وَالثِّمَارِ (بِجَفَافٍ) لَهَا إذْ بِهِ يَحْصُلُ الْكَمَالُ (فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا) مِنْ الْمَذْكُورَاتِ (رَطْبٌ بِرَطْبٍ) بِفَتْحِ الرَّاءَيْنِ (وَلَا بِجَافٍّ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا جَفَافٌ كَقِثَّاءٍ، وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ وَقْتَ الْجَفَافِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ، وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ طَرِيُّ اللَّحْمِ فَلَا يُبَاعُ بِطَرِيِّهِ، وَلَا بِقَدِيدِهِ مِنْ جِنْسِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَقْتَ الْجَفَافِ أَيْ: تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، أَوْ بِمَعْنَى عِنْدَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ،
وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَذْكُورَاتِ حَالٌ مِنْ الْغَيْرِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ غَيْرِهَا أَيْ: غَيْرِ الْعَرَايَا مِنْ جُمْلَةِ الْمَذْكُورَاتِ أَيْ: الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ،
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيْ: لِلثَّلَاثَةِ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لَهَا جَفَافٌ، أَوْ لَا وَهَذَا التَّعْمِيمُ إنَّمَا يَأْتِي فِي الثَّمَرِ لَا فِي الْحَبِّ، وَلَا فِي اللَّحْمِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَتَأَتَّى تَجْفِيفُهُ وَهَذِهِ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَالَةُ جَفَافٍ يُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَلَوْ رُطَبًا، وَتَكْفِي الْمُمَاثَلَةُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. .
وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَمَا لَا جَفَافَ لَهُ كَقِثَّاءٍ، وَعِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ لَا يُبَاعُ أَصْلًا، وَفِي قَوْلٍ مُخَرَّجٍ تَكْفِي مُمَاثَلَتُهُ رَطْبًا بِفَتْحِ الرَّاءِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ مَنَافِعِهِ حَالَ رُطُوبَتِهِ فَكَانَ كَاللَّبَنِ فَيُبَاعُ وَزْنًا، وَإِنْ أَمْكَنَ كَيْلُهُ، وَرُدَّ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ انْتَهَى وَالْفَرْقُ هُوَ أَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الرُّطُوبَةِ يَمْنَعُ الْعِلْمَ بِالْمُمَاثَلَةِ بِخِلَافِ اللَّبَنِ ع ش عَلَيْهِ،
وَقَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ الْآنَ أَيْ: حَالَ الرُّطُوبَةِ،
وَقَوْلُهُ: وَقْتَ الْجَفَافِ ظَرْفٌ لِلْمُمَاثَلَةِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِجَفَافٍ لَهَا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ نَادِرًا كَالْقِثَّاءِ فَإِنَّهَا إذَا جَفَّتْ صَحَّ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر شَيْخُنَا.
وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ عَدَمُ نَزْعِ نَوَى التَّمْرِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهُ لِلْفَسَادِ، وَيُشْتَرَطُ فِي اللَّحْمِ انْتِفَاءُ عَظْمٍ وَمِلْحٍ يُؤَثِّرُ فِي وَزْنٍ وَتَنَاهِي جَفَافِهِ؛ لِأَنَّهُ مَوْزُونٌ. وَقَلِيلُ الرُّطُوبَةِ يُؤَثِّرُ فِيهِ بِخِلَافِ التَّمْرِ شَرْحُ م ر وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: إذْ بِهِ يَحْصُلُ الْكَمَالُ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا فِي كَامِلَيْنِ، وَضَابِطُ الْكَمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلِادِّخَارِ كَسَمْنٍ، أَوْ يَتَهَيَّأُ لِأَكْثَرِ الِانْتِفَاعَاتِ بِهِ كَلَبَنٍ شَرْحُ م ر أَيْ: مَعَ إمْكَانِ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ لِيُخْرِج نَحْوُ الْقِثَّاءِ، وَالْبِطِّيخِ فَإِنَّهَا مُتَهَيِّئَةٌ لِلِانْتِفَاعِ لَكِنْ لَا تُعْلَمُ الْمُمَاثَلَةُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ع ش وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الْحَاشِيَةِ قَوْلَهُ: إذْ بِهِ يَحْصُلُ إلَخْ الْحَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ تَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ إضَافِيٌّ أَيْ: بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرِ، وَالْحَبِّ وَاللَّحْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: بِجَفَافٍ لَهَا فَلَا يُنَافِي حُصُولَ الْكَمَالِ بِغَيْرِ الْجَفَافِ فِي غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ كَاللَّبَنِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ: غَيْرِ الْعَرَايَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا) أَيْ: لِلْمَذْكُورَاتِ الَّتِي هِيَ الْحَبُّ، وَاللَّحْمُ، وَالثَّمَرُ أَيْ: لِمَجْمُوعِهَا كَبَعْضِ أَفْرَادِ الثَّمَرِ ح ل بِزِيَادَةٍ.
وَعِبَارَةُ ع ش وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيْ: لِلْمَذْكُورَاتِ وَالْمُرَادُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ مِنْهَا، وَلَوْ ذُكِرَ الضَّمِيرُ لَمْ يَحْتَجْ لِهَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الرُّطَبِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْبَيْعُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَقِثَّاءٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ مَعَ الْمَدِّ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا وَاحِدَة قِثَّاءَةٍ بِالْمَدِّ أَيْضًا وَهِيَ تَشْمَلُ الْخِيَارَ، وَالْعَجُّورَ، وَالْفَقُّوسَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ الْآنَ بِالْمُمَاثَلَةِ) الْمُرَادُ بِالْجَهْلِ بِالْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِهَا لِيَشْمَلَ حَالَ تَحَقُّقِ الْمُفَاضَلَةِ. (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْجَفَافِ) أَيْ: فِيمَا لَهُ جَفَافٌ، وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ جَفَافٌ فَلَا تَكُونُ الْعِلَّةُ قَاصِرَةً كَمَا قَالَهُ ح ل، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ: الْمُعْتَبَرَةُ وَقْتَ الْجَفَافِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: تُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجَفَافِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ بِالْجَفَافِ، وَفِي قَوْلِهِ فَلَا يُبَاعُ فِي غَيْرِهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ) أَيْ: بِقَدْرِهِ مِنْ التَّمْرِ، أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ ح ل. وَالْأَوْلَى قَصْرُ الْحَدِيثِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى أَيْ: قَوْلِهِ: أَيْ بِقَدْرِهِ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَوَهَّمَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ: أُخْرَى وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ. (قَوْلُهُ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ) اسْتِفْهَامٌ تَقْرِيرِيٌّ لِيُنَبِّهَهُمْ عَلَى عِلَّةِ الْحُكْمِ لَا اسْتِفْهَامٌ حَقِيقِيٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: قَالَ فَلَا إذْنَ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَيَنْقُصُ إلَخْ إشَارَةٌ قَالَ الرَّشِيدِيُّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِيهِ إيمَاءٌ إذْ هَذَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِيمَاءِ لَا مِنْ دَلَالَةِ الْإِشَارَةِ، وَفِي الْبِرْمَاوِيِّ مَا نَصُّهُ وَجْهُ الْإِشَارَةِ أَنَّ نُقْصَانَ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ أَوْضَحُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ عَنْهُ فَكَانَ الْغَرَضُ مِنْ السُّؤَالِ الْإِشَارَةَ إلَى هَذَا وَمِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ امْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْجَفَافِ لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ، وَامْتِنَاعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ لِجَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ وَالشَّارِحُ اقْتَصَرَ فِي الْكُلِّ عَلَى جَهْلِ الْمُمَاثَلَةِ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَأُلْحِقَ بِالرُّطَبِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ: فِي الْحَدِيثِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَلَمْ يَقُلْ