(وَ) بَيْعُ (صُبْرَةٍ كَذَلِكَ) أَيْ: وَإِنْ جُهِلَتْ صِيعَانُهَا (كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ) بِنَصْبِ كُلِّ، وَلَا يَضُرُّ فِي مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ، أَوْ الدَّارَ، أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ. (وَ) بَيْعُ صُبْرَةٍ (مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَ جُمْلَةِ الثَّمَنِ، وَتَفْصِيلِهِ (لَا بَيْعٌ لِأَحَدِ ثَوْبَيْنِ) مَثَلًا مُبْهَمًا (وَلَا) بَيْعٌ (بِأَحَدِهِمَا) وَإِنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا. (أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ بُرًّا، أَوْ بِزِنَةِ ذِي الْحَصَاةِ ذَهَبًا) وَمِلْءُ الْبَيْتِ وَزِنَةُ الْحَصَاةِ مَجْهُولَانِ (أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ) لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ فِي الْأُولَى، وَبِعَيْنِ الثَّمَنِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ: كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ أَيْ: الْمَبِيعَةِ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ، أَوْ الْإِبْهَامِ حَيْثُ تُعْرَضُ لِلْبَعْضِ هُنَا وَجَعَلَهُ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَبَيْعُ صُبْرَةٍ كَذَلِكَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا، أَوْ كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ الْجُمْلَةَ بَلْ بَعْضَهَا الْمُحْتَمِلَ لِلْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ فَلَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ الْمَبِيعِ تَحْقِيقًا، وَلَا تَخْمِينًا. انْتَهَى مِنْ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ: بِنَصْبِ كُلَّ) عَلَى الْحَالِيَّةِ مِنْ صُبْرَةٍ أَيْ: يَصِحُّ بَيْعُ الصُّبْرَةِ حَالَ كَوْنِهَا كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَيْ: مُسَعَّرَةً كُلَّ إلَخْ، وَأَمَّا رَفْعُهُ فَيُوهِمُ الِاسْتِئْنَافَ فَيَكُونُ لَيْسَ مِنْ الصِّيغَةِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا، وَجَرُّهُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُهُ بَدَلًا مِنْ صُبْرَةٍ فَيَصِيرُ الْبَيْعُ وَاقِعًا عَلَى الصَّاعِ لَا عَلَى الصُّبْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ، وَبِهَذَا الْوَجْهِ مُنِعَ نَصْبُهُ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ عَلَى الْمَحَلِّ أَيْ: مَحَلِّ الصُّبْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مَفْعُولٌ لِلْمَصْدَرِ فَمَحَلُّهَا نَصْبٌ؛ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ أَنْ يَبِيعَ الْبَائِعُ صُبْرَةً ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. وَجَوَّزَ الشَّوْبَرِيُّ النَّصْبَ عَلَى الْبَدَلِيَّة؛ لِأَنَّ الْمُبْدَلَ مِنْهُ مُلَاحَظٌ، وَإِنْ كَانَ فِي نِيَّةِ الطَّرْحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَضُرُّ فِي مَجْهُولَةِ الصِّيعَانِ الْجَهْلُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ) قَيَّدَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِجُمْلَةِ الْمَبِيعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاعْتِذَارِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ غَيْرُ مُخْتَلَطٍ، وَلَا يَضُرُّ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالتَّفْصِيلِ) وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْغَرَرُ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ جُزَافًا فَلَوْ وُجِدَتْ الصُّبْرَةُ دُونَ صَاعٍ، وَالثَّوْبُ دُونَ ذِرَاعٍ، أَوْ بَقِيَ دُونَ صَاعٍ وَدُونَ ذِرَاعٍ صَحَّ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّرْهَمِ ح ل وم ر وحج إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا الثَّوْبَ ثُمَّ قَالَ حَجّ: وَفَارَقَ بَيْعُ الْقَطِيعِ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَبَقِيَ بَعْضُ شَاةٍ بِأَنْ خَرَجَ بَاقِيهَا لِغَيْرِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِيهِ بِأَنَّهُ يُتَسَامَحُ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِعَدَمِ النَّظَرِ فِيهِ إلَى الْقِيمَةِ بِمَا لَمْ يَتَسَامَحْ بِهِ فِي التَّوْزِيعِ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ.
قَالَ م ر: وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ طَرْحِ شَيْءٍ عِنْدَ نَحْوِ الْوَزْنِ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ لَا يُعْمَلُ بِهِ، ثُمَّ إنْ شَرَطَ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمَجْمُوعِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ طَرْحِ قَدْرٍ مُعْتَادٍ بَعْدَ الْوَزْنِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ كَجَعْلِهِمْ لِكُلِّ مِائَةِ رِطْلٍ خَمْسَةً مَثَلًا مِنْ السَّمْنِ، أَوْ الْجُبْنِ، وَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْ حُكْمَ الْغَصْبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي. اهـ ع ش وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْجَاهِلِ بِذَلِكَ قَالَ ع ش: وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: بِعْتُك الْمِائَةَ، وَالْخَمْسَةَ مَثَلًا بِكَذَا. اهـ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ هَذَا الْقَدْرَ الْمَطْرُوحَ صَارَ مَعْلُومًا عِنْدَ غَالِبِ النَّاسِ فَهُوَ مِمَّا يُتَسَامَحُ بِهِ لِعِلْمِهِمْ بِهِ مَعَ إقْرَارِهِمْ الْقَبَّانِيَّ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْغَصْبِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمٍ إنْ خَرَجَتْ مِائَةً) لَمْ يُقَيَّدْ فِي هَذَا بِالنَّصْبِ كَسَابِقِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ التَّفْصِيلِ بِالْإِجْمَالِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ السَّابِقَةِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهَا بِدُونِ التَّفْصِيلِ لِعَدَمِ الْإِجْمَالِ هُنَاكَ فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: لَا بَيْعٌ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: عَيْنًا، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى بَيْعُ فِي قَوْلِهِ: وَيَصِحُّ بَيْعُ إلَخْ،
وَقَوْلُهُ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَقَدْرًا. (قَوْلُهُ: بُرًّا) أَيْ: مَوْصُوفًا بِمَا يُعَيِّنُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَمِلْءُ الْبَيْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَوْصُوفٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ مِلْءُ الْبَيْتِ مَعْلُومًا. (قَوْلُهُ: وَمِلْءُ الْبَيْتِ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: مَجْهُولَانِ) فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ وُصِفَ الْبُرُّ بِصِفَاتِ السَّلَمِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ) إلَّا إذَا اتَّفَقَ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ غَلَبَةً، وَرَوَاجًا، وَقِيمَةً، وَاطَّرَدَتْ الْعَادَةُ بِتَسْلِيمِ النِّصْفِ مَثَلًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ح ل.
(قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ) أَيْ: مَعَ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الْأُولَى مُعَيَّنٌ، وَالثَّمَنَ فِي الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ عَيْنِهِمَا،
وَقَوْلُهُ: وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي أَيْ:؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الْجَمِيعِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute