لَا تُنْقِضُ الْوُضُوءَ وَهَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَسُنَنُهُ أَنْ يَمْشِيَ فِي كُلِّهِ) وَلَوْ امْرَأَةً إلَّا لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّ الْمَشْيَ أَشْبُهُ بِالتَّوَاضُعِ وَالْأَدَبِ وَيُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ الزَّحْفُ لَا الرُّكُوبُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُمْهُورِ وَفِي غَيْرِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ وَنَصُّهُ فِي الْأُمِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْكَرَاهَةِ غَيْرِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِخِلَافِ الْأَوْلَى
(وَ) أَنْ (يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) الْأَسْوَدَ بِيَدِهِ (أَوَّلَ طَوَافِهِ وَ) أَنْ (يُقَبِّلَهُ وَيَسْجُدَ عَلَيْهِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ الشَّيْخَانِ وَفِي الثَّالِثِ الْبَيْهَقِيُّ وَإِنَّمَا تُسَنُّ الثَّلَاثَةُ لِلْمَرْأَةِ إذَا خَلَا الْمَطَافُ لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا وَإِنْ خَصَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِاللَّيْلِ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الْأَخِيرَيْنِ، أَوْ الْأَخِيرِ (اسْتَلَمَ) بِلَا تَقْبِيلٍ فِي الْأُولَى وَبِهِ فِي الثَّانِيَةِ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى فَإِنْ عَجَزَ فَبِالْيُسْرَى عَلَى الْأَقْرَبِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ اسْتَلَمَهُ (بِنَحْوِ عُودٍ) كَخَشَبَةٍ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى اسْتَلَمَ (ثُمَّ قَبَّلَ) مَا اسْتَلَمَهُ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(فَ) إنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ بِيَدِهِ وَبِغَيْرِهَا (أَشَارَ) إلَيْهِ (بِيَدِهِ) الْيُمْنَى (فَبِمَا فِيهَا) مِنْ زِيَادَتِي، ثُمَّ قَبَّلَ مَا أَشَارَ بِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ عَلَى بَعِيرٍ كُلَّمَا أَتَى الرُّكْنَ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَهُ وَكَبَّرَ» وَلَا يُشِيرُ بِالْفَمِ إلَى التَّقْبِيلِ وَيُسَنُّ تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِلَامِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كُلِّ طَوْفَةٍ وَتَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ لَهَا صَوْتٌ
(وَ) أَنْ (يَسْتَلِمَ) الرُّكْنَ (الْيَمَانِيَ) وَيُقَبِّلَ يَدَهُ بَعْدَ اسْتِلَامِهِ بِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِلَامِهِ أَشَارَ إلَيْهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ اسْتِلَامُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَا تَقْبِيلُ غَيْرِ الْحَجَرِ مِنْ الْأَرْكَانِ فَإِنْ خَالَفَ لَمْ يُكْرَهْ بَلْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ التَّقْبِيلَ حَسَنٌ (وَ) أَنْ (يَقُولَ) عِنْدَ اسْتِلَامِهِ (أَوَّلَ طَوَافِهِ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُمَّ) أَطُوفُ (إيمَانًا بِك إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِك وَوَفَاءً بِعَهْدِك وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّك مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتِّبَاعًا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ (وَ) أَنْ يَقُولَ (قُبَالَةَ الْبَابِ اللَّهُمَّ إنَّ الْبَيْتُ بَيْتُك إلَى آخِرِهِ) أَيْ: وَالْحَرَمُ حَرَمُك وَالْأَمْنُ أَمْنُك
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لَا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ) كَأَنْ كَانَ رَاكِبًا دَابَّةً وَمُتَمَكِّنًا عَلَيْهَا
. (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى) ، ثُمَّ مَحَلُّ جَوَازِ إدْخَالِ الْبَهِيمَةِ الْمَسْجِدَ عِنْدَ أَمْنِ تَلْوِيثِهَا وَإِلَّا كَانَ حَرَامًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر، ثُمَّ إنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ شَوْبَرِيٌّ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي إدْخَالِ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ حَجّ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ طَاهِرَةً، أَوْ مُتَنَجِّسَةً وَلَيْسَ زِمَامُهَا بِيَدِهِ
. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ) أَيْ: يَلْمِسَهُ بَعْدَ اسْتِقْبَالِهِ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُقَبِّلَهُ) وَيَلْزَمُ مَنْ يُقَبِّلُهُ أَنْ يُقِرَّ قَدَمَيْهِ فِي مَحَلِّهِمَا حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا؛ لِأَنَّ رَأْسَهُ حَالَ التَّقْبِيلِ فِي جُزْءٍ مِنْ الْبَيْتِ وَبِهِ يُقَاسُ مَنْ يَسْتَلِمُهُ وَالْيَمَانِيُّ. اهـ. س ل أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ خَارِجًا عَنْ الْبَيْتِ فِي جَمِيعِ طَوَافِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَصَّهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ) أَيْ خَصَّ السَّنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تُسَنُّ. (قَوْلُهُ: اسْتَلَمَ) اُنْظُرْ تَفْرِيعَهُ عَلَى الْعَجْزِ فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ قَبْلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: التَّفْرِيعُ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِ الشَّارِحِ بِلَا تَقْبِيلٍ فَيَصِيرُ الْمَعْنَى فَإِنْ عَجَزَ عَمَّا بَعْدَ الِاسْتِلَامِ بِيَدِهِ اقْتَصَرَ عَلَى الِاسْتِلَامِ بِيَدِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ أَيْضًا فَبِنَحْوِ عَوْدٍ اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْأَخِيرَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَيْهِ) أَيْ بِمَا فِي يَدِهِ وَيُسَنُّ تَكْرِيرُ الْإِشَارَةِ كَالِاسْتِلَامِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِيمَا فِيهَا) قَدْ يُقَالُ الْإِشَارَةُ بِمَا فِي الْيَدِ تَتْبَعُ الْإِشَارَةَ بِالْيَدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ بِمَا فِيهَا وَقَدْ يُصَوَّرُ الِانْفِكَاكُ بَيْنَهُمَا بِمَا لَوْ كَانَ بِالْيَدِ آفَةٌ تَمْنَعُ رَفْعَهَا نَحْوَ الْحَجَرِ وَلَا تَمْنَعُ تَحْرِيكَ مَا فِيهَا، أَوْ رَفْعَهُ نَحْوَ الْحَجَرِ. اهـ. سم. (قَوْلُهُ: تَثْلِيثُ مَا ذُكِرَ) بِأَنْ يَسْتَلِمَ، ثُمَّ يُقَبِّلَ، ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا ثَانِيًا وَثَالِثًا، أَوْ يَسْتَلِمَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ يُقَبِّلَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ يَسْجُدَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَتَحْصُلَ السُّنَّةُ بِكُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ وَلَكِنَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فَهُوَ الْأَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَتَخْفِيفُ الْقُبْلَةِ) أَيْ: لِلْحَجَرِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا طُلِبَ تَقْبِيلُهُ مِنْ يَدِ عَالِمٍ وَوَلِيٍّ وَوَالِدٍ ع ش عَلَى م ر
. (قَوْلُهُ: الْيَمَانِيَ) نِسْبَةٌ لِلْيَمَنِ وَتَخْفِيفُ يَائِهِ لِكَوْنِ الْأَلِفِ بَدَلًا مِنْ إحْدَى يَاءَيْ النَّسَبِ أَكْثَرُ مِنْ تَشْدِيدِهَا الْمَبْنِيِّ عَلَى زِيَادَةِ الْأَلِفِ ب ر. (قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَيْهِ) ثَمَّ قَبْلَ مَا أَشَارَ بِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ ابْنُ حَجَرٍ. (قَوْلُهُ: اسْتِلَامُ غَيْرِ مَا ذُكِرَ) مِنْ الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَقَوْلُهُ: وَلَا تَقْبِيلُ غَيْرِ الْحَجَرِ أَيْ: مِنْ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِ الْأَرْكَانِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ أَنَّ رُكْنَ الْحَجَرِ فِيهِ فَضِيلَتَانِ كَوْنُ الْحَجَرِ فِيهِ وَكَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْيَمَانِي فِيهِ فَضِيلَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُوَ كَوْنُهُ عَلَى قَوَاعِدِ أَبِينَا إبْرَاهِيمَ وَأَمَّا الشَّامِيَّانِ فَلَيْسَ لَهُمَا شَيْءٌ مِنْ الْفَضِيلَتَيْنِ اهـ بِالْحَرْفِ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ مَا ذُكِرَ) كَالرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ وَهُمَا اللَّذَانِ عِنْدَ هُمَا الْحَجَرُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إيمَانًا بِك) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَطُوفُ بِتَأْوِيلِهِ بِاسْمِ الْفَاعِلِ أَيْ: أَطُوفُ حَالَ كَوْنِي مُؤْمِنًا بِك. (قَوْلُهُ: وَ، وَفَاءً بِعَهْدِك) الْمُرَادُ بِالْعَهْدِ هُنَا الْمِيثَاقُ الَّذِي أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى بَنِي آدَمَ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ حَيْثُ قَالَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢] فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُكْتَبَ بِذَلِكَ عَهْدٌ وَأَنْ يُدْرَجَ فِي الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ كَمَا فِي شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: قُبَالَةَ الْبَابِ) أَيْ: فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُقَابِلُهُ م ر وَحَجّ، ثُمَّ قَالَ حَجّ: وَهُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَقُولُهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ مَاشٍ إذْ الْغَالِبُ أَنَّ الْوُقُوفَ فِي الْمَطَافِ مُضِرٌّ وَعَلَيْهِ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُمَا يَسْتَغْرِقَانِ أَكْثَرَ مِنْ قُبَالَتَيْ الْحَجَرِ وَالْبَابِ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُمَا وَمَا بِإِزَائِهِمَا وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يَأْتِي اهـ