للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طلب هائل، فاجتاز بها ذاهبًا إلى نيابة حلب المحروسة، وتلقّاه نائبُ السلطنة، وسلّم عليه الأمراء والقضّاة، وقبل قدومه بقليل طُلب فخر الدين أياس إلى الديار المصرية ليولّى نيابة صفد عوضًا عن أرغون شاه (١).

وفي شهر ربيع الأول أخذوا لبناء الجامع المجدَّد بسوق الخيل، أعمدة كثيرة من البلد، فظاهر البلد يعلِّقون ما فوقه من البناء ثم يأخذونه ويقيمون بدله دعامة، وأخذوا من درب الصيقل، وأَخَذوا العمود الذي كان بسوق العُلبيِّين الذي في تلك الدخلة على رأسه مثل الكرة فيها حديد، وقد ذكر الحافظ ابن عساكر أنه كان فيه طِلَّسْمٌ لعسر بَوْل الحيوان إذا دَارُوا بالدَّابة ينحلُّ أراقيها (٢).

فلمَّا كان يوم الأحد السابع والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة قلعوه من موضعه بعد ما كان له في هذا الموضع نحوًا من أربعة آلاف سنة والله أعلم. وقد رأيته في هذا اليوم وهو ممدود في سوق العلبيين على الأخشاب ليجروه إلى الجامع المذكور من السوق الكبير، ويخرجوا به من باب الجابية الكبير فلا إله إلا الله. وفي أواخر شهر ربيع الآخر ارتفع بناء الجامع الذي أنشأه النّائب، وجفت العين التي كانت تحت جداره حين أسسوه ولله الحمد.

وفي شر ربيع الأول أوله الأربعاء وردت الأخبار من الديار المصرية بمَسْك جماعة من أعيان الأمراء كالحجازي وآقسُنْقُر الناصري (٣)، ومن لفَّ لفهما، فتحرّك الجند بالشام ووقعت خبطة.

شهر جمادى الأولى أوله الخميس استهلّ الجند في حركة شديدة، ونائب السلطنة الأمراء إلى دار السعادة بسبب ما وقع بالديار المصرية، وتعاهد هؤلاء على أن لا يُؤذى أحدٌ، وأن يكونوا يدًا واحدة، وفي هذا اليوم تحول ملك الأمراء من دار السعادة إلى القصر الأبلق واحترز لنفسه، وكذلك حاشيته.

وفي هذا اليوم لبس خلعة نظر الدواوين القاضي شمس الدين بن التاج إسحاق الذي كان ناظر الجيش بدمشق من مدّة سنين، ثمّ تنقّلت به الأحوال إلى الإمرة والإقامة بالديار المصرية (٤).

وفي يوم الأربعاء (٥) الرابع عشر منه قدم أمير (٦) من الديار المصرية على البريد ومعه كتاب من السلطان فيه التّصريح بعزل ملك الأمراء يَلْبُغا نائب الشام، فقرئ عليه بحضرة الأمراء بالقصر الأبلق، فتغمَّم لذلك وساءه، وفيه طلبُه إلى الديار المصرية على البريد ليولَّى نيابة الديار المصرية، والظاهر أن ذلك خديعة له


(١) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل من قوله: وفي يوم الإثنين: الخامس والعشرين منه.
(٢) مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر لابن منظور (١/ ٢٧٢)، ولا شك أن هذا من الخرافات.
(٣) النجوم الزاهرة (١٠/ ١٥٩) وفيه: كان مسكهما في يوم الأحد تاسع عشر ربيع الآخر وقطعًا بالسّيوف قطعًا.
(٤) ليست في أ وب وط. وهي في الأصل.
(٥) الذيل للحسيني ص (٢٦٠ - ٢٦١) وتاريخ ابن قاضي شهبة ٢/ ٥٠٥.
(٦) هو: أراي أمير أخور.

<<  <   >  >>