للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رطلا، فبلغ إلى مقابلة القصر من الميدان الكبير، وذكر معلّم المجانيق أنه ليس في حصون الإسلام مثله، وأنه عمله الحاج محمد الصالحي ليكون بالكَرَك، فقدَّر الله أنه خرج ليحاصر به الكرك، فالله يحسن العاقبة.

وفي أواخره أيضًا مُسك أربعة أمراء، وهم آقبغَا عبد الواحد الذي كان مباشرًا الاستدارية للملك الناصر الكبير، فصودر في أيَّام ابنه المنصور، وأُخرج إلى الشام فناب بحمص فسار سيرةً غير مرضية. وذمه الناس ثم عُزل عنها وأُعطي تقدمة ألف بدمشق، وجعل رأس الميمنة، فلما كان في هذه الأيام اتهم بممالأة السلطان أحمد بن الناصر الذي بالكَرَك، فمسك وحمل إلى القلعة، ومعه لأمير سيف الدين بلك (١)، وسيف الدين جقطاي الذي كان حاجبًا في أيام ألطَنْبُغا والأمير سيف الدين سلامش، وكلهم بطبلخانات، فرفعوا إلى القلعة المنصورة، فالله يحسن العاقبة.

وفي هذا الشهر خرج قضاء حمص عن نيابة دمشق بمرسوم سلطاني مجددًا للقاضي شهاب الدين بن البارزي، وذلك بعد مناقشة كثيرة وقعت بينه وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي، وانتصر له بعض الدولة، واستخرج له المرسوم المذكور.

وفيه أيضًا أفرد قضاء القدس الشريف أيضًا باسم القاضي شمس الدين بن سالم الذي كان مباشرها مدة طويلة قبل ذلك نيابة، ثم عزل عنها وبقي مقيمًا ببلده غزة، ثم أعيد إليها مستقلًا بها في هذا الوقت.

وفي هذا الشهر رجع القاضي شهاب الدين بن فضل الله من الديار المصرية ومعه توقيع بالمرتب الذي كان له أول كل شهر ألف درهم (٢)، وأقام بعمارته التي أنشأها بسفح قاسيون شرقي الصالحية بقرب حمام النحاس.

شهر ذي القعدة وأوله الجمعة، وفي صبيحة مستهله خرج المنجنيق قاصدًا إلى الكَرَك على الجمال والعَجَل (٣)، وصحبته الأمير صارم الدين إبراهيم اليوسفي (٤)، أمير حاجب، كان في الدولة التنكزية (٥)، وهو المقدَّم عليه يحوطه ويحفظه ويتولى تسييره بطلبه وأصحابه.

وتجهز الجيش للذهاب إلى الكَرَك، وتأهبوا أتم الجهاز، وبرزت أثقالهم إلى ظاهر البلد وضربت الخيام فالله يحسن العاقبة.


(١) في الأصل وط: بلو. وأثبتنا ما في النجوم الزاهرة (٩/ ٨٦) والدليل الشافي (١/ ١٩٩).
(٢) ترجمته في الدرر الكامنة (١/ ٣٣٣).
(٣) النجوم الزاهرة (١٠/ ٨٤).
(٤) في الأصل: السّيفي وفي ط: المسبقي، وأثبتنا ما في الدارس (٢/ ٤٤٤).
وهو: صارم الدين إبراهيم بن سيف الدين منجك اليوسفي الناصري.
(٥) في ط: "السُّكّرية" ولا معنى لها (بشار).

<<  <   >  >>