للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) بِأَنْ لَمْ يَرَهُ الْعَاقِدَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا وَإِنْ وُصِفَ بِصِفَةِ السَّلَمِ لِلْغَرَرِ؛ وَلِأَنَّ الْخَبَرَ لَيْسَ كَالْعِيَانِ. (وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ) عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ اكْتِفَاءً بِالتَّخْمِينِ الْمَصْحُوبِ بِهَا فَلَوْ قَالَ: بِعْتُك بِهَذِهِ الصُّبْرَةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ صَحَّ الْبَيْعُ لَكِنَّهُ يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوقِعُ فِي النَّدَمِ، وَلَا يُكْرَهُ شِرَاءُ مَجْهُولِ الذَّرْعِ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَا تَعْرِفُ تَخْمِينًا غَالِبًا لِتَرَاكُمِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ. (وَ) تَكْفِي (رُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ فِيمَا لَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ إلَى وَقْتِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَغْلِبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ كَأَرْضٍ، وَإِنَاءٍ وَحَدِيدٍ، أَوْ يَحْتَمِلَ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءً كَحَيَوَانٍ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فِي الْأُولَى، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْمَرْئِيِّ بِحَالِهِ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ كَأَطْعِمَةٍ يُسْرِعُ فَسَادُهَا نَظَرًا لِلْغَالِبِ، وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ ذَاكِرًا لِلْأَوْصَافِ عِنْدَ الْعَقْدِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.

(وَ) تَكْفِي (رُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ) إنْ (دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ نَحْوِ بُرٍّ) كَشَعِيرٍ، وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ أَجْزَاؤُهُ غَالِبًا بِخِلَافِ صُبْرَةِ بِطِّيخٍ، وَرُمَّانٍ، وَسَفَرْجَلٍ، وَنَحْوِهَا وَنَحْوِ بُرٍّ مِنْ زِيَادَتِي. (وَ) مِثْلُ (أُنْمُوذَجٍ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى الِاحْتِيَاطِ، وَالتَّعَبُّدُ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ شَرْحُ م ر وَلَوْ أَبْطَلَ السُّلْطَانُ مَا بَاعَ بِهِ، أَوْ أَقْرَضَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ بِحَالٍ نَقَصَ سِعْرُهُ، أَوْ زَادَ أَمْ عَزَّ وُجُودُهُ فَإِنْ فُقِدَ وَلَهُ مِثْلٌ وَجَبَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمُطَالَبَةِ شَرْحُ م ر

. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْعُ غَائِبٍ) أَيْ: غَائِبٍ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَاقِدَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: بِأَنْ لَمْ يَرَهُ إلَخْ ح ف وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: بِعْتُك انْعَقَدَ بَيْعًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ، وَهَذَا بَيْعُ عَيْنٍ مُتَمَيِّزَةٍ مَوْصُوفَةٍ، وَهَذَا وَاضِحٌ وَيُشْبِهُ عَلَى الضَّعَفَةِ كَذَا بِخَطِّ م ر شَوْبَرِيٌّ.

وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ مَعَ شَرْحِ م ر: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ: يَصِحُّ الْبَيْعُ إنْ ذُكِرَ جِنْسُهُ أَيْ: أَوْ نَوْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَرَيَاهُ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَيَنْفُذُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ الْفَسْخُ دُونَ الْإِجَازَةِ، وَيَمْتَدُّ الْخِيَارُ امْتِدَادَ مَجْلِسِ الرُّؤْيَةِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ وُصِفَ لِلرَّدِّ عَلَى الْقَدِيمِ، وَعَلَى الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْخَبَرَ) لَيْسَ هَذَا حَدِيثًا بِهَذَا اللَّفْظِ بَلْ لَفْظُ الْحَدِيثِ «لَيْسَ الْمُعَايِنُ كَالْمُخْبِرِ» وَرِوَايَةٌ أُخْرَى «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» شَيْخُنَا ح ف، وَفِي شَرْحِ م ر «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْعِيَانِ» . (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي مُعَايَنَةُ عِوَضٍ) عُلِمَ مِنْهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشَّمِّ، وَالذَّوْقِ فِي الْمَشْمُومِ وَالْمَذُوقِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: عِوَضٍ) ثَمَنًا، وَمُثَمَّنًا

وَقَوْلُهُ: عَنْ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ أَيْ: وَزْنًا، أَوْ عَدًّا، أَوْ كَيْلًا، أَوْ ذَرْعًا. (قَوْلُهُ: الْمَصْحُوبِ بِهَا) أَيْ: بِالْمُعَايَنَةِ. (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ) فَلَوْ وَجَدَهَا عَلَى مَوْضِعٍ فِيهِ ارْتِفَاعٌ، وَانْخِفَاضٌ، وَقَدْ ظَنَّ اسْتِوَاءَ مَا تَحْتَهَا صَحَّ، وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ عِلْمَ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ مِنْ إفَادَةِ التَّخْمِينِ ح ف.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَذْرُوعِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا تَرَاكُمَ فِيهِ شَرْحُ م ر قَالَ ح ل: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ الْمَوْزُونُ، وَالْمَعْدُودُ. (قَوْلُهُ: وَتَكْفِي رُؤْيَةٌ قَبْلَ عَقْدٍ) فَإِنْ وَجَدَهُ الْمُشْتَرِي مُتَغَيِّرًا عَمَّا رَآهُ عَلَيْهِ تَخَيَّرَ، فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَغَيُّرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ، وَيُخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ الْمَوْجُودَةِ الْآنَ، وَرَضِيَ بِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا صُدِقَ الْبَائِعُ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُمْكِنُ حُدُوثُهُ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى وُجُودِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَالْأَصْلُ عَدَمُ وُجُودِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ شَرْحُ م ر. وَقَرَّرَهُ ح ف.

(قَوْلُهُ: إلَى وَقْتِهِ) أَيْ: مِنْ حِينِ رُؤْيَتِهِ إلَى وَقْتِهِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَغْلِبَ عَدَمُ تَغَيُّرِهِ) أَيْ: وَإِنْ تَغَيَّرَ بِالْفِعْلِ لَكِنَّهُ يُخَيَّرُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ خِيَارُ نَقِيصَةٍ ع ش وَقِ ل.

(قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ) رَآهُ مِنْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ إنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّمْثِيلَ لِمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْحَيَوَانَ الْغَالِبَ عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَذَّى فِي الصِّحَّةِ، وَالسَّقَمِ فَقَلَّمَا يَنْفَكُّ عَنْ عَيْبٍ وَلِهَذَا عَطَفَهُ الْمَحَلِّيُّ عَلَيْهِ فَأَلْحَقَهُ بِهِ حُكْمًا، وَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ التَّنْظِيرَ فَظَاهِرٌ أَيْ: نَظِيرُهُ فِي الْحُكْمِ، وَمُلْحَقٌ بِهِ وَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ لَكِنَّهُ يَفُوتُهُ التَّمْثِيلُ لِمَا يَحْتَمِلُ التَّغَيُّرَ، وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ تَأَمَّلْ.

وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَغَيَّرَ فِيهَا، وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ، أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حَيَوَانًا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ يَصِحُّ شَوْبَرِيٌّ.

وَاخْتَارَ شَيْخُنَا ح ف كَوْنَهُ لِلتَّمْثِيلِ وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ مِنْ تَغَذِّيهِ فِي الصِّحَّةِ، وَالسَّقَمِ أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ تَغَيُّرَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا يَغْلِبُ تَغَيُّرُهُ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ح ل.

(قَوْلُهُ: كَأَطْعِمَةٍ يَسْرُعُ فَسَادُهَا) أَيْ: رَآهَا مِنْ يَوْمٍ مَثَلًا، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهَا لَا تَتَغَيَّرُ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ. ح ل

. (قَوْلُهُ: وَرُؤْيَةُ بَعْضِ مَبِيعٍ) . (فَرْعٌ)

سُئِلَ الشِّهَابُ م ر عَنْ بَيْعِ السُّكَّرِ فِي قُدُورِهِ هَلْ يَصِحُّ، وَتَكْفِي رُؤْيَةُ أَعْلَاهُ مِنْ رُءُوسِ الْقُدُورِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ صَحَّ، وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ رُؤْيَةَ أَعْلَاهُ لَا تَدُلُّ عَلَى بَاقِيهِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِهِ إذَا كَانَ بَقَاؤُهُ فِي الْقُدُورِ مِنْ مَصَالِحِهِ لِلضَّرُورَةِ سم عَلَى حَجّ.

(قَوْلُهُ: إنْ دَلَّ عَلَى بَاقِيهِ) أَيْ: عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: كَظَاهِرِ صُبْرَةٍ) مَبِيعَةٍ كُلِّهَا، أَوْ بَعْضِهَا عَلَى الْإِشَاعَةِ أَيْ: الْإِبْهَامِ ح ل.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ) أَتَى بِهِ مَعَ الْكَافِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ غَالِبًا، وَمِنْ ذَلِكَ الدَّقِيقُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ اللَّبَنَ، وَسَائِرَ الْمَائِعَاتِ فِي الظُّرُوفِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى كَظَاهِرِ الْوَاقِعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ وَذَلِكَ كَظَاهِرِ وَمِثْلُ. وَقَدْ وَهَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>