للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحضرتُه يومئذ، واجتمع القضاة والأعيان على العادة وأحضر يومئذ عثمان الدَّكَّالي قبحه الله تعالى، وادعي عليه بعظائم من القول لم يؤثر مثلها عن الحلاج (١) ولا عن ابن أبي العزاقر الشَّلْمَغَاني (٢)، وقامت عليه البيئة بدعوى الإلهية لعنه الله، وأشياء أخر من التنقيص بالأنبياء ومخالطته أرباب الريب من البَاجَرْبَقيَّة (٣) وغيرهم من الاتحادية عليهم لعائن الله، ووقع منه في المجلس من إساءة الأدب على القاضي الحنبلي، وتضمن ذلك تكفيره من المالكية أيضًا، وادَّعى أن له دوافع وقوادح في بعض الشهود، فرُدَّ إلى السجن مقيدًا مغلولًا [مقبوحًا، أمكن الله منه بقوته وتأييده] (٤)، ثم لما كان يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ذي القعدة أُحضر عثمان الدَّكَّالي المذكور إلى دار السعادة وأقيم إلى بين يدي الأمراء والقضاة وسئل عن القوادح في الشهود فعجز فلم يقدر، وعجز عن ذلك، فتوجه عليه الحكم، فسئل القاضي المالكي الحكم عليه فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم حكم بإراقة دمه وإن تاب، فأُخذ المذكور فضربت رقبته بدمشق بسوق الخيل، ونودي عليه: هذا جزاء من يكون على مذهب الاتحادية، وكان يومًا مشهودًا بدار السعادة، حضر خلق من الأعيان والمشايخ، وحضر شيخنا جمال الدين المزي الحافظ، وشيخنا الحافظ شمس الدين الذهبي، وتكلَّما وحرّضا في القضية جدًّا، وشهدا بزندقة المذكور بالاستفاضة، وكذا الشيخ زين الدين أخو الشيخ تقي الدين بن تيمية، وخرج القضاة الثلاثة المالكي والحنفي والحنبلي، وهم نفذوا حكمه في المجلس، فحضروا قتل المذكور، وكنتُ مباشرًا لجميع ذلك من أوله إلى آخره (٥).

شهر ذي القعدة أوّله الأربعاء، في يوم الأحد ثاني عشره وليلة الإثنين وقع مطر جيد، وكان في آخر نيسان، فتباشر الناس بذلك، وانحط سعر الغلات قليلًا، وابيض الخبرُ، وكثر، وخفت الزحمات على الأفران والله الحمد.

وفي ليلة الخميس سادس عشره برز المرسوم من عند نائب السلطنة ألطنبغا بأن تزين البلد، وأن يركب الجند من الغد بالبياض، وأن يُظهروا السّرور، واشتهر أن ذلك بسبب وجود مولود للسلطان، وقيل: لعافية السلطان فالله أعلم.

وفي يوم الخميس الثالث والعشرين منه درّس علاء الدين علي بن سلام بالمدرسة المعروفة بالسبع


(١) هو: الحسين بن منصور الحلاج قتل سنة (٣٠٩) هـ. وفيات الأعيان (٢/ ١٤٥)
(٢) في ط: أبو الغدافر السلقماني. وأثبتنا ما في الوفيات الأعيان (٢/ ١٥٥) وهو: محمد بن علي الشَّلْمَعَاني أبو جعفر، المعروف بابن أبي العزاقر، قتل حرقًا لادّعائه الألوهية سنة (٣٢٢) هـ.
(٣) نسبة إلى محمد الباجربقي المتوفي سنة (٧٢٤) هـ.
(٤) ما بين الحاصرتين ليس في الأصل، واستدركته من ط.
(٥) الدرر الكامنة (٢/ ٤٤١).

<<  <   >  >>