للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واشتهر في أواخر الشهر المذكور أنَّ السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد خرج من الكَرَك المحروس صحبة جماعة من العرب والأتراك قاصدًا إلى الديار المصرية، ثم تحرّر خروجه منها في يوم الإثنين ثامن عشر الشهر المذكور، فدخل الديار المصرية بعد أيام (١)، هذا والجيش صادرون إليه، فلما تحقق دخوله مصر حَثُّوا في السَّير إلى الديار المصرية، وبعث يستحثهم أيضًا، واشتهر أنه لم يجلس على سرير الملك حتى يقدُمَ الأمراء الشاميون صحبة نائبة الأمير سيف الدين قُطُلُوبُغَا الفخري، ولهذا لم تُدقَ البشائر بالقلاع الشامية ولا غيرها فيما بلغنا.

شهر شوال وأوله السبت، خرج الحجيج يوم الإثنين العاشر منه، وكان الحاج في هذه السنة قليلًا، لتخوف الناس من الأعراب (٢).

وجاءتِ الكتبُ والأخبارُ من الديار المصرية بأن يوم الإثنين عاشر شوال كان إجلاس السلطان الملك الناصر شهاب الدين أحمد على سرير المملكة، صَعِدَ هو والخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن المستكفي فوق المنبر، وهما لابسان السواد، والقضاة تحتهما على درج المنبر بحسب منازلهم، فخطب الخليفة، وخلع الأشرفَ كُجُكَ، وولى هذا الناصر، وكان يومًا مشهودًا، وأظهر ولايته لطَشْتَمُر نيابة مصر، والفخري دمشق، وأَيْدُغْمُش حلب فالله أعلم (٣).

ودقت البشائر بدمشق ليلة الجمعة الحادي والعشرين من الشهر المذكور، واستمرت إلى يوم الإثنين مستهلّ ذي القعدة، وزُيَّنت البلد يوم الأحد ثالث عشرين منه، واحتفل النَّاس بالزينة.

واشتهر في أواخر هذا الشهر أن حسن بن تمِرْتاش (٤) ملك التتار مات في بلاد الشرق.

وجاء في أواخر هذا الشهر جراد كثير، انتشر في أطراف البلاد من ناحية الشرق، وشعث الزروع. وغير ذلك.

شهر ذي القعدة أوله الإثنين، في أوائله قدم القاضي حسام الدين الغوري قاضي الحنفية بالديار المصرية، من الديار المصرية معزولًا، فنزل قريبًا من النجيبية البرانية في ناحية القصر الأبلق وعيّن لقضاء الحنفية بمصر القاضي تاج الدين ابن العديم الذي هو قاضي حلب، وطُلب على البريد، وذلك بعد عرض المنصب على القاضي عماد الدين الطرسوسي، وهو مقيم بمصر، فأبى وامتنع، ولم يختر إلا دمشق.


(١) النجوم الزاهرة (١٠/ ٥٨).
(٢) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل.
(٣) النجوم (١٠/ ٦٠) والبدائع (١/ ٤٩٥).
(٤) ترجمته في أعيان العصر ٢/ ١٩٢ - ١٩٣. وفيه وفاته في شهر رجب سنة ٧٤٤ هـ، وتابعه ابن قاضي شهبة في تاريخه ٢/ ٣٨١، وفي المنهل الصافي ٥/ ٧٢ وهم فجعل وفاته سنة ٧٧٤ هـ.

<<  <   >  >>