وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا جُهِلَ يُرَاعَى فِيهِ عَادَةُ بَلَدِ الْبَيْعِ. فَعُلِمَ أَنَّ الْمَكِيلَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَزْنًا، وَأَنَّ الْمَوْزُونَ لَا يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَيْلًا، وَلَا يَضُرُّ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْكَيْلِ التَّفَاوُتُ وَزْنًا، وَلَا مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي الْوَزْنِ التَّفَاوُتُ كَيْلًا، وَالْأَصْلُ فِي الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ خَبَرُ مُسْلِمٍ «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ» أَيْ: مُقَابَضَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمِنْ لَازِمِهِ الْحُلُولُ أَيْ: غَالِبًا.
(أَوْ) إذَا بِيعَ رِبَوِيٌّ (بِ) رِبَوِيٍّ (غَيْرِ جِنْسِهِ وَاتَّحِدَا عِلَّةً) كَبُرٍّ بِشَعِيرٍ، وَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (وَشُرِطَ حُلُولٌ وَتَقَابُضٌ) قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَا مُمَاثَلَةٌ (كَأَدِقَّةِ أُصُولٍ مُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ، وَخُلُولِهَا، وَأَدْهَانِهَا، وَلُحُومِهَا وَأَلْبَانِهَا) وَبُيُوضِهَا فَيَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ، وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْحُلُولُ، وَالتَّقَابُضُ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ دَقِيقِ الْبُرِّ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ، وَخَلِّ التَّمْرِ بِخَلِّ الْعِنَبِ مُتَفَاضِلَيْنِ وَخَرَجَ بِمُخْتَلِفَةِ الْجِنْسِ مُتَّحِدَتُهُ كَأَدِقَّةِ أَنْوَاعِ الْبُرِّ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ [دَرْسٌ] وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ بِيعَ طَعَامٌ بِغَيْرِهِ كَنَقْدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ غَيْرُ طَعَامٍ بِغَيْرِ طَعَامٍ وَلَيْسَا نَقْدَيْنِ لَمْ يُشْتَرَطْ شَيْءٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ.
(وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) فِي الثَّمَرِ، وَالْحَبِّ، وَاللَّحْمِ (فِي غَيْرِ الْعَرَايَا) الْآتِي بَيَانُهَا فِي بَابِ الْأُصُولِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَاَلَّذِي يَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْأَغْلَبِ فِيهِ فَإِنْ فُقِدَ الْأَغْلَبُ أُلْحِقَ بِالْأَكْثَرِ شَبَهًا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ جَازَ فِيهِ الْكَيْلُ، وَالْوَزْنُ وَيَظْهَرُ فِي مُتَبَايِعَيْنِ فِي طَرَفِ بَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْعَادَةِ التَّخْيِيرُ أَيْضًا حَجّ شَوْبَرِيٌّ.
وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَوْ تَبَايَعَا شَيْئًا كَذَلِكَ بِنَقْدٍ مَعَ اخْتِلَافِ نَقْدِ الْبَلَدَيْنِ. فَهَلْ يُعْتَبَرُ نَقْدُ بَلَدِ الْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ أَوْ يَجِبُ التَّعْيِينُ؟ الْقِيَاسُ التَّعْيِينُ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ أَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمَكِيلَ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ الْوَزْنُ أَضْبَطَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى هَذَا الْبَابِ التَّعَبُّدُ وَبِهِ فَارَقَ مَا سَيَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ جَوَازِ السَّلَمِ فِي الْمَكِيلِ، وَزْنًا وَفِي الْمَوْزُونِ كَيْلًا إنْ عُدَّ الْكَيْلُ فِيهِ ضَابِطًا دُونَ مَا لَا يُعَدُّ فِيهِ ضَابِطًا كَفُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ ح ل. (قَوْلُهُ: بِالذَّهَبِ) أَيْ: يُبَاعُ بِالذَّهَبِ وَكَذَا الْبَاقِي. (قَوْلُهُ: سَوَاءً بِسَوَاءٍ) تَأْكِيدٌ الْغَرَضُ مِنْهُ الْإِشَارَةُ إلَى الْمُسَاوَاةِ فِي الْمِقْدَارِ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تَصْدُقُ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَبِحَسَبِ الْحَزْرِ وَالتَّخْمِينِ ح ل وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الْمِثْلِيَّةِ إلَى الْمَكِيلِ، وَالتَّسْوِيَةِ إلَى الْمَوْزُونِ وَنُصِبَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى الْحَالِ بِتَأْوِيلِهِ بِمُشْتَقٍّ أَيْ: مُتَمَاثِلَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ مُتَقَابَضَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِعْلَامِ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ) أَيْ: الرِّبَوِيَّةُ، وَأَرَدْتُمْ بَيْعَ شَيْءٍ مِنْهَا بِآخَرَ أَيْ: مِنْ غَيْرِ مُمَاثَلَةٍ وَقَدْ اتَّحَدَا عِلَّةً ح ل وَقِ ل.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ لَازِمِهِ) أَيْ: الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ.
. (قَوْلُهُ: وَخُلُولِهَا) أَيْ: فَإِنَّ كُلَّ خَلَّيْنِ لَا مَاءَ فِيهِمَا، وَاتَّحَدَ جِنْسُهُمَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا الْمُمَاثَلَةُ، وَكُلَّ خَلَّيْنِ فِيهِمَا مَاءٌ لَا يُبَاعُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ، أَوْ اخْتَلَفَ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَكُلَّ خَلَّيْنِ فِي أَحَدِهِمَا مَاءٌ إنْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ لَمْ يُبَعْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ لِمَنْعِ الْمَاءِ لِلْمُمَاثَلَةِ وَإِلَّا بِيعَ انْتَهَى حَجّ وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ: حَاصِلُ صُوَرِ الْخُلُولِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا سِتَّةَ عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي مِثْلِهَا؛ لِأَنَّهَا إمَّا مِنْ عِنَبٍ، أَوْ زَبِيبٍ، أَوْ رُطَبٍ، أَوْ تَمْرٍ، وَكُلٌّ مِنْهَا إمَّا مَعَ نَفْسِهِ، أَوْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهَا يَسْقُطُ مِنْهَا سِتَّةٌ مُكَرَّرَةٌ، وَيَبْقَى عَشَرَةٌ مِنْهَا خَمْسَةٌ صَحِيحَةٌ، وَخَمْسَةٌ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْخَلَّيْنِ مَاءٌ، أَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي أَحَدِهِمَا، وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَبَاطِلٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ عَذْبًا، أَوْ غَيْرَ عَذْبٍ خِلَافًا لِابْنِ شُهْبَةَ فِي اعْتِمَادِهِ الصِّحَّةَ فِي غَيْرِ الْعَذْبِ إذْ قَاعِدَةُ مُدِّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمٍ، وَالتَّعْلِيلُ بِالْجَهْلِ بِالْمَقْصُودِ يَرُدَّانِ عَلَيْهِ بَلْ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ الْبُطْلَانُ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ: وَلُحُومِهَا) يَجُوزُ بَيْعُ لَحْمِ الْبَقَرِ بِلَحْمِ الضَّأْنِ، وَلَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الضَّأْنِ، وَبَيْضِ دَجَاجٍ بِبَيْضِ إوَزٍّ مَعَ تَفَاضُلٍ. وَلَحْمُ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ جِنْسٌ وَكَذَا لَبَنُهُمَا؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ يَشْمَلُ الْمَعْزَ، وَلَحْمُ الْبَقَرِ وَالْجَوَامِيسِ جِنْسٌ، وَكَذَا لَبَنُهُمَا لِتَنَاوُلِ اسْمِ الْبَقَرِ لَهُمَا، وَبَيَاضُ الْبَيْضِ وَصِفَارُهُ جِنْسٌ ح ل وَقَرَّرَهُ ح ف.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ: فَلَا يُبَاعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ بِتَفَاوُتِهَا فِي النُّعُومَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَا تَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَا عِلَّةً
. (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ) أَيْ: الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ حَالَةَ الْعَقْدِ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الْعَرَايَا فِيهَا مُمَاثَلَةٌ لَكِنْ مُقَدَّرَةً أَيْ: بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ فِيهَا تَفَاوُتُ الْعِوَضَيْنِ بَعْدَ الْجَفَافِ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ لَا مَوْجُودَةً حَالَ الْعَقْدِ فَتَكُونُ أَلْ فِيهَا لِلْعَهْدِ أَيْ: الْمُمَاثَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِ. (قَوْلُهُ: فِي الثَّمَرِ) بِالْمُثَلَّثَةِ لَا بِالتَّاءِ؛ لِأَنَّ التَّمْرَ: الْيَابِسُ، فَيَضِيعُ قَوْلُهُ: بِجَفَافٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ع ش عَلَى م ر. وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُ الثَّمَرِ عَنْ اللَّحْمِ لِيَتَّصِلَ بِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ الْعَرَايَا؛ لِأَنَّهَا خَاصَّةٌ بِهِ وَهِيَ بَيْعُ رُطَبٍ، أَوْ عِنَبٍ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا بِتَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ كَيْلًا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَأَخَذَ الشَّارِحُ التَّقْيِيدَ بِالثَّلَاثَةِ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ: بِجَفَافٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَلَا يَكُونُ فِي غَيْرِهَا مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ وَمِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي: وَلَا يَكْفِي فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ حَبٍّ إلَخْ، وَمِنْ قَوْلِهِ: وَتُعْتَبَرُ فِي لَبَنٍ إلَخْ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَمَالِ لَشَمِلَ اللَّبَنَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ كَالْخَلِّ،
وَقَوْلُهُ: بِجَفَافٍ الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ، أَوْ بِمَعْنَى مَعَ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ بِمَعْنَى وَقْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ: لِلْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ