَّاتِ وَمُجَانَبَةِ الذُّنُوبِ الْمُوبِقَاتِ.، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا: «إنَّ الْحَجَرَ وَالْمَقَامَ يَاقُوتُتَانِ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ طَمَسَ اللَّهُ نُورَهُمَا وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَضَاءَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَإِنَّمَا أَذْهَبَ اللَّهُ نُورَهُمَا لِيَكُونَ إيمَانُ النَّاسِ بِكَوْنِهِمَا حَقًّا إيمَانًا بِالْغَيْبِ وَلَوْ لَمْ يَطْمِسْ لَكَانَ الْإِيمَانُ بِهِمَا إيمَانًا بِالْمُشَاهَدَةِ، وَالْإِيمَانُ الْمُوجِبُ لِلثَّوَابِ هُوَ الْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ، وَيُبْعَثُ الْحَجَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ وَشَفَتَانِ يَشْهَدُ لِمَنْ وَافَاهُ بِالْمُوَافَاةِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ. (قَوْلُهُ: الَّذِي) صِفَةٌ لِجَانِبِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا جَاوَزَهُ) أَيْ: قَارَبَ أَنْ يُجَاوِزَهُ اهـ ابْنُ حَجَرٍ لَكِنْ فِي شَرْحِ م ر أَنَّ الْمُرَادَ فَإِذَا جَاوَزَهُ بِالْفِعْلِ وَعِبَارَتُهُ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ مِنْ إجْزَاءِ الِانْفِتَالِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِ الْحَجَرِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ بَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ جَمِيعِهِ اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهَذَا أَيْ: اسْتِقْبَالُ الْحَجَرِ فِي أَوَّلِ طَوَافِهِ مُسْتَثْنًى أَيْ اسْتِثْنَاءً حَقِيقِيًّا وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ قَوْلُهُ: وَهَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: ثُمَّ يَمُرُّ مُتَوَجِّهًا لَهُ وَقَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى الِاسْتِثْنَاءُ صُورِيٌّ فَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ كَمَا فِي الْإِيعَابِ اهـ أَيْ: لِأَنَّ زَمَنَ التَّوَجُّهِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الطَّوَافِ بَلْ أَوَّلَهُ مِنْ حِينِ الِانْفِتَالِ وَهُوَ حِينَئِذٍ جَاعِلٌ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ ح ف وَهَذَا بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ مِنْ قَوْلِهِ جَاوَزَهُ وَعَلَى كَلَامِ م ر يَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ حَقِيقِيًّا كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: انْفَتَلَ أَيْ: الْتَفَتَ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ الشَّيْخُ الزِّيَادِيُّ: وَإِذَا اسْتَقْبَلَ الطَّائِفُ لِنَحْوِ دُعَاءٍ فَلْيَحْتَرِزْ عَنْ أَنْ يَمُرَّ مِنْهُ أَدْنَى جُزْءٍ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى جَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَدَأَ) وَلَوْ سَاهِيًا شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ) أَيْ: مِنْ إدْرَاكِ هَذَا الزَّمَنِ وَإِلَّا فَهُوَ يَنْقُلُ وَلَا بُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَقَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ أَيْ: مِنْ إدْرَاكِ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَلَيْسَتْ الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ إزَالَتِهِ لِأَنَّهَا وَاقِعَةٌ قَطْعًا. (قَوْلُهُ: مُحَاذَاةُ مَحَلِّهِ) الْعِبْرَةُ بِمَحَلِّهِ وَإِنْ انْتَقَلَ لِمَحَلٍّ آخَرَ ح ل. (قَوْلُهُ: سَبْعًا) أَيْ: يَقِينًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ إلَخْ) كَذَا عَبَّرَ م ر وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلتَّعْمِيمِ لَكِنْ لَا مَوْقِعَ لَهَا هُنَا إذْ لَا عَلَاقَةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَدَدِ حَتَّى يُعَمِّمَ بِهَا فِيهِ وَابْنُ حَجَرٍ ذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ مُسْتَقِلًّا لَا عَلَى سَبِيلِ الْغَايَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وُسِّعَ) فَلَوْ بَلَغَ الْحِلَّ فَصَارَتْ حَاشِيَتُهُ فِي الْحِلِّ وَطَافَ فِيهَا لَمْ يَصِحَّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَرَمِ مَعَ الْمَسْجِدِ ح ل وَزي أَيْ: فَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِالتَّوْسِيعِ عَنْ الْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ وُسِّعَ مِرَارًا فَوَسَّعَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ، ثُمَّ ابْنُهُ الْوَلِيدُ، ثُمَّ الْمَنْصُورُ كَمَا فِي ع ش، وَفِي الشَّوْبَرِيِّ أَنَّ الْمُوَسِّعَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرُ.

(قَوْلُهُ: عَلَى السَّطْحِ) أَيْ سَطْحِ الْمَسْجِدِ لَا سَطْحِ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْهَا (قَوْلُهُ: عَدَمُ صَرْفِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ: فَقَطْ فَلَوْ قَصَدَ الطَّوَافَ وَالْغَرِيمَ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ سم فَإِنْ قُلْت سَيَأْتِي فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ أَنَّهُ يَكْفِي الْمُرُورُ فِي عَرَفَةَ وَلَوْ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ، أَوْ غَرِيمٍ، أَوْ جَاهِلًا أَنَّهُ عَرَفَةُ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الطَّوَافِ وَالْوُقُوفِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّوَافَ مِنْ جِنْسِ الْمَشْيِ فَاحْتَاجَ لِعَدَمِ الصَّرْفِ لِغَيْرِ الطَّوَافِ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>