للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي فَإِنَّ عَيَّنَ الْبُرَّ كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ فَلَا غَرَرَ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ. (وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ) مَثَلًا (وَثَمَّ نَقْدٌ غَالِبٌ تَعَيَّنَ) ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ نَعَمْ لَوْ غَلَبَ الْمُكَسَّرُ وَتَفَاوَتَتْ قِيمَتُهُ اُشْتُرِطَ التَّعْيِينُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَيَانِ، وَأَقَرَّاهُ (أَوْ نَقْدَانِ) مَثَلًا وَلَوْ صَحِيحًا، وَمُكَسَّرًا (وَلَا غَالِبٌ اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ) لَفْظًا لِأَحَدِهِمَا لِيُعْلَمَ بِقَيْدٍ زِدْتَهُ بِقُولِي (إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) فَإِنْ اسْتَوَتْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْيِينٌ، وَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي مَا شَاءَ مِنْهُمَا.

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَمَتَى كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَبِقَدْرِهِ فِي الْبَاقِي) أَيْ: فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ بُرًّا، وَالصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ هَذِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِأَلْفٍ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ الْجَهْلُ بِقَدْرِ الدَّرَاهِمِ، وَبِقَدْرِ الدَّنَانِيرِ هَلْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ الْأَلْفِ، أَوْ ثُلُثُهَا مَثَلًا، وَإِلَّا فَالْعِلْمُ بِجُمْلَةِ قَدْرِ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّهُ أَلْفٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْبُرَّ إلَخْ) قَدْ يُشْعِرُ قَوْلُهُ: مِلْءُ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْتُ، أَوْ الْبُرُّ غَائِبًا عَنْهُمَا لَمْ يَصِحَّ، وَلَيْسَ مُرَادًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى التَّعْيِينِ حَاضِرًا كَانَ، أَوْ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ حَتَّى لَوْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ الْكُوزِ الْفُلَانِيِّ مِنْ الْبُرِّ الْفُلَانِيِّ، وَكَانَا غَائِبَيْنِ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ صَحَّ الْعَقْدُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ عَيَّنَ الْبُرَّ إلَخْ. فَإِنَّهُ جَعَلَ مُجَرَّدَ التَّعْيِينِ كَافِيًا لَكِنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ تَلَفُ الْكُوزِ، أَوْ الْبُرِّ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَى مَحَلِّهِمَا إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ الْغَرَرِ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ: بِعْتُك مِلْءَ ذَا الْبَيْتِ مِنْ ذَا الْبُرِّ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَالصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْبَاطِلَةِ أَنَّ الْبَائِعَ هُنَا عَيْنُ الْبُرِّ، وَثَمَّ أَبْهَمَهُ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُحِيطَا بِجَوَانِبِ الْبَيْتِ، وَيَعْرِفَا تَخْمِينًا أَنَّهُ يَأْخُذُ كَذَا، وَيَمْلَأُ الْبَيْتَ مِنْ الْبُرِّ الْمُعَيَّنِ حَالًّا قَبْلَ تَلَفِ الْبَيْتِ فَقَلَّ الْجَهْلُ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ لِأَنَّ الْبُرَّ مُبْهَمٌ، وَيُمْكِنُ تَلَفُ الْبَيْتِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِالْبُرِّ فَكَثِيرُ الْجَهْلِ، وَلَوْ تَلِفَ الْبَيْتُ هُنَا فَالظَّاهِرُ انْفِسَاخُ الْبَيْعِ شَيْخُنَا.

وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَخَرَجَ بِنَحْوِ حِنْطَةٍ، وَذَهَبٍ مُنَكَّرٌ الْمُشِيرُ إلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ فِي الذِّمَّةِ الْمُعَيَّنُ كَبِعْتُك مِلْءَ، أَوْ بِمِلْءِ ذَا الْكُوزِ مِنْ هَذِهِ الْحِنْطَةِ، أَوْ الذَّهَبِ فَيَصِحُّ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَهُ لِإِحَاطَةِ التَّخْمِينِ بِرُؤْيَتِهِ مَعَ إمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ بِلَا غَرَرٍ. هَذَا وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: بِعْتُك بِمِلْءِ ذَا الْبَيْتِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمَتْنَ جَعَلَ الْمِلْءَ ثَمَنًا وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ مُثَمَّنًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فِي الْحُكْمِ. وَمِثْلُ الْبُرِّ الذَّهَبُ إذَا عَيَّنَهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ قَبْلَ تَلَفِهِ) أَيْ: الْبَيْتِ حِينَئِذٍ أَيْ: وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ مُعَيَّنٌ، وَالْمُعَيَّنُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَعْرِفَةُ الْقَدْرِ تَحْقِيقًا بَلْ يَكْفِي فِيهِ التَّخْمِينُ بِرْمَاوِيٌّ.

فَانْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ بَعْضِهِمْ بِالْجَهْلِ بِقَدْرِ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَ بِنَقْدٍ مَثَلًا) مِثْلُ الْبَيْعِ الشِّرَاءُ، وَمِثْلُ النَّقْدِ الْعَرْضُ كَالْبُرِّ فَمَثَلًا رَاجِعٌ لِكُلِّ مَنْ بَاعَ، وَنَقَدَ. (قَوْلُهُ: بِنَقْدٍ) كَدِينَارٍ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْمَحْبُوبَ، وَالْجَنْزِيرَ وَالْفُنْدُقْلِيَّ. (قَوْلُهُ: وَثَمَّ نَقْدٌ غَالِبٌ) أَيْ: فِي مَكَانِ الْبَيْعِ قَالَ فِي التُّحْفَةِ: سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِهَا أَيْ: بَلَدِ الْبَيْعِ، وَيَعْلَمُ نَقُودَهَا، أَوْ لَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِمُنَافَاتِهِ لِلتَّعْلِيلِ الْآتِي؛ وَلِأَنَّهُ إذَا جَهِلَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَقْدَ الْبَلَدِ كَانَ الثَّمَنُ مَجْهُولًا لَهُمَا فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ شَوْبَرِيٌّ.

وَكَلَامُ ح ل يُوَافِقُ مَا فِي التُّحْفَةِ وَهُوَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِمَا بِهِ،

وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ أَيْ: شَأْنُهُ أَنْ يُرَادَ ح ف.

(قَوْلُهُ: وَثَمَّ نَقْدٌ) أَيْ: نَوْعٌ مِنْ النَّقْدِ. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) نَعَمْ إنْ تَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ أَيْ: الْغَالِبِ، أَوْ رَوَاجِهَا وَجَبَ التَّعْيِينُ، وَذُكِرَ النَّقْدَ لِلْغَالِبِ، أَوْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْعِوَضِ شَرْحُ حَجّ. .

وَعِبَارَةُ ع ش مَفْهُومَةٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي الْقِيمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ مَا فِي سم عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَقَبِلَ بِصَحِيحَةٍ لَمْ يَصِحَّ مَا نَصُّهُ مِثْلُهُ مَا لَوْ أَجَابَ بِأَلْفٍ مِنْ نَقْدٍ آخَرَ مُخَالِفٍ لِلْأَوَّلِ فِي السِّكَّةِ دُونَ الْقِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ م ر.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ إرَادَتُهُمَا لَهُ) اُنْظُرْ لَوْ أَرَادَ غَيْرَهُ وَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمُجَرَّدِ الْإِرَادَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ بِاللَّفْظِ أَيْ: تَعْيِينِ عَيْنِ الَّذِي أَرَادَهُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ غَلَبَ الْمُكَسَّرُ وَتَفَاوَتَتْ قِيمَةُ أَنْوَاعِهِ) كَمَا إذَا غَلَبَ الرِّيَالُ الْمُكَسَّرُ، وَكَانَ أَنْصَافًا، وَأَرْبَاعًا، وَأَثْمَانًا وَكَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْبَاعِ أَكْثَرَ فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُكَسَّرِ مَا قَابَلَ الرِّيَالَ الْكَامِلَ شَيْخُنَا ح ف. فَلَوْ تَبَايَعَا بِطَرَفَيْ بَلَدَيْنِ شَيْئًا بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ، أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ: قَالَ الشَّيْخُ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِهَذَا الثَّالِثِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: اُشْتُرِطَ تَعْيِينٌ لَفْظًا) أَيْ: لَا نِيَّةً بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ هُنَا، وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاكْتِفَاءُ بِنِيَّةِ الزَّوْجَةِ فِي النِّكَاحِ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ ثَمَّ ضَرْبٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَهُنَا ذَاتُ الْعِوَضِ فَاغْتُفِرَ ثَمَّ مَا لَمْ يُغْتَفَرْ هُنَا، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ مَبْنَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>