للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم اشتهر في ربيع الآخر قَتْلُ السُّلطان أحمد، وحَزُّ رأسه، قيل: وقطع يديه، ودَفْنُ جثته بالكَرَك، وحَمْلُ رأسه إلى أخيه الملك الصالح إسماعيل، وحضر بين يديه في الرابع والعشرين من هذا الشهر ففرح النَّاسُ بذلك.

ودخل الشيخ أحمد الزُّرَعي (١) على السلطان الملك الصالح فطلب منه أشياء كثيرة، من تبطيل المظالم ومكوسات وإطلاق طبلخانات للأمير ناصر الدين بن بكتاش، وإطلاق أمراء محبوسين بقلعة دمشق وغير ذلك، فأجابه إلى جميع ذلك، وكان جملة المراسيم التي أجيب فيها بضعة وثلاثين مرسومًا.

فلما كان آخر شهر ربيع الآخر قدمت المراسيم التي سألها الشيخ أحمد من الملك الصالح، فأمضيت كلها، أو كثير منها، وأفرج عن صلاح الدين بن الملك الكامل، والأمير سيف الدين بلك (٢) في يوم الخميس سلخ هذا الشهر، ثم روجع في كثير منها وتوقف حالها.

وفي هذا الشهر عُملت منارة خارج باب الفرج، وفتحت مدرسة كانت دارًا قديمة، فجعلت مدرسة للحنفية ومسجدًا، وعملت طَهَارة عامة، ومصلى للناس، وكل ذلك منسوب إلى الأمير سيف الدين طُقْتَمُر (٣) الخليلي أمير حاجب كان، وهو الذي جدَّد الدار المعروفة به اليوم بالقصَّاعين.

وعمر في هذا الشهر ربع قبلي باب الجابية مما يلي تربة بهادرآص عملت أساساته في الخندق، وأسفله دكاكين، وأعاليه طباق، وذلك من إنشاء نائب السلطنة طُقُزتَمِر.

وفي هذا الشهر والذي قبله القتال والعشير قائم بجبل البقاع، والحرب بين الدرزية وأهل البقاع.

وأظهر الدرزية اعتقادهم - لعنهم الله - وأحضر إلي كتب من كتبهم ممّا نهبها أعداؤهم، فرأيت فيها عظائم وكفرًا بواحًا، وإفكًا صراحًا - لعنهم الله -.

والذي تقتضيه الأدلة قتالهم وقتلهم، وعدم قبول توبتهم لردّتهم وزندقتهم.

هذا كله والأمير شهاب الدين بن صبح مجرّد في تقدمته لقتالهم، وتسكين الحرب عنهم - لا سلّمهم الله -.

شهر جمادى الأولى، أوّله الجمعة في صبيحة ثامنه رفع الأمير أحمد بن مهنا إلى القلعة مضيقًا عليه، وكان قد قدم من البرية ومعه قوَدٌ وهدايا، وذلك بعدما حلفوا له وأمنوه، فلما حُجز استنكر كثير من الناس ذلك. ووقعت خبطةً في التجار الذين كانوا قد برزوا إلى القابون، فيقال: إن كثيرًا منهم رجع.


(١) هو: أحمد بن موسى الزُّرَعي الشيخ الصالح مات سنة (٧٦١) هـ الدرر الكامنة (١/ ٣٢٤).
(٢) في ط: بلو وهو تحريف، وهو بلك الجمدار الناصري. الدليل الشافي (١/ ١٩٩).
(٣) في ط: تقطم وهو تحريف. وهو طُقْتَمُر الخليلي صاحب المدرسة الخليلية بدمشق. الذيل ص (٢٥١). وسيأتي في وفيات سنة (٧٤٦) هـ.

<<  <   >  >>