للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالتَّفَكُّهُ يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ وَالتَّحَلِّيَ بِحَلْوَاءَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوا الدَّوَاءَ فِيمَا لَمْ يَتَنَاوَلْهُ الطَّعَامُ فِي الْأَيْمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ فِي الْعُرْفِ الْمَبْنِيَّةِ هِيَ عَلَيْهِ.

(فَإِذَا بِيعَ رِبَوِيٌّ بِجِنْسِهِ) كَبُرٍّ بِبُرٍّ، وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ (شُرِطَ) فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: (حُلُولٌ، وَتَقَابُضٌ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) وَلَوْ بَعْدَ إجَازَةٍ لِلْعَقْدِ (وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ جُزَافًا فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ خَرَجَا سَوَاءً لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ. وَالْجَهْلُ بِالْمُمَاثَلَةِ كَحَقِيقَةِ الْمُفَاضَلَةِ نَعَمْ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ مَثَلًا بِأُخْرَى مُكَايَلَةً، أَوْ صُبْرَةَ دَرَاهِمَ بِأُخْرَى مُوَازَنَةً صَحَّ إنْ تَسَاوَيَا وَإِلَّا فَلَا، أَوْ عَلِمَا تَمَاثُلَهُمَا، ثُمَّ تَبَايَعَا جُزَافًا صَحَّ وَلَا يُحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا إلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعِوَضُ مُعَيَّنًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْإِشَارَةَ رَاجِعَةٌ لِلِاشْتِرَاكِ لَا بِقَيْدِ الْقَصْدِ. (قَوْلُهُ: يَشْمَلُ التَّأَدُّمَ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُؤْكَلُ لِلِالْتِذَاذِ بِهِ لَا أَكْلُ الْفَاكِهَةِ فَقَطْ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِحَلْوَا) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ.

وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ الْحَلْوَا الَّتِي تُؤْكَلُ تُمَدُّ، وَتَقْصَرُ، وَجَمْعُ الْمَمْدُودِ حَلَاوِيّ مِثْلُ: صَحْرَاءَ وَصَحَارِيِ بِالْكَسْرِ، وَجَمْعُ الْمَقْصُورِ حَلَاوَى بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: الْحَلْوَا اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ مِنْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ مُعَالَجًا بِحَلَاوَةٍ ع ش عَلَى م ر

. (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةُ أُمُورٍ) لَكِنَّ الْأَوَّلَ، وَالثَّالِثَ شَرْطَانِ لِلصِّحَّةِ ابْتِدَاءً، وَالثَّانِيَ شَرْطٌ لَهَا دَوَامًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: حُلُولٌ) أَيْ: بِأَنْ لَا يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَجَلٌ بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: فَمَتَى اقْتَرَنَ بِأَحَدِ الْعِوَضَيْنِ تَأْجِيلٌ، وَإِنْ قَلَّ زَمَنُهُ كَدَرَجَةٍ، وَلَوْ حَلَّ قَبْلَ تَفَرُّقِهِمَا لَمْ يَصِحَّ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَتَقَابُضٌ قَبْلَ تَفَرُّقٍ) يَعْنِي: الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ فَلَا يَكْفِي نَحْوُ: حَوَالَةٍ وَإِنْ حَصَلَ مَعَهَا الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي نَحْوُ حَوَالَةٍ وَمِثْلُهَا الْإِبْرَاءُ، وَالضَّمَانُ لَكِنْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِالْحَوَالَةِ وَالْإِبْرَاءِ لِتَضَمُّنِهِمَا الْإِجَازَةَ، وَهِيَ قَبْلَ التَّقَابُضِ مُبْطِلَةٌ لِلْعَقْدِ، وَأَمَّا الضَّمَانُ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِهِ بَلْ إنْ حَصَلَ التَّقَابُضُ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ فَذَاكَ وَإِلَّا بَطَلَ بِالتَّفَرُّقِ ع ش عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ إجَازَةٍ لِلْعَقْدِ) ضَعِيفٌ أَيْ: وَإِنْ حَصَلَ الْقَبْضُ بَعْدَهَا فِي الْمَجْلِسِ فَلَا يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ كَالتَّفَرُّقِ. (قَوْلُهُ: وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا) أَيْ: حَالَةَ الْعَقْدِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَالْمُرَادُ أَنْ يَعْلَمَهَا كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ) أَيْ: بِالْيَقِينِ. (قَوْلُهُ: جُزَافًا) بِتَثْلِيثِ الْجِيمِ وَالْقِيَاسُ الْكَسْرُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ جَازَفَ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

لِفَاعَلَ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَهْ

وَالْآخَرَانِ مَصْدَرَانِ سَمَاعِيَّانِ، وَضَابِطُ الْجُزَافِ هُوَ مَا لَمْ يُقَدَّرْ بِكَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا كَيْلُهُ، أَوْ وَزْنُهُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ بَاعَ صُبْرَةَ بُرٍّ مَثَلًا بِأُخْرَى إلَخْ) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْجُزَافِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عَدَمَ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا عَدَمُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ: مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً وَهَذَا لَا يُخْرِجُ مَا ذُكِرَ عَنْ كَوْنِهِ جُزَافًا ح ل. قَالَ شَيْخُنَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى اسْتِدْرَاكًا عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ: وَمُمَاثَلَةٌ يَقِينًا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْمُمَاثَلَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ، وَالثَّانِيَةُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْبَيْعِ جُزَافًا، وَلَعَلَّهُ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَا إلَخْ) وَلَوْ بِإِخْبَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ حَيْثُ صَدَّقَهُ فَإِنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَانَ الْبُطْلَانُ ع ش وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْإِخْبَارَ يُفِيدُ الظَّنَّ مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْمُمَاثَلَةُ يَقِينًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: أُقِيمَ هَذَا الظَّنُّ مَقَامَ الْيَقِينِ

وَقَوْلُهُ: ثُمَّ تَبَايَعَا لَعَلَّ الْمُرَادَ بَعْدَ زَمَنٍ يَبْعُدُ فِيهِ احْتِمَالُ النَّقْصِ ح ل مَعَ زِيَادَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا) أَيْ: الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فَمَتَى حَصَلَ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ وَلَوْ بِغَيْرِ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ اسْتَمَرَّتْ صِحَّةُ الْعَقْدِ، وَلَا يَضُرُّ تَفَرُّقُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ فِيهَا مَعْلُومٌ قَبْلُ، وَأَمَّا الْأُولَى فَفِيهَا خَفَاءٌ؛ لِأَنَّ التَّمَاثُلَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ الْمُسَاوَاةُ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا الصِّحَّةُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَدَارَ الْقَبْضِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ لِلصِّحَّةِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ عَلَى الْقَبْضِ النَّاقِلِ لِلضَّمَانِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ، وَدَوَامُ الصِّحَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ فَإِذَا حَصَلَ الْكَيْلُ أَوْ الْوَزْنُ وَخَرَجَا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّتْ الصِّحَّةُ وَإِلَّا تَبَيَّنَ عَدَمُ انْعِقَادِ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْقَبْضِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهِ صِحَّةُ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ، وَالْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَهُوَ مَحَلُّ كَلَامِ الْمَتْنِ الْآتِي فِي الْفُرُوعِ حَيْثُ قَالَ: وَشُرِطَ فِي قَبْضِ مَا بِيعَ مُقَدَّرًا مَعَ مَا مَرَّ نَحْوُ ذَرْعٍ ع ش عَلَى م ر مُلَخَّصًا.

وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي قَبْضِهِمَا إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُكَايَلَةً، أَوْ مُوَازَنَةً بِمَثَابَةِ الْكَيْلِ، وَالْوَزْنِ بِالْفِعْلِ أَيْ: الْقَبْضِ النَّاقِلِ لِلضَّمَانِ لَا الْمُفِيدِ لِلتَّصَرُّفِ لِمَا سَيَأْتِي. إذْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ لِلْمَكِيلِ، أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ رُجُوعُهُ لِلثَّانِيَةِ.

وَعِبَارَةُ الْعَنَانِيِّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى بِقِسْمَيْهَا دُونَ الْأَخِيرَةِ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالتَّقَابُضِ مَا يَعُمُّ الْقَبْضَ) قِيلَ لَعَلَّ إيثَارَهُمْ التَّقَابُضَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّعْبِيرُ بِالْقَبْضِ الِاكْتِفَاءَ بِهِ مِنْ أَحَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>