للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُدُّ طَعَامٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْهُ مُدَّانِ وَفِي تَرْكِ مَبِيتِ لَيَالِي التَّشْرِيقِ كُلِّهَا دَمٌ وَاحِدٌ وَفِي لَيْلَةٍ مُدٌّ وَفِي لَيْلَتَيْنِ مُدَّانِ إنْ لَمْ يَنْفِرْ قَبْلَ الثَّالِثَةِ وَإِلَّا وَجَبَ دَمٌ لِتَرْكِهِ جِنْسَ الْمَبِيتِ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ أَمَّا هُمْ كَأَهْلِ السِّقَايَةِ وَرِعَاءِ الْإِبِلِ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ لَيَالِيَ مِنًى بِلَا دَمٍ

. (وَيَجِبُ عَلَى غَيْرِ نَحْوِ حَائِضٍ) كَنُفَسَاءَ (طَوَافُ وَدَاعٍ) وَيُسَمَّى بِالصَّدَرِ أَيْضًا (بِفِرَاقِ مَكَّةَ) وَلَوْ مَكِّيًّا، أَوْ غَيْرَ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ، أَوْ فَارَقَهَا لِسَفَرٍ قَصِيرٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» أَيْ: الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمَا ذَكَرْته مِنْ وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ عَلَى غَيْرِ الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ هُوَ مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا وَدَاعَ عَلَى مَنْ خَرَجَ لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ وَكَانَ سَفَرُهُ قَصِيرًا كَمَنْ خَرَجَ لِلْعُمْرَةِ وَلَا عَلَى مُحْرِمٍ خَرَجَ إلَى مِنًى

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: مُدُّ طَعَامٍ) فَإِنْ عَجَزَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمُ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ الْوَاجِبَةِ بَدَلًا عَنْ الدَّمِ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الرَّمْيَةِ الْوَاحِدَةِ لِلثَّلَاثَةِ ثُلُثٌ وَثُلُثُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَتَبَعَّضُ فَتَصِيرُ أَرْبَعَةً فَتُبْسَطُ أَعْشَارًا بِأَرْبَعِينَ عُشْرًا، ثُمَّ تُعْرَفُ نِسْبَةُ الثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْحَجِّ وَالسَّبْعَةِ فَخُذْ ثَلَاثَةَ أَعْشَارِهَا وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ عُشْرًا بِيَوْمٍ وَخَمْسٍ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ يَوْمًا كَامِلًا فَيَصُومُ يَوْمَيْنِ فِي الْحَجِّ وَيَبْقَى ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ عُشْرًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَّا خَمْسًا فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ فَتَكُونُ ثَلَاثَةً كَوَامِلَ فَيَصُومُهَا إذَا رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ، وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ يَصُومُ عَنْ تَرْكِ الرَّمْيَةِ الْوَاحِدَةِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ يُوَجَّهُ بِأَنَّ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ الْوَاجِبَةِ بَدَلًا عَنْ الدَّمِ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ فَتُبْسَطُ الثَّلَاثَةُ مِنْ جِنْسِ الثُّلُثِ فَتَصِيرُ تِسْعَةً يُضَمُّ الثُّلُثُ إلَيْهَا فَتَصِيرُ عَشَرَةَ أَثْلَاثٍ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهَا ثَلَاثَةُ أَثْلَاثٍ بِيَوْمٍ فَيَصُومُهُ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةُ أَعْشَارِهَا سَبْعَةُ أَثْلَاثٍ بِيَوْمَيْنِ وَثُلُثٍ فَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَوَامِلَ فَيَصُومُهَا إذَا رَجَعَ. اهـ. سم بِإِيضَاحٍ، وَالْأَوَّلُ يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ إيجَابُ صَوْمِ بَعْضِ يَوْمٍ وَالثَّانِي يُجْبَرُ الْمُنْكَسِرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَجَرَى الزِّيَادِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ لِ م ر وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا ح ف.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْفِرْ) مِنْ بَابِ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش لَكِنْ فِي شَرْحِ حَجّ وَم ر يَنْفُرُ بِضَمِّ فَائِهِ وَكَسْرِهَا وَعِبَارَتُهُ عَلَى م ر بَعْدَ نَقْلِ عِبَارَةِ الْمُخْتَارِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ كحج إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذَكَرَاهُ طَرِيقَةٌ أُخْرَى فَلْيُرَاجَعْ اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُخْتَارِ نَفَرَتْ الدَّابَّةُ تَنْفِرُ بِالْكَسْرِ نِفَارًا وَتَنْفُرُ بِالضَّمِّ نُفُورًا وَنَفَرَ الْحَاجُّ مِنْ مِنًى مِنْ بَابِ ضَرَبَ اهـ فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الضَّمَّ وَالْكَسْرَ خَاصَّانِ بِنَفَرَ الْمُسْتَنِدِ لِلدَّابَّةِ تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَنْفِرْ وَذَلِكَ بِأَنْ بَاتَ الثَّالِثَةَ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبِتْ الثَّالِثَةَ وَجَبَ دَمٌ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ تَرَكَ الْمَبِيتَ فِيمَا قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: يَجِبُ مَبِيتٌ إلَخْ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ السِّقَايَةِ) وَلَوْ كَانَتْ مُحْدِثَةً إذْ غَيْرُ الْعَبَّاسِيِّ مِمَّنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ فِي مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّاسِيًّا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَرِعَاءِ الْإِبِلِ) يُشْتَرَطُ فِي رِعَاءِ الْإِبِلِ أَنْ يَكُونَ النَّفْرُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَبَ الْمَبِيتُ م ر وَخ ط ع ش بِخِلَافِ أَهْلِ السِّقَايَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ وَهُوَ السِّقَايَةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِخِلَافِ الرِّعَاءِ فَإِنَّ عَمَلَهُمْ بِالنَّهَارِ لَا بِاللَّيْلِ فَإِذَا غَرَبَتْ عَلَيْهِمْ الشَّمْسُ امْتَنَعَ عَلَيْهِمْ النَّفْرُ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْقَ م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) كَخَائِفٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ فَوْتِ مَطْلُوبٍ كَآبِقٍ أَوْ ضَيَاعِ مَرِيضٍ بِتَرْكِ تَعَهُّدِهِ، أَوْ مَوْتِ نَحْوِ قَرِيبِهِ فِي غَيْبَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ ذُو عُذْرٍ فَأَشْبَهَ الرِّعَاءَ وَأَهْلَ السِّقَايَةِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ إلَخْ) وَلَهُمْ تَرْكُ الرَّمْيِ بِيَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ وَتَدَارُكُهُ فِي آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ

. وَقَوْلُهُ: وَيُسَمَّى بِالصَّدَرِ أَيْضًا أَيْ: كَمَا يُسَمَّى طَوَافُ الْإِفَاضَةِ بِذَلِكَ ح ل وَقَوْلُهُ: بِفِرَاقٍ أَيْ بِإِرَادَةِ فِرَاقٍ (قَوْلُهُ: آخِرُ عَهْدِهِ) بِضَمِّ الرَّاءِ، وَفَتْحِهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ: الطَّوَافُ بَيَانٌ لِمُتَعَلِّقِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ وَهُوَ إمَّا اسْمُ يَكُونُ، أَوْ خَبَرُهَا بِرْمَاوِيٌّ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ طَوَافِ الْوَدَاعِ آخِرًا. (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ) وَلَا يُنَافِيهِ لُزُومُ الدَّمِ لِتَارِكِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجٍّ وَمُعْتَمِرٍ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَمُشَابِهٌ لَهَا صُورَةً ق ل قَالَ حَجّ: عَلَى أَنَّ مَا قَالَ: إنَّهُ مِنْهَا أَرَادَ أَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا كَالتَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَتْ مِنْهَا وَمِنْ ثَمَّ لَزِمَ الْأَجِيرَ فِعْلُهُ وَاتَّجَهَ أَنَّهُ حَيْثُ وَقَعَ إثْرَ نُسُكِهِ لَمْ تَجِبْ لَهُ نِيَّةٌ نَظَرًا لِلتَّبَعِيَّةِ وَإِلَّا وَجَبَتْ لِانْتِفَائِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِهِ فِي النُّسُكِ عَدَمُ طَلَبِهِ فِي غَيْرِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ السِّوَاكَ سُنَّةٌ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ وَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا اهـ بِحُرُوفِهِ وَعِبَارَةُ الشَّوْبَرِيِّ وَمَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ يَجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ الْإِتْيَانُ بِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ قِسْطُهُ بِتَرْكِهِ لَهُ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْحَطُّ عَلَى مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْمُؤَجِّرُ لَوْ بَاشَرَ خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَ هَذَا مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ م ر ابْنُ شَوْبَرِيٍّ، وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَجِيرِ الْإِتْيَانُ بِهِ وَلَا يَسْقُطُ مِنْ الْأُجْرَةِ شَيْءٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْزِلِهِ) أَيْ مَحَلِّ وَطَنِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ فَارَقَ مَكَّةَ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ لَزِمَهُ طَوَافُ الْوَدَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>