للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أواخر الشهر قل الخبر جدًّا، وازدحم الناس على الأفران بسبب غلاء السعر، وإرخاص المحتسب الخبز، ومجاكرة الطحانين له، وكثرة الوارد، وانقطاع الأنهار لأجل إصلاحها.

وغلا اللحم أيضًا، حتى بيع في بعض الأيام الرطل منه بأربعة دراهم؛ وشق ذلك على الناس، حتى إن كثيرًا من الناس طبخوا بالدهن والسّمن ونحو ذلك لفقدان اللحم (١).

وختم البخاري تحت قبة النسر على العادة يوم السادس والعشرين منه، بقراءة شرف الدين الواني، واجتمع قرّاء الأسباع فختموا قبل ختمه على ما جرت به العادة المتأخرة، ثم ختم أيضا بقراءة شمس الدين السروجي بالمكان المذكور صبيحة يوم الإثنين الثامن والعشرين منه اجتمع الناس كالذي قبله، ولما أنشد العلم سليمان الحوراني شاش بعض الفقراء وقام. فقام القضاة والناس، وتصارخ كثير من الناس، ووقع أمر عجيب لم يعهد مثله في المسجد الجامع، حتى إن كثيرًا من الناس أعجبه ذلك، ومن الناس من أنكره بقلبه ولسانه (٢).

وفي هذا اليوم احتيط على أربعة من الأمراء وهم أبناء الكامل (٣) صلاح الدين محمد، أمير طبلخاناة، وغياث الدين محمد أمير عشرة، وعلاء الدين علي بن أيبك الطويل أمير طبلخاناة أيضًا، وصلاح الدين خليل بن بلبان طرنا أمير طبلخاناة أيضًا. وذلك بسبب أنهم اتهموا على ممالأة الملك أحمد بن الناصر الذي في الكَرَك، ومكاتبته، والله أعلم بحالهم، فقيدوا وحملوا إلى القلعة المنصورة من باب السرّ (٤) مقابل باب دار السعادة الثلاث الطبلخانات والغياث من بابها الكبير، وفُرّق بينهم في الأماكن.

شهر شوال المبارك، وأوله الخميس، اتفق مطرٌ كثير ليلة العيد، فمُنع الناس من الذهاب إلى المصلَّى، بل لم يذهب كثير من الناس إلى الجامع أيضًا لكثرة الطين والزحام، وصلى الخطيب تاج الدين بدار السعادة والقضاة (٥).

وخرج المحمل يوم الخميس خامس عشره، ولبس الخطيب ابن الجلال خلعة استقرار الخطابة في هذا اليوم، وركب بها مع القضاة على عادة الخطباء.

وفي هذا الشهر نُصب المنجنيق الكبير على باب الميدان الأخضر، وطول أكتافه ثمانية عشر ذراعًا، وطول سهمه سبعة وعشرون ذراعًا، وخرج النَّاس للفرجة عليه، ورمى به في يوم السبت حجرًا زنته ستين


(١) الخبر في تاريخ ابن قاضي شهبة (٢/ ٣١٢ - ٣١٣). نقلًا عن ابن كثير.
(٢) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٣) هو سنقر الأشقر الصالحي النجمي نائب دمشق. تلقب بالملك الكامل وأخذ البيعة للسلطنة في قلعة دمشق سنة (٦٧٨) هـ. الدليل الشافي (١/ ٣٢٧).
(٤) في ط: اليسر.
(٥) ليست في أ وب وط، وهي في الأصل.

<<  <   >  >>