للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ بِبَيْعٍ، أَوْ غَيْرِهِ صَحَّ، وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَى الْكِتَابِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُ مَجْلِسِهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْقَبُولِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَى انْقِطَاعِ خِيَارِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، فَلَوْ كَتَبَ إلَى حَاضِرٍ فَوَجْهَانِ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ الصِّحَّةُ، وَاعْتِبَارُ الصِّيغَةِ جَارٍ حَتَّى فِي بَيْعِ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ كَبَيْعِ مَالِهِ مِنْ طِفْلِهِ وَفِي الْبَيْعِ الضِّمْنِيِّ لَكِنْ تَقْدِيرًا كَأَنْ قَالَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِكَذَا فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَنْ الطَّالِبِ، وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِعْنِيهِ، وَأَعْتِقْهُ عَنِّي وَقَدْ أَجَابَهُ.

(وَشَرَطَ فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ وَلَوْ بِكِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ كَمَا سَيَأْتِي حُكْمُهُمَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ (أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ) هُمَا (كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ) عَنْ الْعَقْدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ كَتَبَ إلَى غَائِبٍ) أَيْ: عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْكِتَابَةُ لَا عَلَى مَاءٍ، أَوْ هَوَاءٍ كِنَايَةٌ، فَيَنْعَقِدُ بِهَا مَعَ النِّيَّةِ، وَلَوْ لِحَاضِرٍ كَمَا رَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ، وَغَيْرُهُ فَلْيَقْبَلْ فَوْرًا عِنْدَ عِلْمِهِ، وَيَمْتَدُّ خِيَارُهُمَا لِانْقِضَاءِ مَجْلِسِ قَبُولِهِ. (قَوْلُهُ: بَيْعٌ، أَوْ غَيْرُهُ) ذِكْرُ الْغَيْرِ اسْتِطْرَادِيٌّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْبَيْعِ ع ش. (قَوْلُهُ: قَبُولُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ) أَيْ: فَوْرًا فَلَوْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ ضَرَّ ح ل.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْكِتَابِ) أَيْ: عَلَى صِيغَةِ الْبَيْعِ الَّتِي فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهَا الْمُعْتَبَرَةِ، وَإِنْ لَمْ يَقِفْ عَلَى بَاقِي الْكِتَابِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ خِيَارُ مَجْلِسِهِ) أَيْ: الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِ الْقَبُولِ أَيْ: مَا لَمْ يَخْتَرْ لُزُومَهُ وَإِلَّا انْقَطَعَ خِيَارُهُ إذْ خِيَارُ الْمَجْلِسِ يَنْقَطِعُ بِالْمُفَارَقَةِ، أَوْ الْإِلْزَامِ كَمَا سَيَأْتِي، وَقَوْلُهُ: إلَى انْقِطَاعٍ إلَخْ تَقْتَضِي هَذِهِ الْعِبَارَةُ شَيْئَيْنِ: الْأَوَّلَ: أَنَّ الْكَاتِبَ لَوْ فَارَقَ مَجْلِسَهُ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، أَوْ أَلْزَمَ الْبَيْعَ لَمْ يَنْقَطِعْ خِيَارُهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَنْقَطِعُ، وَالثَّانِيَ: أَنَّ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ لَوْ أَلْزَمَ الْعَقْدَ، أَوْ فَارَقَ مَجْلِسَهُ وَالْكَاتِبُ بَاقٍ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ انْقَطَعَ خِيَارُ الْكَاتِبِ. وَالْمُعْتَمَدُ فِيهِمَا عَدَمُ الِانْقِطَاعِ بَلْ لَا يَنْقَطِعُ خِيَارُ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا بِإِلْزَامِهِ الْعَقْدَ، أَوْ مُفَارَقَتِهِ مَجْلِسَ نَفْسِهِ. وَمَجْلِسُ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ هُوَ الَّذِي قَبِلَ فِيهِ، وَمَجْلِسُ الْكَاتِبِ هُوَ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ، وَأَوَّلُهُ مِنْ حِينِ قَبُولِ الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يُوجَدُ إلَّا حِينَئِذٍ شَيْخُنَا وسم، وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْإِخْبَارِ. (قَوْلُهُ: وَيَمْتَدُّ خِيَارُ الْكَاتِبِ إلَخْ) مِثْلُهُ فِي م ر وحج وَلَكِنْ نَقَلَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ الشَّيْخِ الدِّيوِيِّ أَنَّهُ اعْتَمَدَ أَنَّ خِيَارَ كُلٍّ يَنْقَطِعُ بِمُفَارَقَةِ مَجْلِسِهِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْقَبُولُ وَقَالَ ز ي: الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ امْتِدَادِهِ بِهِ حَجّ فَالشَّيْخُ تَابِعٌ لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَتَبَ إلَى حَاضِرٍ) أَيْ: فِي الْمَجْلِسِ. (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي بَيْعِ مُتَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ إلَخْ) مِنْهُ الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً فَتَقُولُ: بِعْته لَهُ بِكَذَا وَقَبِلْته لَهُ فَالصِّيغَةُ فِيهِ مُحَقَّقَةٌ لَكِنْ لَا خِطَابَ فِيهَا فَهَذِهِ الصُّورَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخِطَابِ كَمَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعُ الْمُتَوَسِّطِ كَقَوْلِ شَخْصٍ لِلْبَائِعِ بِعْت هَذَا بِكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَوْ بِعْت وَيَقُولُ: لِلْآخَرِ اشْتَرَيْت فَيَقُولُ: نَعَمْ، أَوْ اشْتَرَيْت لِانْعِقَادِ الْبَيْعِ بِوُجُودِ الصِّيغَةِ فَلَوْ كَانَ الْخِطَابُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: مِنْ طِفْلِهِ) أَيْ: لِطِفْلِهِ وَهُوَ مِثَالٌ فَلَا يُقَالُ: كَانَ الْأَوْلَى لِمَحْجُورِهِ. وَالطِّفْلُ: الْوَلَدُ الصَّغِيرُ مِنْ الْإِنْسَانِ، وَالدَّوَابِّ مِصْبَاحٌ ع ش.

(قَوْلُهُ: أَعْتَقَ) وَهَلْ مِثْلُ الْعِتْقِ الْوَقْفُ، وَالصَّدَقَةُ كَأَنْ قَالَ: تَصَدَّقَ عَنِّي بِثَوْبِك مَثَلًا، أَوْ أَوْقِفْ عَنِّي عَبْدَك مَثَلًا. الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا لَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى الْعِتْقِ، وَهَلْ يَأْتِي الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ لَا؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ فَرْعُ الْإِمْكَانِ، وَمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ ح ل بَلْ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ لَهُ. وَالْمُعْتَمَدُ لَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: فَفَعَلَ) فِي الْإِتْيَانِ بِالْفَاءِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَضُرُّ طُولُ الْفَصْلِ، وَمِثْلُهُ الْكَلَامُ الْأَجْنَبِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعَيْنِهِ) فَإِنْ صَرَّحَ بِهَذَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ، وَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ كَمَا فِي ع ش لِاخْتِلَالِ الصِّيغَةِ.

وَعِبَارَةُ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: بِعْنِيهِ، وَأَعْتِقْهُ عَنِّي بِكَذَا فَقَالَ: أَعْتَقَتْهُ عَنْك هَلْ يُعْتَقُ، أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِعَدَمِ مُطَابَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِكِتَابَةٍ) صَنِيعُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْغَائِبِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِالْبَيْعِ، وَالْقَبُولِ كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ إلَخْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مُعْتَبَرَانِ فِي الْحَاضِرِ لَا فِي الْغَائِبِ وَهُوَ نَاظِرٌ لِأَوَّلِ كِتَابَتِهِ بِالْبَيْعِ فَافْهَمْ. وَحَاصِلُ مَا انْطَوَتْ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَلَوْ بِكِتَابَةِ تِسْعِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ إمَّا بِلَفْظٍ، أَوْ كِتَابَةٍ، أَوْ إشَارَةٍ وَمِثْلُهُ الْقَبُولُ، وَثَلَاثَةٌ فِي مِثْلِهَا بِتِسْعَةٍ. (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) الْكَافُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ: هَذَا الِاشْتِرَاطُ جَارٍ وَمَبْنِيٌّ عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ حُكْمِ الْإِشَارَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، أَوْ الْفَطِنُ وَحْدَهُ فَكِنَايَةٌ.

وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ لَا فِي صَلَاةٍ، وَشَهَادَةٍ وَحِنْثٍ فَإِنْ فَهِمَهَا كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ وَإِلَّا فَكِنَايَةٌ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَتَخَلَّلَهُمَا كَلَامٌ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْعَقْدِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>