للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي يوم الخميس سابعه اجتمع الصاحب ومشد الدواوين ووكيل بيت المال، ومشد الأوقاف ومباشرو الجامع ومعهم العمال بالفؤوس (١) والمعاول، يحفرون إلى جانب السارية عند باب مشهد علي تحت تلك الصخرة التي كانت هناك، وذلك عن قول رجل جاهل، زعم أن هناك مالًا مدفونًا، فشاوروا نائب السلطنة فأمرهم بالحفر، واجتمع الناس والعامة، فأمرهم فأخرجوا وأغلقت أبواب الجامع كلها ليتمكنوا من الحفر، ثم حفروا ثانيًا وثالثًا فلم يجدوا شيئًا إلا التراب المحض، واشتهر هذا الحفير في البلد وقصده الناس للنظر إليه والتعجب من أمره، وانفصل الحال على أن حبس هذا الزاعم لهذا المحال، وطُم الحفير كما كان.

وفي يوم الإثنين ثامن عشر ربيع الأول قدم قاضي حلب ناصر الدين بن الخشاب (٢) على البريد مجتازًا إلى دمشق فنزل بالعادلية الكبيرة.

وأخبر أنه صلَّى على المحدِّث البارع الفاضل الحافظ شمس الدين محمد (٣) بن علي بن أيبك السَّرُوجي المصري يوم الجمعة ثامن هذا الشهر بحلب ومولده سنة خمس عشرة وسبعمائة، وكان قد أتقن طرفًا جيدًا في علم الحديث، وحفظ أسماء الرجال، وجمع وخرَّج.

وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره قدم القاضي تاج الدين ابن أمين الملك من الديار المصرية على نظر الدواوين بالشام، فنزل بتربة أبيه، وقصده الأعيان والأكابر للسلام عليه وتهنئته. وعزل العلم ابن القطب عنها، وولّي نظر الجيش عوض الفخر بن العفيف.

وفي يوم السبت الثالث والعشرين منه وصل الخبر بوفاة القاضي شرف الدين ابن الشهاب محمود (٤)، وكيل بيت المال، وأحد موقعي الدَّست ببلد القدس الشريف بمدرسة التنكزته يوم الثلاثاء العشرين منه.

وذكروا أنه توفي في بيت الماء، وهو على الحاجة، وصلّي عليه بالمسجد الأقصى، ودفن بماملًا -.

وعمل عزاؤه بجامع دمشق عند محراب الصحابة، واحتفل الناس بذلك، وعَزّوا ولده شهاب الدين، ورسم له بمنصب أبيه في التوقيع، وخلع عليه، وذهب الناس لتهنئته بذلك (٥).

شهر ربيع الآخر وأوله الأحد، وفي مستهله وقع حريق عظيم بسفح قاسيون احترق به سوق الصالحية الذي بالقرب من جامع المظفّري، وكانت جملة الدكاكين التي احترقت قريبًا من مئة وعشرين دكانًا، ولم


(١) في ط: العمالين بالفول وهو تحريف.
(٢) الدارس (١/ ٥٥٢).
(٣) ترجمته في: الذيل ص (٢٣٨) والوفيات لابن رافع (١/ ٤٥١) والنجوم الزاهرة (١٠/ ١٠٨) وشذرات الذهب (٦/ ١٤١)، وهو منسوب إلى سَرُوج مدينة بنواحي حران.
(٤) ترجمته في أعيان العصر ٢/ ١٢ - ٢٨، والدرر ١/ ٤٦٤، وتاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٣٦٩.
(٥) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل من قوله وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره.

<<  <   >  >>