للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِهِ عَيْنًا، وَقَدْرًا، وَصِفَةً عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ حَذَرًا مِنْ الْغَرَرِ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ.» (وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ وَإِنْ جُهِلَتْ صِيعَانُهَا) لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فَلَا غَرَرَ، وَيَنْزِلُ الْمَبِيعُ مَعَ الْعِلْمِ بِصِيعَانِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ فَإِذَا عَلِمَا أَنَّهَا عَشَرَةُ آصُعٍ فَالْمَبِيعُ عُشْرُهَا وَلَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا تَلِفَ بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ، وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَا عَلَى صَاعٍ مِنْهَا، وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ مِنْ أَسْفَلِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِهَا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا كَمَا يَأْتِي، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا غَيْرُهُ تَعَيَّنَ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيْ: فَالشَّرْطُ وِلَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى الْمَبِيعِ، وَوِلَايَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى الثَّمَنِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَيْنًا) فِي الْمُعَيَّنِ الَّذِي لَمْ يَخْتَلِطْ بِغَيْرِهِ كَصُبْرَةٍ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْرًا أَيْ: مَعَ الْعَيْنِ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُخْتَلَطِ كَصَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ فَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ،

وَقَوْلُهُ: وَصِفَةً أَيْ: مَعَ الْقَدْرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ شَوْبَرِيٌّ.

وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ عَلَى مَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ: هُنَا فِي الْمُعَيَّنِ بِصُورَتَيْهِ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ، وَقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي، وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ، وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ، وَفِي بَابِ السَّلَمِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ الْغَرَرِ) وَهُوَ مَا انْطَوَتْ أَيْ: خَفِيَتْ عَنَّا عَاقِبَتُهُ، أَوْ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَغْلَبُهُمَا أَخْوَفُهُمَا أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِمُخَالَفَتِهِ لِقَضِيَّةِ كَلَامِهِمْ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ نَحْوِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْأَغْلَبُ عَدَمَ الْعَوْدِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لحج.

(قَوْلُهُ: لِمَا رُوِيَ إلَخْ) دَلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْغَرَرُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَبَيْعُهُ بَاطِلٌ لِمَا رُوِيَ إلَخْ، أَوْ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ،

وَقَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ أَيْ: الْبَيْعِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْغَرَرِ. (قَوْلُهُ: وَيَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) إلَى قَوْلِهِ: إنْ خَرَجَتْ مِائَةٌ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ فِي الْمَعْنَى مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَنْطُوقِ الشَّرْطِ،

وَقَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ إلَى قَوْلِهِ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ هَذِهِ الصُّوَرُ الْخَمْسَةُ مُفَرَّعَةٌ عَلَى مَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ إلَى قَوْلِهِ: اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ. هَاتَانِ صُورَتَانِ مُتَفَرِّعَتَانِ عَلَى الْمَنْطُوقِ كَالثَّلَاثِ الْأُوَلِ،

وَقَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الْمَفْهُومِ كَالْخَمْسَةِ الَّتِي قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ،

وَقَوْلُهُ: وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ. وَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ إلَخْ.

وَقَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ بَعْضَ مَبِيعٍ. هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مُتَفَرِّعَةٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَى الْمَنْطُوقِ ثَمَانَ صُوَرٍ، وَعَلَى الْمَفْهُومِ سِتَّةً لَكِنَّهُ جَعَلَ بَعْضَ كُلٍّ فِي خِلَالِ الْآخَرِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَذْكُرَ صُوَرَ الْمَنْطُوقِ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ صُوَرَ الْمَفْهُومِ كَذَلِكَ، وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعَ بِأَنْ يَقُولَ: فَيَصِحُّ بَيْعٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ: مِنْ بُرٍّ، أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا تَكْفِي رُؤْيَةُ ظَاهِرِهِ. وَالصُّبْرَةُ هِيَ الْكُوَمُ مِنْ الطَّعَامِ وَإِطْلَاقُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا مَجَازٌ وَجَمْعُهَا صُبَرٌ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ. ع ش وَخَرَجَ بِصُبْرَةٍ الْأَرْضُ، وَالدَّارُ، وَالثَّوْبُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ عُلِمَ ذُرْعَانُ ذَلِكَ صَحَّ بَيْعُ ذِرَاعٍ مَثَلًا شَائِعٍ مِنْ كُلٍّ وَإِنْ جَهِلَا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الصُّبْرَةِ لَا تَتَفَاوَتُ بِخِلَافِ أَجْزَاءِ مَا ذُكِرَ ز ي.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَتْ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِمَا بِقَدْرِ الْمَبِيعِ) أَيْ: فَهَذَا مِنْ قُبَيْلِ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَقَدْرًا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَدْرَ لَا بُدَّ وَأَنْ يَنْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ وَالصِّفَةِ، وَهَذَا قَدْ انْضَمَّ إلَى عِلْمِ الْعَيْنِ حُكْمًا كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ أَيْ: فَكَأَنَّهُ عَلِمَ جَمِيعَهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعَ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ ذِرَاعًا مُبْهَمًا مِنْ أَرْضٍ، أَوْ شَاةٍ مُبْهَمَةٍ مِنْ قَطِيعِ غَنْمٍ فَإِنَّ الْأَجْزَاءَ لَمْ تَتَسَاوَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: عَلَى الْإِشَاعَةِ) أَيْ: عَلَى صَاعٍ شَائِعٍ فَتَكُونُ شَرِكَةَ شُيُوعٍ، وَعَلَى الْجَهْلِ شَرِكَةَ جِوَارٍ. (قَوْلُهُ: بِقَدْرِهِ مِنْ الْمَبِيعِ) فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: وَلِلْبَائِعِ تَسْلِيمُهُ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ أَيْ فَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ أَسْفَلِهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ، وَإِنَّمَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى قِسْمَتِهِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْئِيًّا) أَيْ: حَقِيقَةً وَإِلَّا فَهُوَ مَرْئِيٌّ حُكْمًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ رُؤْيَةَ ظَاهِرِهَا) أَيْ: الْمُحْتَمَلِ لَأَنْ يَكُونَ مَبِيعًا كَرُؤْيَةِ كُلِّهَا أَيْ: كَأَنَّهُ مَرْئِيٌّ فَهُوَ مَرْئِيٌّ حُكْمًا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكْتَفِ بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ الظَّاهِرِ إذْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَوْنُهُ مَبِيعًا، وَذَلِكَ إذَا قَالَ: بِعْتُك صَاعًا مِنْ بَاطِنِ هَذِهِ الصُّبْرَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) الَّذِي يَأْتِي أَنَّ رُؤْيَةَ بَعْضِ الْمَبِيعِ تَكْفِي عَنْ رُؤْيَةِ بَاقِيهِ، وَالْمَرْئِيُّ هُنَا وَهُوَ ظَاهِرُ الصُّبْرَةِ لَيْسَ مِنْ الْمَبِيعِ إذَا سَلَّمَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا كَانَتْ أَجْزَاؤُهَا لَا تَخْتَلِفُ جَعَلَ الْمَرْئِيَّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ خُصُوصِ الْمَبِيعِ كَأَنَّهُ مِنْهُ قَالَهُ ع ش.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَتَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ، وَفِيهِ أَنَّ الصُّبْرَةَ هُنَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ، وَثَمَّ مَبِيعَةٌ فَلَمْ تُوجَدْ هُنَا رُؤْيَةُ بَعْضِ الْمَبِيعِ الدَّالِّ عَلَى بَاقِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: مَا ذُكِرَ هُنَا قَرِينَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>