للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وولي أخوه الأشرف تلطّف أمر هذا المذكور، وبعث إلى الشام أميرًا على خبز الأمير بدر الدين بن الخطير على تقدمة ألف، ودخل متجملًا، وعُرض على نائب السلطنة ألطُنْبُعا.

وفي يوم السبت ثانيه دخل الأمير طقزدَمِر دمشق، وتلقاه نائب السلطنة والأمراء إلى الجسورة. قدم على نيابة حماة عوضًا عن ابن أستاذه الملك الأفضل ناصر الدين محمد بن الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل ابن الملك الأفضل نور الدين علي ابن الملك المنصور صاحب حماة. عزلوا ابن أستاذه عن مملكة حماة وولّوه نيابتها؛ فقدم لذلك، وانصرف من يومه ولم ينزل بدمشق.

فلما كان من الغد دخل ابن أستاذه صاحب حماة الملك الأفضل ناصر الدين محمد المذكور، فنزل على رأس تقدمة الميسرة.

وركب يوم الموكب مع نائب السلطنة فوق رأس الميسرة، فلما كان يوم الأحد عاشر الشهر توفيت حماته، وقيل: أمه (١)، فلما أمسى ليلة الثلاثاء الثالث عشر من الشهر اعتراه داء الصرع؛ فمات نصف الليل. وحمل من صبيحته إلى حماة في تابوت (٢)، وماتت زوجته بعده يوم الثلاثاء، ودفنت نصف النهار يومئذ بمقابر الصوفية، وذكر أنّ جاريةً عندهم أيضًا ماتت في هذه الأيام. فهذا من أغرب ما سمعناه.

وفي يوم السبت سادس عشره خلع على الأمير ناصر الدين ابن بكتاش، وأُعيد إلى الولاية وإمرة عشره، وفرح أهل الخير والديانة بذلك، واستبشروا به، وانفصل عن الولاية شهاب الدين بن أوحد إلى شد السواحل.

وفي يوم الثلاثاء السادس والعشرين منه خُلع على القضاة والنظار وكتاب الإنشاء وغيرهم، وحضر القضاة يومئذ دار العدل بالخلع، وحضروا الدروس بعد ذلك كذلك.

واشتهر في هذه الأيام أن جرت خبطة عظيمة بمصر، قتل فيها جماعة من الأتراك والعامة؛ وذلك أن طائفة من المماليك الناصرية همّوا بالفتك بالأمير سيف الدين قوصون، فلم يظفروا به، واعتقد جماعة من الحرافيش وغيرهم أنه قد هرب أو قتل، فعزموا على تحريق اصطبله، فمنعوا من ذلك، وقتل منهم طائفة كبيرة (٣).

شهر جمادى الأولى، أوّله الأحد؛ في يوم الخميس خامس الشهر قدم الخطيب بدر الدين ابن القاضي جلال الدين القزويني من الديار المصرية من بعد غيبة طويلة؛ نحو من ثمانية أشهر. وراح الناس للسلام


(١) بل حماته، ورثاها شاعره ابن نباته. انظر أعيان العصر ٤/ ٣٢٢.
(٢) ترجمته في أعيان العصر ٤/ ٣٢٢ - ٣٣٠، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٢٨٣، والدرر الكامنة ٣/ ٣٨٨.
(٣) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٢١١ - ٢١٢.

<<  <   >  >>