للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي شهر رمضان المعظم أوله يوم الجمعة، كان قد نودي فيه في الجيش: أنَّ الرَّحيل لملتقى السلطان في سابع الشهر، ثم تأخّر ذلك إلى بعد العشر، ثم جاء كتاب من السلطان بتأخر ذلك إلى بعد العيد.

وقدم في عاشر الشهر علاء الدين بن تقي الدين الحنفي، ومعه ولاية من السلطان الناصر ابن الناصر بنظر البيمارستان النوري، ومشيخة الرَّبوة ومرتب على الجهات السلطانية، وكان قد قدم قبله القاضي شهاب الدين بن البارزي بقضاء حمص من السلطان أيده الله تعالى، ففرح الناس بذلك حيث تكلم السُّلطان في المملكة وباشر وأمر وولى، ووقع، والله الحمد.

وفي يوم الأربعاء ثالث عشره دخل الأمير سيف الدين طَشْتَمُر الملقب بالحمّص الأخضر من البلاد الحلبية إلى دمشق المحروسة، وتلقاه الفخري والأمراء والجيشُ بكماله، ودخل في أبهة حسنة، ودعا له الناس وفرحوا بقدومه بعد شتاته في البلاد وهربه من بين يدي ألطَنْبُغَا حين قصده إلى حلب كما تقدم ذكره (١).

وفي يوم الخميس رابع عشره خرجت الجيوش من دمشق قاصدين إلى غزّة لنظرة السلطان حين يخرج من الكرك السعيد، فخرج يومئذ مقدمان: طُقُزدَمرُ وآقْبُغا عبد الواحد، فبرزا إلى الكُسْوَةِ، فلما كان يوم السبت خرج الفخري ومعه طَشْتَمُر وجمهورُ الأمراء، ولم يقم بعده بدمشق إلا من احتيج لمقامهم لمهمات المملكة، وخرج معه القضاة الأربعة، وقاضي العساكر والموقعون (٢) والصاحب (٣) وكاتب الجيش وخلق كثير.

وتوفي الشيخ الصالح العابد الناسك أحمد (٤) الملقب بالعصيدة ليلة الأحد الرابع والعشرين من رمضان، وصلّي عليه بجامع تنكز (٥)، ودفن بالصُّوفية قريبًا من قبر الشيخ جمال الدين المزي، تغمدهما الله برحمته.

وكان فيه صلاح كثير، ومواظبة على الصَّلاة في جماعة، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، مشهورًا عند الناس بالخير، وكان يكثر من خدمة المرضى بالمارستان وغيره، وفيه إيثار وقناعة وتزهد كثير، وله أحوال مشهورة وإيانا.


(١) الدرر الكامنة (٢/ ٢١٩).
(٢) في الأصل وط: "الموقعين" وهو غلط.
(٣) في ط: "المصاحب" وهو تحريف.
(٤) ترجمته في الدرر الكامنة (١/ ٣٤٤) وفيه: (أحمد العصيدة والد الشيخة زينب) وتاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٥٨)، نقلًا عن ابن كثير.
(٥) في الأصل وط شكر وهو تحريف.

<<  <   >  >>