للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ، وَعُرْفًا فِعْلٌ يُنَبِّئُ عَنْ تَعْظِيمِ الْمُنْعِمِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ.

وَابْتَدَأْت بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لَا يَتَعَدَّى أَثَرُهَا وَبِالثَّانِي الصِّفَاتُ الَّتِي يَتَعَدَّى أَثَرُهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ إدْخَالُ صِفَاتِ الْبَارِي الذَّاتِيَّةِ فَإِنَّ الثَّنَاءَ عَلَيْهَا حَمْدٌ بِاعْتِبَارِ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا وَهُوَ مُتَعَلِّقَاتُهَا كَالْمَقْدُورَاتِ لِلْقُدْرَةِ كَمَا نَقَلَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: الِاخْتِيَارِيُّ وَلَوْ حُكْمًا حَلَبِيٌّ، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الِاخْتِيَارِيَّ لَا يَشْمَلُ صِفَاتِ اللَّهِ لِإِشْعَارِهِ بِالْحُدُوثِ. وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْجَوْهَرِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاخْتِيَارِيِّ مَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ فَيَشْمَلُ صِفَاتِ الْبَارِي اهـ وَسَوَاءٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، وَالْفِعْلُ الَّذِي بَعْدَهُ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ: تَعَلُّقُهُ بِالْفَضَائِلِ وَبِالْفَوَاضِلِ سَوَاءٌ فِي أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى كُلِّ حَمْدٍ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَوَاءٌ مُبْتَدَأً وَمَا بَعْدَهُ مَرْفُوعٌ بِهِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الِاعْتِمَادِ فِي إعْمَالِ الْوَصْفِ لِأَنَّ سَوَاءٌ بِمَعْنَى مُسْتَوٍ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَوَاءٌ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَأَنَّ أَدَاةَ الشَّرْطِ مُقَدَّرَةٌ وَالْجُمْلَةُ الِاسْمِيَّةُ دَلِيلُ الْجَوَابِ أَوْ هِيَ نَفْسُهُ عَلَى الْخِلَافِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ تَعَلُّقَ الثَّنَاءِ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ. .

اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ كَوْنُ أَمْ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ مَعَ أَنَّ أَمْ لِأَحَدِهِمَا فَيَكُونُ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَذْفٌ (قَوْلُهُ بِالْفَضَائِلِ) جَمْعُ فَضِيلَةٍ أَيْ: النِّعَمِ اللَّازِمَةِ كَالشُّجَاعَةِ وَالْعِلْمِ لِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِهِمَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَعَدِّي أَثَرِهِمَا لِلْغَيْرِ. وَالْفَوَاضِلُ جَمْعُ فَاضِلَةٍ وَهِيَ النِّعَمُ الْمُتَعَدِّيَةُ كَالْإِحْسَانِ وَالْكَرَمِ شَوْبَرِيٌّ. فَإِنْ قُلْت كُلٌّ مِنْ الْكَرَمِ وَالْعِلْمِ إنْ أُرِيدَ بِهِمَا الْمَلَكَةُ كَانَا قَاصِرَيْنِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا الْأَثَرُ كَانَا مُتَعَدِّيَيْنِ قُلْت: الْمُرَادُ بِالْمُتَعَدِّيَةِ هِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ تَحَقُّقُ مَعْنَاهَا عَلَى وُصُولِ أَثَرِهَا لِلْغَيْرِ وَالْقَاصِرَةُ نَقِيضُهَا إذَا عَرَفْت ذَلِكَ عَلِمْتَ أَنَّ الشَّخْصَ يَتَّصِفُ بِالْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْ أَحَدًا كَالْقُطْبِ وَلَا يَتَّصِفُ بِالْكَرَمِ إلَّا بَعْدَ الْإِعْطَاءِ اهـ فَنَرَى عَلَى الْمُطَوَّلِ وَعِبَارَةُ الْإِطْفِيحِيِّ قَوْلُهُ بِالْفَضَائِلِ كَالشَّجَاعَةِ وَالْعِلْمِ وَالْحِلْمِ مِنْ الْمَلَكَاتِ النَّفْسَانِيَّةِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهَا لِتَكُونَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا كَالْخَوْضِ فِي الْمَهَالِكِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْعَدُوِّ فِي الْمَعَارِكِ وَالتَّعْلِيمِ لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ مَثَلًا كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الْمَلَكَةِ تُطْلَقُ عَلَى آثَارِهَا اهـ (قَوْلُهُ وَعُرْفًا) قِيلَ: الْعُرْفُ وَالِاصْطِلَاحُ مُتَسَاوِيَانِ وَقِيلَ: الِاصْطِلَاحُ هُوَ الْعُرْفُ الْخَاصُّ وَهُوَ مَا تَعَيَّنَ نَاقِلُهُ وَالْعُرْفُ إذَا أُطْلِقَ فَالْمُرَادُ بِهِ الْعَامُّ وَهُوَ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ نَاقِلُهُ وَعَلَى كُلٍّ فَالْمُرَادُ مِنْ الْعُرْفِ وَالِاصْطِلَاحُ اللَّفْظُ الْمُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنًى غَيْرِ لُغَوِيٍّ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِعِ بِأَنْ أُخِذَ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ السُّنَّةِ وَقَدْ يُطْلَقُ الشَّرْعِيُّ مَجَازًا عَلَى مَا كَانَ فِي كَلَامِ الْفُقَهَاءِ وَلَيْسَ مُسْتَفَادًا مِنْ الشَّارِعِ اهـ ع ش وَقَوْلُ الْمُحَشِّي بِأَنْ أُخِذَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ يُنْبِئُ) أَيْ: يَدُلُّ وَيُشْعِرُ لَوْ اُطُّلِعَ عَلَيْهِ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ) تَعْلِيلٌ أَيْ: لِأَجْلِ أَنَّهُ مُنْعِمٌ عَلَى الْحَامِدِ وَفِيهِ دَوْرٌ لِأَنَّ الْحَامِدَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْحَمْدِ فَيَقْتَضِي تَوَقُّفَ كُلٍّ عَلَى الْآخَرِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لَفْظِيٌّ لَا يَضُرُّ فِيهِ ذَلِكَ أَوْ يُسْلَكُ فِيهِ التَّجْرِيدُ بِأَنْ يُرَادَ بِالْحَامِدِ الذَّاتُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ وَصْفِهَا بِكَوْنِهَا حَامِدَةً أَوْ يُقَالُ: قَوْلُهُ عَلَى الْحَامِدِ أَوْ غَيْرِهِ تَعْمِيمٌ خَارِجٌ عَنْ التَّعْرِيفِ. شَيْخُنَا ح ف قَالَ سم: إذَا صَرَفَ الْعَبْدُ جَمِيعَ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ بِهِ عَلَيْهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ سُمِّيَ شَكُورًا قَالَ تَعَالَى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣] وَإِذَا صَرَفَهَا فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ سُمِّيَ شَاكِرًا قَالَ شَيْخُنَا ع ش: وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُ صَرْفِهَا كُلِّهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ بِمَنْ حَمَلَ جِنَازَةً مُتَفَكِّرًا فِي مَصْنُوعَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نَاظِرًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ لِئَلَّا يَزِلَّ بِالْمَيِّتِ مَاشِيًا بِرِجْلَيْهِ إلَى الْقَبْرِ شَاغِلًا لِسَانَهُ بِالذِّكْرِ وَأُذُنَهُ بِاسْتِمَاعِ مَا فِيهِ ثَوَابٌ كَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.

اهـ إطْفِيحِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لِلْغَيْرِ خُصُوصِيَّةٌ بِالْحَامِدِ كَوَلَدِهِ أَوْ صَدِيقِهِ أَوْ لَا ع ش

(قَوْلُهُ وَابْتَدَأْت بِالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدَلَةِ) أَيْ: لَا بِغَيْرِهِمَا كَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَيْ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي جَاءَا عَلَيْهِ وَهُوَ جَمْعُهُمَا مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا كَذَلِكَ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَجَمَعْت بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ إلَخْ أَيْ: وَبِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَجْهِ الَّذِي جَاءَا عَلَيْهِ مَجْمُوعَيْنِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>